من وجهة نظرى -التى دائما ما تؤكدها الأحداث على أرض الواقع-أنه عندما تغيب الانسانية عن أى قرار او حدث، فإننا نصطدم بما لا يحمد عقباه من نتائج سلبية، وهذا ما ظهر بوضوح فى الحادثة المفجعة، التى تناولها الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعى، والتى فقدت خلالها سيدة حياتها بسبب غياب الانسانية، فمنذ ايام فوجئت الراحلة الاستاذة عبير الاباصيرى كبير معدى برامج بالتليفزيون المصرى بأزمة صحية شديدة، ولأنها تقيم بمفردها ولم يكن لديها مَن يصطحبها إلى اقرب مستشفى لنجدتها سوى ابن الجيران الذى يبلغ من العمر 16 عاما وبالفعل ذهبا الى مستشفى «الهرم»، الذى قرر الاطباء بعد فحص الحالة انها مصابة بجلطة، ويجب ايداع مبلغ 1400 جنيه فى خزينة المستشفى لبدء العلاج، ولم يكن لدى الراحلة او الطفل المرافق لها هذا المبلغ، وهنا يظهر الموقف غير الانسانى على الإطلاق لأطباء ومسعفى المستشفى، الذين رفضوا اسعاف الحالة «الحرجة جدا» إلا بعد استلام المبلغ الزهيد وظل هذا الحوار مستمرا لمدة 6 ساعات، التى كانت كافية بأن تفقد الراحلة حياتها، وهى التى تبلغ من العمر 54 عامًا. وبالرغم من قرار الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة بضرورة استقبال الطوارئ بالمستشفيات العامة والخاصة للحالات الحرجة ومصابى الحوادث وعلاجهم إلا أن القرار لم ينفذ.. وأنا هنا لا اتحدث عن موقف إدارة المستشفى فقط، ولكنى أتساءل: ألم يكن بين فريق لعمل رجل أو سيدة بدرجة «إنسان» ليتعامل مع الحالة من هذا المنطلق، ويتم إسعافها أولًا ثم يحصل على المستحقات المالية وربما أكثر لاحقًا؟. هذا هو المثال الواقعى لما يتسبب فيه غياب «الإنسانية» لدى الإنسان.