هو جواهرجى الخديو إسماعيل ثم سلاطين وملوك مصر والأمراء والباشوات والرؤساء، هو من اشترى الرئيس السادات هدية زواجه «الشبكة» من عنده كما هو مثبت فى مذكرات السيدة جيهان السادات «بالاسم»، هو جواهرجى زوجتى الرئيسين السابقين السادات ومبارك لأكثر من 40 عامًا، هو جواهرجى «الست» أم كلثوم ونجمات مصر لقرن من الزمان.. هو موضع ثقة ملك إيطاليا وأمراء بلجيكا ورجال وسيدات الأعمال والمشاهير وأبناء العائلات على مر أكثر من 125 عامًا .. ويكفيه كل ذلك ليسجل اسمه فى كتاب تاريخ مصر المعاصر كأشهر وأقدم جواهرجى فى المحروسة. المحل فى حد ذاته المؤسس عام 1900م بديكوره ذى اللون الأسود اللامع والخطوط المذهبة بدقة وأناقة، ودواليبه وكراسيه ومكاتبه وخزائنه العملاقة العتيقة ولوحاته المزينة لحوائط المكان يمثل قطعة فنية تاريخية، تتجاوز بك الزمن إلى العصور الخديوية والملكية، إلى جمال ورقى الثلاثينيات وهدوء الأربعينيات وشياكة الخمسينات، بمجرد أن تخطو داخل المحل هناك «إحساس مختلف»، كل شىء كما هو منذ أكثر من 125 عامًا، حتى زى الموظفين «المنضبط» مازال يحمل عبق الماضى ونسماته.. ستائر خفيفة تظلل زجاج الأبواب العتيقة حتى لا يظهر لمن فى الخارج زبائن المحل المكون من طابقين يربطهما سلم داخلى «شيك»، الطابق الأول مقسم لجزءين خارجى لاستقبال عموم الزبائن وداخلى للصفوة وكبار العملاء، الأوسمة معلقة على الحوائط وقصاصات الصحف الأجنبية الشهيرة مثل الإندبندنت والتايمز التى كتبت عن المحل «مبروزة» أيضًا ومعلقة بجوار صور عتيقة للجدود من الجيل الأول. التقت «الأخبار» بالسيد بيير بايوكى كبير العائلة فى مصر والجيل الرابع من عائلة مصرية ذات أصول إيطالية بدأت أعمالها فى القاهرة قبل 125 عامًا على أقل تقدير «موثق»، المحل فى وسط البلد أنشئ عام 1900 ميلادية بالتمام لكن هناك نشاطًا تجاريًا لم يحتسب أيضًا قبل تلك الفترة للجد الأكبر.. ثم افتتح حديثًا فرع آخر فى الزمالك عام 2017م. استقبل فريق عمل «الأخبار» بترحاب شديد، أشعل «سيجارة» وبدأنا الحوار فقال بمصرية عامية منطلقة «أنا أمثل الجيل الرابع وسلمت الراية للجيل الخامس ابنى راؤول ليكمل مسيرة العائلة فى مصر.. ونحن عائلة «جواهرجية» بمعنى أننا متخصصون فى الألماس والمجوهرات ولسنا تجار ذهب أو صاغة، نحن أقدم جواهرجية فى مصر والجد الأكبر «باولو» وفد إلى مصر قبل تأسيس المحل بفترة كبيرة وكان يبيع المجوهرات والحلى الثمينة للخديو والعائلة المالكة، وهو ما شجعه لاحقًا على البقاء فى مصر وافتتاح المحل، ومن ثم اكتسبنا الجنسية المصرية، وسعداء جدًا جدًا بانتمائنا لهذا البلد العظيم رغم أننى وأبى حصلنا على أعلى الأوسمة من إيطالياوبلجيكا وفرنسا، وأتمنى من كل قلبى أن أنالها فى مصر، وافتخر بكل شهادة تقدير أحصل عليها هنا فى بلدى مصر». عن ذكرياته يحكى «مستر بيير» كما يناديه الجميع: «أتذكر كنت شابًا فى السادسة عشرة تقريبا وكانت السيدة أم كلثوم تزورنا فى المحل بشكل دورى لأن زوجها الدكتور الحفناوى كان صديقا مقربًا لأبى، وهى كانت تمر عليه بسيارتها الخاصة أحيانا تدخل المحل تتناول قهوة وينصرفان، فى أول مرة أراها وبالطبع هذه أم كلثوم لها هيبة وكاريزما طاغية أحببت أن أجاملها وأقدم لها فنجان القهوة بنفسى بدلا من ساعى المحل، ومن شدة انبهارى بها سقط الفنجان من يدى وانسكب على حذائها، أبى رمقنى بنظرة شديدة أما هى فابتسمت ولم تنطق، ومن يومها لم أقدم القهوة لأى شخص وحتى الآن». وتابع قائلًا: «قصة الرئيس السادات معروفة ومدونة فى مذكرات مدام جيهان، اختار محل بايوكى ليشترى هدية زواجه قبل أن يكون رئيسًا بالطبع فى مطلع الخمسينيات وكان عبارة عن «بروش» ذهب مرصع بالمجوهرات على شكل فراشة، وبالتأكيد لا تزال العائلة تحتفظ به، قرينتا الرئيس السادات ومبارك كانتا من أهم زبائن المحل على مدار أكثر من 40 عامًا، وكنت أذهب إليهما غالبا بنفسى لا يأتيان للمحل، ليس بالضرورة للشراء أحيانا كثيرة لتصليح بعض القطع الثمينة والباهظة الثمن التى تصاب بخدش أو خلل بسيط فى التركيب من الاستخدام، ونفس الأمر للست أم كلثوم فقد كانت تأتيها هدايا بالغة الرقى وثمينة جدًا من ملوك ورؤساء العالم وخاصة شاه إيران الذى كان يعزها جدًا، وزوجة الشاه أمبراطورة إيران وملك إيطاليا السابق كانا من زبائن المحل أيضًا».