سميحة شتا انعقدت قمة منظمة شنغهاى للتعاون لعام 2025 الأسبوع الماضى فى ظل بيئة دولية معقدة ومشحونة بالتحديات، حيث فرضت الحرب الأوكرانية وتداعياتها على الأمن الأوروبى - الآسيوى نفسها على جدول الأعمال، إلى جانب تصاعد التنافس بين الصينوالولاياتالمتحدة فى آسيا، وما يرافقه من انعكاسات على موازين القوى الإقليمية. كما ناقشت القمة ملفات الأزمات الاقتصادية العالمية، وأمن الطاقة فى ظل تقلبات الأسواق، والأمن السيبرانى باعتباره أحد أبرز ساحات الصراع الجديدة، إضافة إلى الملف الإيرانى الذى حضر بقوة فى مداولات القادة، سواء من زاوية العقوبات والبرنامج النووى أو من زاوية دور طهران فى الإقليم. اقرأ أيضًا| شبكة أمريكية: ترامب يخشى أن تؤثر العقوبات على روسيا في مفاوضات أوكرانيا وتنبع فعالية منظمة شنغهاى للتعاون فى هذا الصدد من «روح شنغهاى»، وهى مجموعة من المبادئ التأسيسية التى تتميز بالثقة المتبادلة، والمنفعة المتبادلة، والمساواة، والتشاور، واحترام تنوع الحضارات، والسعى إلى التنمية المشتركة. ويرى موقع TEHRAN TIMES أن هذا الإطار التوجيهى يُمكّن منظمة شنغهاى للتعاون من إدارة مجموعة واسعة من الدول ذات الأنظمة السياسية والاقتصادية المختلفة والمصالح المتباينة. ويضمن نهج المجموعة القائم على التوافق فى اتخاذ القرارات صوتًا موحدًا، وهو أمر بالغ الأهمية فى عالمٍ ملىء بالتوترات الجيوسياسية.. وباستغلال هذه القوى، أعربت منظمة شنغهاى للتعاون عن قلقها البالغ إزاء تصاعد التوترات فى الشرق الأوسط، وأصدرت إدانة نادرة وقوية للضربة العسكرية الأمريكية على ثلاث منشآت نووية إيرانية فى يونيو، ووصفتها بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولى وعمل مدمر ضد السلام العالمى. إن موقف المنظمة ضد الأحادية يؤكد التزامها بالتعددية - وهو مبدأ يزداد أهمية مع تحول العالم من نظام دولى أحادى القطب، والذى تم تحديده إلى حد كبير من خلال الهيمنة الغربية بعد الحرب الباردة، إلى نظام أكثر تعددية الأقطاب.. يتجلى هذا التحول بوضوح أكبر فى التشكيلة المتنوعة وغير المسبوقة من المشاركين فى القمة. فبالإضافة إلى قادة الدول الأعضاء، مثل الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى، استقطب التجمع قادة من آسيا الوسطى وجميع دول جنوب شرق آسيا تقريبًا.. وخلال هذه القمة، أعلن الرئيس الصينى شى جين بينج أن الصين تخطط لتسريع إنشاء بنك للتنمية وإقامة منصة دولية للتعاون فى مجال الطاقة، وذلك خلال قمة تمثل تحديا ناشئا للزعامة العالمية للولايات المتحدة بمشاركة روسياوالهند. اقرأ أيضًا| روسيا تعاكس الاتجاه.. لماذا يوافق بوتين على انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي؟ يسعى شى إلى توسيع نطاق منظمة شنغهاى للتعاون. فقد أعلن عن خطط أولية لإنشاء بنك تنمية تديره المنظمة، وقدّم منصة تعاون للصناعات الخضراء وصناعات الطاقة، وتعهد بتقديم قروض بقيمة 1.4 مليار دولار أمريكى على مدى السنوات الثلاث المقبلة لأعضاء المنظمة.. وأعرب بوتن عن دعمه لمبادرات شى، قائلا إنه يعتقد أن منظمة شنغهاى للتعاون «يمكن أن تتولى الدور القيادى فى الجهود الرامية إلى تشكيل نظام أكثر عدالة ومساواة للحكم العالمى فى العالم». ويقول موقع «سى إن أن» إنه قد أظهرت لمحات من أنشطة الزعماء فى الأيام الأخيرة روح الرفقة القوية بين المجتمعين، حيث استقبل رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى وبوتن شى بحماس، واحتضن مودى بوتن، ومد الزعماء أيديهم لتحية الزعيم الروسى بينما كان يسير جنبًا إلى جنب مع شى. وقد دعا الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان منظمة شنغهاى للتعاون إلى اتخاذ خطوات ملموسة نحو تعزيز التعاون الاقتصادى بين الدول الأعضاء خلال كلمته فى قمة منظمة شنغهاى للتعاون التى عقدت فى الصين فى الأول من سبتمبر، حسبما ذكر الموقع الرسمى للرئاسة. وأكد بزشكيان الدور الاستراتيجى لإيران فى الربط الإقليمى، مشيرا إلى أن ميناء تشابهار الواقع فى جنوب شرق البلاد سيتم ربطه قريبا بشبكة السكك الحديدية الوطنية، مما يعزز الوصول بين الصين وآسيا الوسطى والمحيط الهندى. وفى بيان مشترك، أدانت الدول الأعضاء فى منظمة شنغهاى للتعاون الضربات العسكرية التى وجهتها إسرائيل والولاياتالمتحدة ضد إيران فى يونيو 2025، ودعت إلى استئناف الحوار لمنع المزيد من التصعيد. وبينما نجحت روسيا فى استقطاب غالبية الأعضاء إلى مواقفها، تسعى الهند إلى الموازنة بين دعوتها للسلام والحفاظ على علاقاتها مع العاصمة الأوكرانية كييف، فى وقت تشترى فيه نيودلهى كميات كبيرة من النفط الروسى. دعت أوكرانيا أعضاء المنظمة إلى اتخاذ موقف واضح ورفض العدوان الروسى عليها. خلال قمة منظمة شنغهاى للتعاون، وصف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى بالصديق العزيز. واعتبر بوتين أن العلاقات بين البلدين تشهد تطورًا ديناميكيًا وغير مسبوق. كل هذا يعكس تضامنًا قويًا بين سياسات الدول النامية فى الجنوب العالمى، بقيادة ودعم الصين وحليفتها الوثيقة روسيا.. وفيما يتعلق بموقف الولاياتالمتحدة من تجمع دول الجنوب النامية فى مدينة تيانجين الصينية، اعتبرت واشنطن قمة منظمة شنغهاى للتعاون فى تيانجين غير مرحب بها، فى ظل هجمات الرئيس الأمريكى ترامب المتكررة على كتل الجنوب العالمى، وتهديداته بشل وعرقلة مجموعة البريكس من خلال الرسوم الجمركية العقابية، ووصفه لها بالسياسات المناهضة لأمريكا.