منذ أحداث غزة الأخيرة، تكثّف جماعة الإخوان الإرهابية محاولاتها للعودة إلى المشهد العام فى مصر، عبر أدوات وأساليب جديدة تختلف عن طرقها التقليدية التى باتت مكشوفة للمصريين. الجماعة الإرهابية التى تراجعت شعبيًا وتنظيميًا خلال السنوات الماضية، تسعى اليوم إلى إعادة إنتاج نفسها فى ثوب جديد، محاوِلة استغلال التعاطف الشعبى مع الشعب الفلسطينى لإيجاد موطئ قدم لها داخل المجتمع. اللافت أن الجماعة الإرهابية دفعت بجيل جديد من عناصرها، لتجاوز الصورة النمطية المرتبطة بفكرهم. هذا الجيل يتحرك بخطاب أكثر نعومة، ويستخدم لغة عصرية للتأثير على فئة الشباب، ساعيًا إلى إقناعهم بأن الإخوان يمثلون تيارًا مدنيًا حديثًا، رغم أن الهدف الأساسى يبقى هو ذاته: العودة للسلطة وإعادة إنتاج مشروعهم السياسى. فلم تَعُد المنابر أو اللقاءات المباشرة وسيلة الإخوان الرئيسية، بل انتقلت الجماعة الإرهابية إلى استخدام أحدث التقنيات التكنولوجية، من خلال منصات التواصل الاجتماعى، والبث الرقمى، والمحتوى القصير الذى يستهدف جمهورًا واسعًا وسريع التأثر. وتكمن خطورة هذه الأدوات فى قدرتها على التشكيك فى ثوابت الدولة، وإعادة نشر الشائعات، وإثارة الفتن، بما يهدد استقرار المجتمع إذا لم يتم التعامل معه بالوعى الكافى. التجربة أكدت أن التماسك الوطنى والاصطفاف خلف الدولة هما السلاح الأقوى لمواجهة تلك المحاولات. فكلما توحّد المجتمع فى مواجهة التحديات، تضاءلت فرص التنظيم فى النفاذ إلى العقول أو العواطف. ويظل وعى المواطن هو خط الدفاع الأول ضد الدعاية المضللة، خاصة إذا أُدير بذكاء وحكمة بعيدًا عن الانفعال. ومما لا شك فيه أن منصات التواصل الاجتماعى باتت بيئة خصبة لنشاط الجماعة الإرهابية، حيث يجيد عناصرها استغلال القضايا الإنسانية والقومية لبث رسائلهم. من هنا تأتى ضرورة تعامل المواطنين مع هذه المنصات بوعى وتريث، وعدم الانجرار وراء كل ما يُنشر، والتأكد من مصادر الأخبار قبل إعادة تداولها. خاصة أن التنظيم الدولى للإخوان الإرهابية يستغل حالة التعاطف الطبيعى والصادق مع أهلنا فى غزة، ليُعيد تسويق نفسه فى الداخل المصرى، محاولًا اللعب على مشاعر الناس وإقناعهم بأنه الصوت الداعم للقضية الفلسطينية. غير أن التاريخ يؤكد أن هذه الجماعة الإرهابية لم تكن يومًا جادة فى دعم القضية، بل كانت توظفها دومًا كورقة سياسية لتعزيز حضورها، لا أكثر. إن محاولات الإخوان الإرهابيين اليوم، وإن اختلفت فى الشكل والأدوات، إلا أنها لا تزال تحمل ذات الأهداف القديمة: التشكيك، التفكيك، ومحاولة اختراق المجتمع. ويبقى الوعى الجمعى، والاصطفاف خلف الدولة، والتعامل الرشيد مع وسائل الإعلام والتواصل، هى الضمانة الحقيقية لإفشال هذه المخططات، وحماية الوطن من دعاوى زائفة لم تعد تنطلى على المصريين.