مراجعة محركات البحث الإلكترونية، ومنصات الصحافة العالمية، بحثًا عن الأخبار المصرية، أبدًا لا تجد ما يسرك، نادرًا ما تتعثر فى خبر أبيض، خبر إيجابي، خبر يحمل بشرى سارة، خبر يشى بالتفاؤل، يسر القلب. تصدمك طائفة من الأخبار السوداء، قتل، سرقة، مرض، حوادث، طلاق، جواز، وكوكتيل من الفيديوهات السلبية، يؤمها متحدثون غريبو الأطوار، يبخون سمًا فى أنية الوطن. منصات الفضاء الإلكترونى تؤمها ذئاب ذوات أنياب صفراء متربصة، يستهدفون كل منجز، وكل بناية، يحملون معاول هدم، وإحباط، وتحبيط، وتشكيك، طاقة سلبية جهنمية مفتوحة علينا تلفح الوجوه. تحس أن الفضاء الإلكترونى مركوب، راكبه عفاريت زُرق، مُكلفين بإحباط المصريين، وتثبيط همتهم، ودحر معنوياتهم، وإفقادهم الثقة فى أنفسهم، يخلفون مناخًا سوداويًا تشاؤميًا مريعًا. الحرب النفسية كمصطلح، يشير إلى أى فعل يُمارَس وفق أساليب نفسية لاستثارة رد فعل نفسى مخطَّط فى الآخرين، و تُستعمَل فيها أساليب عديدة، وتَستهدف التأثير فيما لِلأهداف من نُظم قِيَمية أو عقائدية أو مشاعر أو دوافع أو منطق أو سلوكيات. التعريف المُبسط أعلاه لم يعد يفى بالتوصيف الدقيق للحرب النفسية المُعلنة على المحروسة، الفضاء الإلكترونى يشغى بالأخبار السوداء، ويصب مخلفاته فى الأدمغة الخاوية من المعلومات اليقينية. المحتوى السلبى ينساب من الفضاء الإلكترونى عبر أجهزة المحمول فى الأيدى إلى الفضاء الأرضى ويتمدد فى الفراغ الذى تتركه أجهزة التوعية الوطنية خلفها. من نافلة القول، إن الأخبار السارة، أخبارنا الحلوة، لا تروج فى الفضاء الإلكتروني، ويعمى عليها الأشرار، سوق الفضلات الإلكترونية لا يسع بضاعة جيدة، الباعة يتكالبون على بضاعة الشر، وهى رخيصة رخص مَن يبضعونها ويقتحمون بها شاشات الموبايل. للأسف لم يعد هناك فى الفضاء الإلكترونى متسع لأخبار طيبة، الخبر الأبيض مثل شعاع نور فى ظلام دامس يغشى الفضاء الإلكترونى. لافت تجاهل أخبارنا الحلوة إلكترونيًا، ما يؤكد أن روحًا شريرة تلبست الفضاء الإلكتروني، تنتعش بالأخبار السوداء، وتقتات على السواد، وتترعرع فى الأسواق السوداء، وكلما اسودت كلما راجت بضاعتها. المؤلم حالة التصديق العام لكل ما هو سيء، والقنوط من كل ماهو خير، عجبًا ينكشون على الأخبار السوداء بمنكاش فى كومة من قمامة المنصات الإخوانية. «الرسكلة» مصطلح (من عندياتنا)، توليد من recycle بمعنى إعادة تدوير المخلفات، يوصف الحالة الاخبارية على المنصات الإلكترونية، إنهم يعيدون تدوير مخلفات المنصات الإخوانية التى تنتج بضاعة مضروبة، ولكن يجرى إعادة تدويرها بين الناس الطيبة وتلقى رواجًا. الإخوان تخصص تدوير فضلات، الرسكلة صناعة إخوانية رائجة، يقتاتون على المخلفات، ينبشون صناديق الزبالة، يجمعونها صلبة وسائِلة، ويُصَدِّرونها لتدويرها على قنواتهم، وتحويلها إلى سموم مُصَنَّعة كما اللحوم المُصَنَّعة توجع البطون، وتسمم الأبدان، تستوجب غسيلًا معويًا من فرط السمية. جامعو القمامة الإخوانية، المطلوقون لاصطياد (اللقطة)، يعيثون فى صناديق القمامة نبشًا، يلتقطون مخلفات الطيبين، تسريب فاحش، قول مأفون، خناقة على الرصيف، فيديو لواحد طهقان من عيشته، أو بنت هربانة من بيت أهلها، ليعيدوا تدويرها فى ماكينات استخباراتية خبيثة، لإنتاج مواد خام للاستخدام السياسى. تفاقم كمية النفايات الإخوانية فى الفضاء الوطني، يستوجب يقظة من مراكز الاستشعار الوطنية، عمليات الدفن والحرق قد تكون ناجزة، تقريبًا الجماعة ذاتها دفنت بعد حرقها، ولكنها ليست كافية لتقليص إنتاج وحدات النفايات الإخوانية، أقصد الخلايا النائمة. ما ينقصنا جملة أخبار حلوة، تغير ملوحة الفضاء الإلكتروني، تغير المزاج (الموود)، وترفع المعنويات، ولدينا منها الكثير، ولكن هناك شحًا معلوماتيًا، بين ظهرانينا مسئولون يضنون بالأخبار الحلوة، يفضلون الصمت، والصمت هنا ليس بليغًا، يغرى بإلقاء الفضلات على قارعة الفضاء الإلكترونى يتعثر فيها الطيبون.