كانت الإصابة ب الجدري المائي فيما مضى تُعتبر "مرحلة طبيعية" يمر بها الأطفال خلال طفولتهم، لكن ذلك على وشك أن يتغير قريباً. وأعلنت هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS) أنها ستبدأ اعتباراً من العام المقبل بتطعيم جميع الرضّع ضد الجدري المائي، في أكبر توسّع في برنامج تطعيمات الأطفال منذ عشر سنوات. ويؤكد الخبراء أن هذه الخطوة ستكون بمثابة "منقذ للحياة"، وستجعل من الجدري المائي مرضاً من الماضي. كما يرى الوزراء أن اللقاح، الذي تصل فعاليته إلى 98%، سيوفر ملايين الأيام الضائعة من المدارس ودور الحضانة، ويُجنّب الآباء والأمهات مشقة البحث عن رعاية بديلة أو التغيب عن العمل؛ بحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية. ورغم هذه الفوائد، تواجه الNHS تحدياً كبيراً يتمثل في تراجع إقبال العائلات على تطعيمات الأطفال. فقد أظهرت البيانات الصادرة مؤخراً أن نسب الحصول على لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR) انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 15 عاماً. فكيف يعمل لقاح الجدري المائي؟ وهل هو فعال مثل العدوى الطبيعية؟ وأي الأطفال سيكونون مؤهلين للحصول عليه؟ ما مدى انتشار الجدري المائي؟ يُعتبر الجدري المائي مرضاً شائعاً وخفيفاً نسبياً، يُصاب به معظم الأطفال في مرحلة الطفولة. لكن على الرغم من ذلك، يسبب المرض شعوراً عاماً بالإعياء ويجبر الأطفال على التغيب عن المدرسة أو الحضانة لعدة أيام. وبعض الآباء كانوا يلجأون عمداً إلى ما يُعرف ب "حفلات الجدري المائي"، حيث يتم تعريض أطفالهم للفيروس بهدف الإصابة المبكرة. ومع ذلك، قد يؤدي المرض في بعض الحالات إلى مضاعفات خطيرة مثل: الالتهاب الرئوي. التهاب الدماغ (التهاب دماغي أو Encephalitis). العدوى البكتيرية. وفي حالات نادرة، قد تكون هذه المضاعفات قاتلة، فمئات الأطفال يُنقلون سنوياً إلى المستشفيات بسبب أعراض حادة، ويُسجّل في إنجلترا وحدها حوالي 25 حالة وفاة سنوياً نتيجة الإصابة بالجدري المائي. كما يشكل المرض خطراً خلال الحمل، إذ يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات لكل من الأم والجنين. وتشير أحدث الإحصاءات إلى أن نحو 4 من كل 100,000 طفل دون سن الرابعة ممّن يزورون طبيب الأسرة في إنجلترا يُصابون بالجدري المائي، وفقاً لبيانات وكالة الأمن الصحي البريطانية (UKHSA). كيف يعمل لقاح الجدري المائي؟ اعتباراً من يناير المقبل، سيُدمج لقاح الجدري المائي (Varicella) مع لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR) ليُصبح في شكل جديد يُعرف ب لقاح MMRV، والذي سيحل محل اللقاح السابق MMR. اللقاح حيّ مُضعّف، أي أنه يحتوي على نسخة ضعيفة من فيروس الجدري المائي. لا يُنصح بإعطائه للأطفال الذين يعانون من ضعف المناعة بسبب أمراض مثل فيروس HIV أو بسبب علاج كيميائي. بهذا، ستنضم المملكة المتحدة إلى دول مثل ألمانيا، كندا، أسترالياوالولاياتالمتحدة، التي توفر التطعيم ضد الجدري المائي بشكل روتيني منذ سنوات. ورغم أن اللقاح لا يضمن مناعة مدى الحياة، إلا أنه يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة أو من شدة الأعراض إذا حدثت العدوى. اقرأ أيضا..سرطان البروستاتا.. أعراض قد تدل على الإصابة فعالية اللقاح ومقارنته بالعدوى الطبيعية نحو 90% من الأطفال الذين يتلقون جرعة واحدة من اللقاح يكتسبون مناعة. النسبة ترتفع عند الحصول على الجرعتين الموصى بهما. ومع ذلك، تشير الNHS إلى أن حوالي 75% فقط من المراهقين والبالغين الذين تلقوا التطعيم قد يظلون محميين، نظراً لاحتمال تراجع المناعة بمرور الوقت. أما في حالة الإصابة الطبيعية بالجدري المائي، فإن معظم الأطفال يطورون مناعة دائمة تمنع تكرار الإصابة في المستقبل. هل لقاح الجدري المائي آمن؟ يؤكد الخبراء مراراً أن اللقاح آمن للغاية. الأعراض الجانبية الشائعة: ألم أو احمرار في موضع الحقن. طفح جلدي خفيف. ارتفاع بسيط في درجة الحرارة. وهذه الأعراض عادةً خفيفة ومؤقتة، وتشبه إلى حد كبير الأعراض الجانبية لبقية اللقاحات. أما الآثار الجانبية الخطيرة مثل الحساسية المفرطة فهي نادرة جداً، وتحدث بمعدل حالة واحدة فقط لكل مليون شخص تقريباً. وقد تم إعطاء ملايين الجرعات من هذا اللقاح في دول مثل الولاياتالمتحدة (منذ 1995)، ولم يُسجل أي دليل على زيادة في المخاطر الصحية. ومع ذلك، فإن لقاح MMRV الجديد الذي تنتجه شركة Merck & Co قد يرتبط بزيادة طفيفة في خطر الإصابة بالتشنجات الحرارية. وتشير التقديرات الأمريكية إلى حدوث نوبة إضافية واحدة بين كل 2,300 جرعة يتم إعطاؤها؛ لكن لجنة التطعيم المشتركة في بريطانيا (JCVI) اعتبرت أن هذا الخطر ضئيل جداً ولا يثير أي قلق طبي. الدول التي تبنّت اللقاح بالفعل، سجلت انخفاضاً ملحوظاً في أعداد الإصابات وحالات الدخول إلى المستشفيات بسبب الجدري المائي.