في إطار القضاء على ما كان يُعرف ب «غابة التشريعات»، نجحت الحكومة ممثلة فى وزارة العدل، فى توحيد التشريعات الجنائية وتعديل قوانين الشهر العقارى، وهو جهد ممتد لسنوات. ومن الأمثلة البارزة على هذا التوجه، تعديلات قانون المواريث الصادرة عام 2017، التى أعادت الحقوق لأصحابها بعد سنوات من الحرمان الناتج عن ممارسات اجتماعية خاطئة. ورغم هذه الجهود، ما زالت هناك معوقات عملية تعرقل التنفيذ الفعلى للأحكام، وعلى رأسها الرسوم المقررة لتنفيذ أحكام الفرز والتجنيب، المنصوص عليها فى قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنة 1944 وتعديلاته الأخيرة فى مايو 2017، وفقًا للقانون، يتحمل صاحب الحكم أو من صدر لصالحه هذه الرسوم قبل التنفيذ، وتُحتسب على أساس القيمة السوقية للعقار المحددة بمعرفة خبير هندسى تنتدبه المحكمة، وفى العديد من القضايا، قد تصل هذه الرسوم إلى مئات الآلاف أو حتى الملايين من الجنيهات، ما يشكل عبئًا يفوق قدرة معظم المتقاضين. وهنا تكمن المفارقة، إذا كان صاحب الدعوى يمتلك هذه المبالغ، لما اضطر أصلًا إلى اللجوء إلى القضاء لاسترداد نصيبه فى التركة. صحيح أن القانون أجاز تقديم طلب إعفاء لرئيس المحكمة، بشرط إثبات التعثر المالى عبر شهادة من مكتب التضامن الاجتماعى، إلا أن القبول أو الرفض يظل خاضعًا لتقدير المحكمة، وتظهر المشكلة بوضوح مع المواطنين ذوى الدخل المحدود، خاصة الموظفين الذين لا يملكون سوى راتبهم الشهرى، والذين قد يجدون أنفسهم عاجزين عن تنفيذ حكم صدر بالفعل لصالحهم. إن إعادة النظر فى هذه الرسوم ضرورة، لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية، وإزالة العقبات أمام تنفيذ الأحكام القضائية، بدلًا من الانتظار لحكم من المحكمة الدستورية.