أكثر من متّهم يتحملون مسئولية اغتيال قدرتى على الدهشة، تلك النعمة التى فقدتُها قبل سنواتٍ، ولم يتبقَ منها إلا فتاتٍ يتطاير قبل أن أستطيع الاستمتاع به. كثيرون ارتكبوا تلك الجريمة، بينما يمضى كلٌ منهم فى طريقه دون مبالاة. يمكننى أن أتحدث مثلا عن عالمٍ تجاوز المعايير المزدوجة، إلى ما هو أكثر بكثير من الرقم اثنين، حتى المكيالان اختفيا لصالح عشرات المكاييل، التى تتحكم بتعاملاتنا مع كل مجريات حياتنا من السياسة الدولية إلى حادث فتيات الواحات. أعتقد أن هذا الحديث مُكرّر، لهذا أحيل أصابع الاتهام إلى غياب الخطوط الفاصلة بين الخير والشر، الرجولة والأنوثة، والأبيض الذى تداخل مع الأسود وكانت النتيجة حالة ميوعة، تجعل التمييز بين الخطّين بالغ الصعوبة. عندما استوحشت «السوشيال ميديا»، زادت المشهد هلامية، لتحتل رأس لائحة الاتهام، رغم أن جريمتها الكبرى تتمثل فقط فى أنها كشفت عوراتٍ اختبأتْ لأعوام طويلة، لأنها لم تكن تجد قنوات تطيح بأوراق توت تغطى سوءاتنا. وسط كل هذه المتغيرات لم أندهش من الكشف عن أنوثة ياسمين الزائفة، بعد أن أوقعتْ ألاعيب الماكياج والأداء عشرات الآلاف فى فخ الوهم، ثم اكتشفوا أن من دغدغ مشاعرهم مجرد شاب، استهدف حصاد أرباح بأى ثمن، حتى لو بالتنازل عن رجولته الشكلية! والرجولة قد تتراجع رغم حضورها ظاهريا، حسبما كشفه فيديو آخر، يرصد محاولة سرقة هاتف محمول، تصدى لها المجنى عليه ببطولة، أجبرت الجانى على استخراج سلاح أبيض للدفاع عن نفسه. الغريب أن من تجمعوا حولهما تعاطفوا مع السارق، بل أن أحدهم طلب من اللص إخفاء سلاحه كى لا ترصده الكاميرات! شخصيا أستوعب أن الخوف يمكن أن يجعل البعض يلتزمون الصمت، غير أن انحيازهم للمخطىء يصبح جريمة كبرى فى حق رجولتهم قبل المجتمع. الفيديوهات المتداولة كثيرة، تختلط فيها الحقيقة بالخداع، وتساهم مع ما أصاب البشرية من خلل، فى إبطال مفعول العجب. على المستوى الشخصى لستُ حزينا على فقدان دهشتي، فلم أعد فى حاجة ماسة لها!