أمدّونا بكل ما نحتاجه فى عملية تسجيل بعض العناصر التُراثية فى اليونيسكو فى السنوات الماضية خصصت جريدة الجمهورية فى عدد الثلاثاء الثانى من سبتمبر صفحة كاملة لقضية جمعية المأثورات. حيث كتب الزميل جمال فتحى شاكرًا وزير الثقافة لأنه كلَّف مستشارته الباحثة المرموقة الدكتورة نهلة إمام بالتوضيح والرد على ما جاء على لسان ضيف الجمهورية الدكتور حنا نعيم فى حوار الجريدة معه السابق حول مصير أرشيف المأثورات الشعبية الذى تحتكره كاملاً الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية - وقد كلَّفها وزير الثقافة بالرد والتوضيح على ما نُشِر- والجمعية كان يرأسها أستاذ الأدب الشعبى الراحل الدكتور أحمد مرسى. ثم آلت لتلاميذه، وإن كان المحرر ما زالت لديه أسئلة يطلب من وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو الإجابة عنها. أما الدكتورة نهلة، وهى ابنة أستاذى عبد الله إمام الذى تعلَّمت منه مع صديق العُمر جمال الغيطانى معظم ما تعلمناه فى حياتنا، والمحرر يذكر أن هناك مناسبتين جديرتين بالاهتمام أنتجتا هذا الحوار الثرى مع مستشارة وزير الثقافة وخبيرة التراث الثقافى غير المادى باليونيسكو الدكتورة نهلة إمام. أستاذة المعارف الشعبية والعادات والمعتقدات. والدكتورة نهلة نائبة رئيس الوفد المصرى، كما تم اختيارها عضوًا بلجنة التقييم الدولية باليونيسكو عن المجموعة العربية، وعضويتها بالكثير من اللجان الخاصة بالتراث والفنون والمعتقدات الشعبية. قالت إن أرشيف الجمعية المصرية ليس كله أرشيف مصر، فأرشيف مصر هائل ولا يمكن حصره، وإن الأرشيف الذى موَّله الصندوق العربى للتنمية بمعرفة الدكتور أسعد نديم رحمه الله، عليه نتاج جهد وعمل ثلاث سنوات، وهو لا يُمثِّل من تُراث مصر إلا نقطة فى بحر. ويحتاج إلى تحديث كبير، وبعض عناصره لو وُضِعت على الإنترنت بهذا الشكل، فهو تشويه له. وهذا الأرشيف هو الوحيد فى مصر الذى خصَّص قِسمًا للمعارف الشعبية، والتى تحظى باهتمامٍ كبير فى العالم كله. ومن حسن الحظ أن الدكتور أسعد نديم وقَّع بروتوكول تعاون للمأثورات الشعبية برئاسة الدكتور الراحل أحمد مرسى، وهى منظمة مجتمع مدنى غير خاضعة لوزارة الثقافة، وعبر هذا البروتوكول آلت نسخة من مواد الأرشيف للجمعية. وبعد رحيل الدكتور أسعد نديم، كان لابد من مواصلة الجهد، حيث يتم الآن إعداد بيت التراث المصرى، وعند تجهيزه ستأخذ الجمعية نسخة منه، وأعتقد أنهم لن يتأخروا أبداً، بل وأمدّونا بكل ما نحتاجه فى عملية تسجيل بعض العناصر التُراثية فى اليونيسكو فى السنوات الماضية. والمطلوب الآن أن يوضع على الإنترنت. وقد تمت إتاحته بهذا الشكل، والمادة تحتاج إلى جهود الباحثين. فنحن نسعى لتسجيل عُنصُر جديد فى اليونيسكو بتعاون عربى مشترك، حيث قامت الدكتورة نهلة بالنزول للميدان للبحث واستكمال الملف، واستكمال الجهد الذى بدأ يحتاج ميزانية، وسيحاولون فعل هذا بعد الانتهاء من بيت التُراث المصرى الذى يتطلب مكاناً آمناً نأمن فيه على ما نجمعه من التُراث، وقد بدأوا بحشد كل من لديه شىء جدير أن يضمه للبيت، وإن كانت ليست له سُلطة لإجبار أحد أن يعطيه ما لديهم من مادة. إنهم فقط يخاطبون الضمير والحس الوطنى، مع العلم أن جمع التُراث غاية لا تُدرك كلها، وكل ما نستطيع القيام به هو الإسهام فى ذلك. وتقول الدكتورة نهلة إنهم نجحوا فى السنوات الأخيرة أن يسجلوا فى اليونيسكو 10 عناصر تراثية لم تكن مُسجَّلة من قبل. وذلك إنجاز طيب ورائع، وعلى المصريين جميعًا وليس التراثيين فقط الاهتمام به والإعلاء من شأنه. فمصر دولة حضارة إنسانية كُبرى، سجَّل لها التاريخ ما قامت به من جهدٍ عظيم. والجمعية لا يوجد لوزارة الثقافة سُلطان عليها. إن الاهتمام بالعمارة البيئية يتزايد، وكثير من كليات الهندسة المصرية خصصت لها أقسامًا، والدولة المصرية الراهنة تسعى بشكلٍ جيد ومُتزايد للاهتمام بذلك التوجه. هناك قرية النزلة فى الفيوم وهى كلها من الفُخَّار البدوى، وقرية حسن فتحى. وتقول صاحبة الحوار إن نصيحتها للمسئول اسمعوا أكثر للأنثروبولوجيين، اسمعوا لعُلماء الاجتماع. إن مصر الدولة تقوم بتطهير الترع وتوسيعها. بينما يستقر فى وعى وتُراث الفلاح أن يُلقى مشيمة الحيوان فى الترعة، اعتقادًا منه أن هذا يُزيد لبنها، وهذا تعارض يجب ألا نلجأ إليه. وأن يكون اللجوء للمتخصصين فقط حتى يُصبح لجهد الدولة من أجل حفظ تُراثها معنى ونتيجة.