قمر الدم

بعد الاختصار

هذا التكتل كان فى الماضى مجرد فكرة نظرية واليوم تجسد فى استعراض عسكرى ضخم عرضت فيه بكين أسلحة أخرجتها للعالم من مخبأ «الحاوى»
العالم الليلة سيكون على موعد مع خسوف أحمر كامل للقمر فى ظاهرة طبيعية يطلق عليها اسم «القمر الدامى» يظهر واضحًا فى دول وأخرى لا.. أساطير كثيرة نسجت حول هذا الحدث الفلكى العجيب وقيل إنها دائمًا ما ترتبط بحدث نادر ومهم ومصيرى.. تحدث تلك الظاهرة التى تلون قمر الأرض باللون الأحمر عندما تتوافر أربعة شروط أساسية وهى أن تصطف الشمس والأرض والقمر على خط واحد تمامًا بهذا الترتيب ولا بد مع هذا الاصطفاف أن يكون القمر فى طور البدر.
فى معظم الحضارات القديمة ارتبطت تلك الظاهرة بعلامات وأحداث مهمة وبالكثير من القصص والروايات وفى الأساطير الإفريقية يعتبر «القمر الدامى» تعبيرًا عن غضب إلهى يستدعى الصلاة وتقديم القرابين، أما المصرى القديم فكان يعتبرها علامة مقدسة ويرى فيها من العلامات التمهيدية لقرب نهاية حقبة ودخول حقبة جديدة، حيث تليها أحداث كبيرة ومع حدوثها يجب الانتباه لكل ما هو قادم.
وهناك فى التلمود ما يسمى بنبوءة «القمر الدموى» وهو ما يشير إلى أهمية هذه الظاهرة عند اليهود، حيث جاء أن خسوف القمر العادى بشكل عام هو نذير شؤم لشعب إسرائيل إلا عندما يكون القمر لونه كالدم أو الخسوف الدموى فهذا يعنى أن هناك حربًا مصيرية قادمة لليهود.
وعلى الرغم من القصص الأسطورية والنبوءات العديدة عن تلك الظاهرة عبر العصور فإن التأمل فيها قد يأتى ليعبر عن حالة وواقع نعيشه.. أتخيل القمر سيصبح الليلة مرآة تعكس صور أنهار الدم التى تجرى منذ عامين فى غزة أمام أنظار العالم.. أتمنى أن يرى العالم هذه الظاهرة ويتذكر الدماء التى تسيل على أرض غزة، حيث تحولت المدينة الصغيرة إلى محرقة حقيقية دفع فيها إنسان غزة ثمنًا باهظًا من حياته وكرامته.. غزة اليوم هى مرآة ذلك القمر الدامى، حيث تعكس أعمق تناقضات العالم، أتمنى أن يدرك أصحاب القرار فى الولايات المتحدة أنهم يدعمون بكل قوتهم كيانًا يحطم كل مبادئ الأمة الأمريكية والعالم الغربى وأنهم شركاء فى هذه المأساة وأنهم غارقون فى أكاذيب سفاح القرن نتنياهو.
لا أتمنى بالطبع أن تصدق نبوءات قيام حروب دموية كبرى لكن بعيدًا عن أى تكهنات فالواضح أمامنا اليوم أن القوى العالمية الكبرى تتهيأ لحدث كبير وقد ظهر ذلك جليًا فى العرض العسكرى الصينى المهيب الذى كان حديث العالم الأسبوع الماضى وفيه قال الرئيس الصينى شى جين بينج خلال العرض «إن صعود الصين أمر لا يمكن إيقافه» وإلى جانبه كان يقف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون ووقف الثلاثى معًا على منصة واحدة لأول مرة فى رسالة واضحة للنظام العالمى الغربى الذى تقوده الولايات المتحدة.
الاستعراض العسكرى بهذه القائمة من المدعوين إشارة قوية إلى تحالف جديد يهدف إلى مواجهة الهيمنة الأمريكية.. هذا التكتل كان فى الماضى مجرد فكرة نظرية واليوم تجسد فى استعراض عسكرى ضخم عرضت فيه بكين أسلحة أخرجتها للعالم من مخبأ «الحاوى» وهى تضم صواريخ باليستية عابرة للقارات قادرة على الوصول لعمق الولايات المتحدة وأخرى فرط صوتية يمكن إطلاقها من السفن أو الطائرات لإلحاق أضرار بالغة بالسفن الكبيرة وهى جزء أساسى من استراتيجية الصين لمواجهة التفوق البحرى الأمريكى ومسيرات عملاقة قادرة على حمل رؤوس نووية وطائرات الشبح الهجومية والذئاب الروبوتية التى يمكن استخدامها لمطاردة جنود العدو وأسلحة الليزر الموجهة القادرة على تعطيل أو إحراق الإلكترونيات بتكلفة منخفضة لكل طلقة..
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أدرك الأمر وكتب على منصته تروث سوشيال: «يبدو أننا فقدنا الهند وروسيا لصالح الصين العميقة والمظلمة، أتمنى لهما مستقبلًا طويلًا ومزدهرًا معًا!» وهو مؤشر على تحول استراتيجى فى التحالفات الدولية.. بقى أن نشير إلى أن ظهور القمر الدامى فى الحضارة الصينية كان علامة على أحداث قادمة. وغالباً ما كان الصينيون يقرعون الطبول والأجراس لإجبار التنين العملاق على إطلاق القمر من فمه بعد أن ظن أنه ابتلعه للأبد.
دعاء الخسوف:
الحمد لله حمدًا دائمًا طاهرًا طيبًا مباركًا فيه، اللهم ارحم أمة سيدنا محمد رحمة عامة كافة، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك.