في أمسية مهيبة احتضنتها السفارة الفرنسية بالقاهرة، توجت فرنسا مسيرة الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار الأسبق، ومن أبرز علماء المصريات في العالم، بمنحه وسام جوقة الشرف برتبة فارس، أحد أرفع الأوسمة الوطنية الفرنسية وأكثرها مكانة. لم يكن هذا التكريم مجرد احتفاء بمسيرة أكاديمية وثقافية استثنائية فحسب، بل كان أيضًا رسالة واضحة على تقدير العالم لإنجازاته الممتدة في خدمة الحضارة الإنسانية، وتجديدًا للدعم الدولي لترشحه لمنصب المدير العام لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). لقد أتى هذا الوسام ليؤكد أن مسيرة الدكتور العناني لم تُبهر مصر وحدها، بل لامست العالم بأسره، ليصبح مرشحًا واعدًا لرئاسة أهم منظمة دولية تُعنى بالعلم والتعليم والثقافة. دلالات التكريم الفرنسي وسام جوقة الشرف (Légion d'honneur) ليس وسامًا عاديًا في فرنسا، بل يُعد قمة الهرم في منظومة الأوسمة الوطنية. أنشأه نابليون بونابرت عام 1802 ليكون رمزًا للتفوق والإسهام في خدمة الإنسانية والدولة. أن يُمنح هذا الوسام لشخصية ثقافية مصرية بحجم الدكتور خالد العناني يعني اعترافًا عالميًا بأهمية الدور الذي لعبه في تعزيز الحوار الثقافي بين مصر والعالم، وفي تعميق الروابط التاريخية بين القاهرةوباريس. وخلال الحفل الذي أقيم بمقر السفارة الفرنسية بالقاهرة، أكد السفير الفرنسي إيريك شوفالييه أن الوسام يأتي تقديرًا لمسيرة الدكتور العناني العلمية والثقافية والأكاديمية، وإشادة بدوره الممتد في تعزيز العلاقات المصرية–الفرنسية على مدى أكثر من ثلاثة عقود. الوسام تكريم مرتين للمرة الأولى، هو تكريم لشخصية أكاديمية بارزة قدمت إسهامات غير مسبوقة في علم المصريات، وأثبتت أن الثقافة يمكن أن تكون جسرًا للسلام والتفاهم بين الشعوب. للمرة الثانية، هو تكريم لمصر ذاتها، حضارةً وثقافةً وقوةً ناعمةً، حيث يرى المراقبون أن فرنسا في منحها هذا الوسام تُكرم الدور التاريخي لمصر القومي للمرأة يهنئ النائبة الدكتورة جيهان زكي بمنحها وسام «جوقة الشرف» في صياغة الهوية الإنسانية، وتجدد ثقتها في قدرتها على قيادة مؤسسات دولية كبرى مثل اليونسكو. علاقة الوسام بترشيح اليونسكو لم يأت منح الوسام في هذا التوقيت مصادفة؛ بل جاء ليؤكد الدعم الفرنسي القوي لترشيح الدكتور خالد العناني لقيادة منظمة اليونسكو خلفًا للفرنسية أودري أزولاي، التي تنتهي ولايتها في خريف 2025. وقد أشار السفير الفرنسي بوضوح إلى أن بلاده ترى في العناني شخصية مثالية تجمع بين الخبرة الأكاديمية والقيادة التنفيذية والدبلوماسية الثقافية، ما يجعله مؤهلًا لقيادة المنظمة في مرحلة شديدة الحساسية عالميًا. السيرة المهنية للدكتور خالد العناني أستاذ علم المصريات بجامعة حلوان. مدير المتحف المصري بالقاهرة سابقًا. مدير المتحف القومي للحضارة المصرية. وزير الآثار ثم وزير السياحة والآثار حتى عام 2022. أبرز إنجازاته: - المتحف المصري الكبير: المشروع الثقافي الأضخم عالميًا، والذي يمثل نقلة نوعية في عرض حضارة مصر القديمة. - موكب المومياوات الملكية: الحدث العالمي الذي خطف أنظار الملايين في إبريل 2021، وجعل القاهرة مركز الاهتمام الإعلامي عالميًا. - احتفالية طريق الكباش: التي أبرزت مدينة الأقصر كأكبر متحف مفتوح في العالم. - المعارض الدولية: وعلى رأسها معرض "توت عنخ آمون: كنوز الفرعون" في باريس 2019 الذي حقق رقمًا قياسيًا غير مسبوق (1.4 مليون زائر). الأوسمة والتكريمات الأخرى وسام الفنون والآداب من فرنسا. وسام الشمس المشرقة من اليابان. وسام الاستحقاق من بولندا. تكريم من منظمة السياحة العالمية. هذه التكريمات تعكس مكانته ليس كعالم آثار فحسب، بل كرمز عالمي للقوة الناعمة المصرية. اليونسكو في مفترق طرق اليونسكو، التي تأسست عام 1945، تواجه اليوم تحديات كبرى: تراجع التمويل. الحاجة إلى حياد سياسي أكبر. تعزيز التعليم الرقمي. حماية التراث الثقافي المهدد بالنزاعات. ترشيح الدكتور العناني يأتي في لحظة فارقة؛ إذ يمثل رؤية جديدة قائمة على الدمج بين الحفاظ على التراث والابتكار في التعليم. الدعم الدولي لترشيح العناني فرنسا: أعلنت رسميًا دعمها لترشحه. روسيا: عبرت عن أملها في أن يتولى المنصب. الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية: أكدا دعمهما له باعتباره ممثلًا عن أفريقيا والعالم العربي. عدد من الدول الكبرى: تتجه إلى مساندته باعتباره مرشحًا يجسد قيم الحياد الثقافي. 1. ما مكانة وسام جوقة الشرف في فرنسا؟ يُعد أعلى وسام وطني، ويُمنح لشخصيات تركت بصمة بارزة في مجالات متعددة. 2. ما سبب منح الوسام للعنانى؟ إسهاماته في الثقافة العالمية، ودوره في تعزيز العلاقات المصرية–الفرنسية. 3. كيف تعزز الأوسمة الفرنسية الدبلوماسية الثقافية؟ باعتبارها وسيلة لبناء الثقة وتوطيد العلاقات بين الشعوب بعيدًا عن السياسة المباشرة. 4. من يدعم ترشيحه لليونسكو؟ فرنسا، روسيا، الاتحاد الأفريقي، جامعة الدول العربية، وعدة قوى دولية. إن تكريم الدكتور خالد العناني بوسام جوقة الشرف الفرنسي مرتين بالمعنى الرمزي: تكريمًا لمسيرته ولبلده، يمثل إشارة واضحة على أن العالم يترقب قيادته لليونسكو. ففي شخصيته يلتقي العالم الأكاديمي بالدبلوماسي الثقافي، ويلتقي الإرث المصري العريق بالرؤية العالمية للمستقبل. وإذا ما انتُخب، فسيكون أول عربي يقود المنظمة الأممية منذ تأسيسها قبل 78 عامًا، وهو ما يجعل رحلته ليست مجرد منافسة على منصب، بل مشروعًا حضاريًا عالميًا جديدًا لمصر وللإنسانية.