"لن نسمح أن تُفرض علينا معركة لا نرى تفاصيلها... وكما امتلكنا الإرادة في العبور، لابد أن نمتلك العيون التي ترى في الليل، فالعين التي ترى في الظلام سلاح بحد ذاته، وإذا أردنا حماية جنودنا فعلينا أن نصنعها بأيدينا." بهذا اليقين ترسّخت قناعة الدولة المصرية بعد انتصارأكتوبر المجيد عام 1973، بأن معركة التطوير لا تقل أهمية عن معركة التحرير. ومن هنا انطلقت الرؤية التي تبناها المشير عبد الحليم أبو غزالة _ القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي في مطلع الثمانينيات – لتأسيس شركة متخصصة في البصريات والكهروبصريات، تكون قادرة على إنتاج أنظمة الرؤية الليلية بأحدث التقنيات، لسد الفجوة التي كانت إسرائيل تتفوق بها وقتها بفضل الدعم الأمريكي. وخلال الزيارة التي نظّمتها إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة لوفد من رؤساء التحرير والإعلاميين إلى الشركة العربية العالمية للبصريات، تكشفت بوضوح أهمية هذا التوجه الاستراتيجي، ودور الشركة باعتبارها واحدة من كبرى القلاع الصناعية في مصر والمنطقة، حيث تمثل نموذجًا رائدًا للصناعة الوطنية المتطورة التي تدمج بين الدفاع والأمن والتنمية الاقتصادية ، ويأتى هذا النجاح امتدادًا للطفرة غير المسبوقة التي قادها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ أن كان وزيرًا للدفاع، والتى حققتها منظومة الصناعات الدفاعية المصرية على مدار الأعوام الاثني عشر الماضية، مرتكزة على العلم وتوطين التكنولوجيا، وتسليح الكوادر البشرية بأحدث المهارات والتقنيات. إقرأ أيضا: مصطفى عبده يكتب: خيانة مكتملة الأركان وكما ذكر اللواء أركان حرب طارق سعد زغلول، رئيس مجلس إدارة الشركة العربية العالمية للبصريات: حرصت الشركة منذ تأسيسها عام 1982 على تلبية احتياجات القوات المسلحة المصرية من الأجهزة البصرية والكهروبصرية الدقيقة، مثل أنظمة الرؤية الليلية والحرارية والليزرية، وأنظمة المراقبة المتطورة ،وهو ما لمسناه خلال التنقل بين وحدات التصنيع، المزودة بأحدث المعدات ،والتقنيات، والعقول المصرية المهرة من مهندسين وفنيين وإداريين. وتولي الشركة اهتمامًا كبيرًا بالعنصر البشري باعتباره أساس النجاح، حيث تنفذ برامج تدريبية داخلية وخارجية بالتعاون مع Thales الفرنسية لتأهيل المهندسين والفنيين على أحدث التقنيات، كما تتعاون مع الجامعات المصرية لتدريب الطلاب والخريجين، بما يسهم في إعداد جيل جديد من الكفاءات الوطنية القادرة على المنافسة عالميًا. وبفضل هذه القدرات، تحقق الشركة العربية العالمية للبصريات الاكتفاء الذاتي في العديد من المجالات الدفاعية، مع تصدير الفائض إلى الدول الشقيقة والصديقة لتوفير العملة الصعبة وتعزيز الاقتصاد الوطني. ولم تقتصر جهود الشركة على حدود الإنتاج المحلي، بل أولت اهتمامًا كبيرًا بنقل وتوطين التكنولوجيا من خلال شراكات استراتيجية مع كبرى الشركات العالمية مثل Thales الفرنسية، وEscribano الإسبانية، وHanwha الكورية الجنوبية. كما اطّلعنا خلال الزيارة التى استمرت أكثر من 120 دقيقة على الدور المحوري الذي تلعبه الشركة في تأمين أهم المرافق الحيوية في مصر، وعلى رأسها قناة السويس والحدود المصرية، عبر منظومات مراقبة ورصد كهروبصرية متطورة. وكذلك إسهاماتها في تركيب آلاف الكاميرات الذكية داخل العاصمة الإدارية الجديدة والحي الحكومي، إلى جانب تطوير أنظمة المرور في القاهرة، وتأمين مدن شرم الشيخ والأقصر وسانت كاترين. ومن أبرز ابتكاراتها "العمود الذكي المتكامل"، الذي يجمع بين الإضاءة الذكية وكاميرات المراقبة والاتصال اللاسلكي بالإنترنت، ليكون أحد ركائز البنية التحتية للمدن الذكية الحديثة. فالشركة تتبنى نهجًا متكاملًا ينسجم مع أهداف رؤية مصر 2030، ويرتكز على تعميق التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على المكوّن الأجنبي، بدءا من المساهمة في المشروعات القومية الكبرى، و تطوير حلول الطاقة المتجددة عبر تصنيع ألواح الطاقة الشمسية بقدرة تصل إلى 100 ميجاوات سنويًا، وكشافات إنارة اقتصادية بتكنولوجيا LED ، كذلك العمل على توطين الصناعات الطبية، وهو ما تجلى أمام أعيننا في نجاح الشركة في إنتاج كبسولات عمليات متكاملة بنسبة تصنيع محلي تصل إلى 90%، وبأسعار أقل من المستورد بنسبة 40%. كما تحرص الشركة على المشاركة في المعارض الدولية والإقليمية مثل إيديكس مصر، وإيديكس الإمارات، ومعرض الدفاع بالرياض، مما أتاح لها فتح أسواق جديدة في إفريقيا والعالم العربي وأوروبا، وهو ما يسهم فى تعزيز مكانة مصر كدولة مُصدّرة للتكنولوجيا الدفاعية والبصرية المتقدمة. مع تزايد وتيرة التحديات الأمنية والتكنولوجية، تبرز الحاجة المُلحّة إلى الاستمرار فى تطوير أنظمة دفاع وطنية متقدمة تُحقق الاكتفاء الذاتي وتُقلل الاعتماد على الخارج. فصناعة القوة ليست مجرد خطوط إنتاج أو أجهزة متطورة، بل هي رؤية وطنية شاملة تقوم على الإرادة والعلم والعمل. فكل مشروع صناعي وطني ،و الشركة العربية العالمية للبصريات نموذجًا، يُرسّخ استقلال القرار، ويُعزز أمننا القومي، ويضع مصر في مكانتها المستحقة بين الدول القادرة على حماية نفسها وصناعة مستقبلها بيد أبنائها.