هوالساخر، المتمرد، المعجون بالفن، الحالم بسماء لا سقف لها، وحرية بلا حدود. هو توليفة خاصة جدا من الدهشة، البراءة، الصدق الإنسانى الشديد. شاء قدره أن يولد فى قلب نهرمتدفق من النغم والكلمات، وسط شلال من المشاعر. ولد ابنا لقيثارة السماء فيروز، والعبقرى عاصى الرحبانى، فرضع الموسيقى قبل أن يلثم الثدى. بدأ فى التلحين فى الخامسة عشرة بأغنية شدت بها خالته هدى حداد، وفى السابعة عشرة كانت أول ألحانه ل»فيروز» عندما غنت «سألونى الناس». نجحت الأغنية نجاحا كاسحا، ثم توالت الأعمال المختلفة التى قدم من خلالها فيروز فى نسختها الجديدة، العصرية، التى لا تنفصل عن روح الرحبانية فى الإحساس والمشاعر، لكنها تشتبك مع الناس والحياة أكثر، وترتدى ثياب البساطة والعمق معا. إنه زياد الرحبانى الشاب الصغير الذى أحدث ثورة موسيقية وفنية ليس فقط على موسيقى الرحبانية الكبار، بل على مستوى العالم العربى كله. فنان شامل يحمل جينات الرحبانية الذين حباهم الله المواهب مكتملة، يكتبون الكلمات، يؤلفون الموسيقى، يمثلون على المسرح، يخرجون أعمالهم. زاد عليهم زياد إنه اشتغل فى الإذاعة، قدم زياد الرحبانى العديد من الأعمال الإذاعية، من أشهرها البرنامج السياسى الساخر «العقل زينة» الذى بثته إذاعة صوت لبنان وشكل علامة فارقة فى مسيرته الفنية. جسدت أعماله التجديد والابتكار فى الموسيقى، دمج الشرقى مع الغربى، تحاور الساكسافون والناى فى مقطوعة أبو على «بتفرد عبقرى». على جدران شقته علق صورا فوتوغرافية للأخوين الرحبانى، لينين، صور شخصية له، وصورة للموسيقار المصرى زكريا أحمد، الفنان العربى الوحيد الذى وضع صورته فى بهو شقته. وقال فى حوارات عديدة إنه تأثر بسيد درويش ومحمد عبد الوهاب. انعكس حب الموسيقى والطرب المصرى على موسيقاه وشخصيته، فكان فنانا ساخرا، بسيطا، متواضعا، يعيش الحياة بكل ذرة فى كيانه، لا يحسب الحسابات، وليس لديه حسابات شخصية على مواقع التواصل الاجتماعى. كل ما كان ينشر عنه عليها كان بواسطة معجبيه و أصدقائه. الإجماع العربى على الحداد من المحيط إلى الخليج حزنا على وفاته لم يحدث مثله منذ وفاة أم كلثوم وعبد الحليم حافظ. فقد أحبته الجماهير العربية، وخاصة أجيال الثمانينيات والتسعينيات، أعجبتهم موسيقى زياد الثورية وحبه للجاز ومزجه بالموسيقى الشرقية، أحبوا تعبيره عن القلق الذى ساد لبنان أثناء الحرب الأهلية. وسخريته المحببة من الأوضاع، ومعاناة شعب لبنان، والشعوب العربية. نزلت فيروز إلى الناس مع زياد وغنت أحلى الأغنيات: «سألونى الناس عنك يا حبيبى»، «عا هدير البوسطة «، «كيفك انت»، «عندى ثقة فيك»، «عودك رنان»، «قديش كان فى ناس»، «إيه فى أمل»، «الله كبير»، «صباح ومسا»، «سلملى عليه»، «حبيتك تانسيت النوم»، «قصة زغيرة»، « بتذكرك بالخريف»، وغيرها من الأغنيات التى عاشت فى قلوبنا ولاتزال.