لم يخفِ مناحم بيجن نواياه فى التوسع الاستعمارى عن طريق اقتطاع أجزاء من الدول العربية المجاورة، وبغض النظر عن أن تصريحات نيتانياهو تأتى فى إطار الدعاية الانتخابية لتعزيز موقفه الانتخابى إلا أن مجرد هذا التفكير يعنى وجود قاعدة شعبية تحلم به، وهذه الوقاحة فى الإفصاح عن النوايا العدوانية تكسر وتحطم وتقضى على كل الحجج وتعلنها واضحة صريحة أن إسرائيل دولة تنمو وتتمدد على العدوان وعلى اغتصاب حقوق الغير معتمدة على دعم أمريكى بلا حدود، ولعل هذا يضع الصورة واضحة جلية أمامنا لأنه يبدد أى أوهام تتعلق بالدولة الصهيونية، فضلا عن أن نيتانياهو بهذا التصريح قد أعطى مشروعية لعملية طوفان الأقصى التى قامت بها حماس؛ لأنه ما دام الوضع هو التوسع والاعتداء، فإن الدفاع بالذراع هو أمر مشروع ومطلوب. وهكذا، فإن نيتانياهو بسبب حماقته قد أعطى تأييده لمنظمة حماس، لأن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد الذى يضع حدًا لأطماع الدولة الصهيونية. إن الأحداث والأوضاع الأمنية بالمنطقة خطيرة، والواضح هنا أن الدعاية الانتخابية قد جعلت نيتانياهو يطوح بعيدًا غير مدرك أنه بهذا التصريح قد وجه ضربة قاضية لكل القوى المحبة للسلام والتى كانت تتصور إمكانية التعايش بين إسرائيل وبين جيرانها العرب، وها هو نيتانياهو يكشف عن نواياه فى أن يقضم أجزءًا من الدول العربية لكى يصنع بها إسرائيل الكبرى، وذلك يثبت مرة أخرى أن نيتانياهو كائن خارج التاريخ. فقد اعتقد أن العرب سوف يتراجعون أمام تصريحاته وطموحاته غير مدرك أن الجيش المصرى قد بلغ درجة من القوة واليقظة ومن الخبرة الميدانية التى تجعله قادرًا على حماية الحدود المصرية، ووضع حد لكل من يحاول الاعتداء عليها. لقد تغيرت الدنيا يا سيد نيتانياهو، فإذا كانت منظمة حماس على ضعف إمكانياتها قد استطاعت أن توجه ضربات صاروخية إلى تل أبيب، وإذا كان الحوثيون فى أقصى اليمن قد وجهوا ضربات قاصمة إلى إسرائيل وأغلقوا باب المندب فى وجه السفن المتوجهة إلى إسرائيل، فما بالك لو أن قواتك واجهت جيشًا عالى التدريب متفوق التسليح مثل الجيش المصرى. إنك بهذه الحماقة التى تصرح بها سوف تضع نهاية لوجود دولتك، ما دمت تجهر بالعداء وتفصح عن المطامع وتطيح بكل إمكانيات السلام فى هذه المنطقة الملتهبة من العالم.