سألتنى المذيعة الشاطرة النابهة المثقفة منال ماجد فى برنامجها الذى يذاع على أثير ام الإذاعات «صوت العرب» عن دور كُتاب الرأى للمساهمة فى الحفاظ على الأخلاق والقيم؟ . وظنى أن هذا السؤال ينطبق عليه تعريف الأديب العالمى صاحب نوبل نجيب محفوظ عندما قال إن العبقرية دائماً تكمن فى السؤال . فالدور الأساسى لأى مبدع سواء كان كاتباً أو صاحب رأى، أو فناناً ،هو ترسيخ قيم الأخلاق والقيم الحميدة والعمل على نشرها، وتوظيف كل أدواته الإبداعية لتحقيق هذا الهدف الأسمى.. ونظلم تعبير حرية الإبداع عندما نختزله فى أن نترك الخيال إلى الشطط أو الخروج عن المألوف فى القيم والمبادئ والأخلاق دون حدود ودون رقابة ذاتية، فقلة الأدب لايمكن أن نسميها إبداعاً..وخدش الحياء، لا يمكن أن نصفه بالحرية.. والوصف الإباحى ليس جراءة، والمشاهد الساخنة ليست واقعية، فكلما كانت حرية الإبداع والكتابة بصفة خاصة، مغلفة بالأخلاق كانت أكثر تأثيراً، وأطول أمداً وبقاءً وتجعل المجتمعات أكثر صلابة وتماسكاً واستقراراً وإنتاجاً ،بل إنها تعكس مدى مهارة وحرفية الكاتب أو الرسام أو المصور أو الممثل، فى توصيل رسالته. وأرى أن أى كاتب يسعى إلى الابتذال أو استخدام أساليب إيحائية لجذب المتلقي، لايكون مبدعاً لأنه عجز عن وصف المعنى الذى يريده بطريقه نظيفة.. ولنا فى الإبداع القرآنى أسوة حسنة ويبقى دائماً لله المثل الأعلى ،ففى سورة يوسف آيات محكمات تصف كيف راودت المرأة سيدنا يوسف ،ولا يمكن لأحد أن يقرأ هذه الآيات وتثار غرائزه.. إذاً فلابد أن نختار اللغة المناسبة التى نصف بها أى معنى أو أى صورة حياتية بأدب دون ابتذال ،ودون أن نخدش حياء من يقرأ ما نكتبه، أو من يشاهد مانقدمه، وهنا تكمن حرية الإبداع الحقيقية. وعندما وصف الله جل جلاله أشرف الخلق وخاتم النبيين، وصاحب الإسراء والمعراج الذى وصل إلى سدرة المنتهي،قال «وانك لعلى خُلُق عظيم «،فمن ذا الذى يأبى أن يتصف بصفات نبينا ومولانا محمد ويكون على خُلُق . ما أحلى أن نتحلى جميعاً بالخُلُق فى علاقاتنا الأسرية وفى العمل وفى الشارع ومع الأصدقاء والجيران. ستظل الأخلاق هى الفارق الحقيقى بين الإنسان والحيوان. لا حياة بلا اخلاق .