عكس ما قد يبدو للوهلة الأولى، فقد رأيت جانبًا إيجابيًا فى تصريحات نتنياهو الأخيرة خلال مقابلة تلفزيونية له مع قناة «i24» التى قال فيها: «إننى فى مهمة تاريخية وروحانية ومرتبط عاطفيا برؤية إسرائيل الكبرى»، فالرجل صريح صراحة البلطجى الذى يعلن بكل وقاحة وفجاجة فرض سطوته وقراراته بنبوته على كل سكان المنطقة، بتصريحه الجلى هذا، يغلق نتنياهو الباب أمام كل التكهنات حول فرص إقامة السلام فى المنطقة، أو فرص إقامة دولة فلسطينية، فقد وضع النقاط فوق الحروف، وكشف بصورة جلية عن الوجه الحقيقى والعنصرى والصهيونى لدولة الكيان، فقد جلس هذا القاتل، مرتديًا مسوح الملائكة، وكأنه مبعوث الرب يزف البشرى بأنه إنما جاء ليحقق حلم الآباء المؤسسين للدولة السرطانية التى قامت على خرافة العودة الى أرض ادعوا زورًا وبهتانًا أن أجدادهم عاشوا فيها قبل 19 قرنًا. اذا وضعنا هذا التصريح الجلى، الذى لا يقبل تأويلًا، جنبًا إلى جنب مع إصرار نتنياهو على إعادة احتلال غزة بالكامل، غير عابئ بكل النداءات الدولية والتحذيرات الأممية، مع إعادة ضم الضفة، مع قرار وزير ماليته المتطرف بتسلئيل سموتريتش ببناء 3401 وحدة سكنية استيطانية شرقى القدس، سوف تتكشف لنا صورة تكاد تكتمل ملامحها على الأرض، والعيب ليس فى نتنياهو، ولا فى سموتريتش، ولكن فى الذين لا يرون الصورة التى تكاد تتكامل، بل ويصرون على تكذيب ما يرونه جليًا ولا يحتمل تأويلًا.. فقرار سموتريتش يهدف إلى دق المسمار الأخير فى نعش فكرة الدولة الفلسطينية، والقضاء على فرص حل الدولتين تمامًا. المؤكد أن نتنياهو يعيش منتشيًا، وثملًا بما حققه ويحققه فى محيطه، وهاهو يفرض قراراته وإرادته بآلته العسكرية، ويتحكم فى سماوات عدة دول عربية، هاهو طيرانه يحلق فوق قصر الشرع فى العاصمة السورية، وتحتل مدفعيته جبل الشيخ على مرمى حجر من دمشق، وهاهو يقرر مستقبل الحياة من عدمها فى لبنان الذى أصبح من جديد على شفا حرب أهلية، بسبب رفض حزب الله تسليم سلاحه للجيش اللبنانى. إنه إذًا الوقت الأنسب لنتنياهو ليفعل ما يريد، خاصة مع تماهى ترامب مع أحلامه. نتنياهو من دعاة فرض السلام عبر القوة العسكرية، بمعنى القضاء على الخصم، ثم فرض السلام، أو لنقل شروط الاستسلام عليه! الحل الوحيد الذى لا يريد نتنياهو الذهاب إليه إقامة دولة فلسطينية، جنبًا الى جنب مع الدولة الإسرائيلية، ولكنهم يرون فيها تعارضًا مع فكرة إسرائيل الكبرى التى يسعون لتحقيقها. قال نتنياهو كلمته، فهل يقول العرب، ولو مرة، كلمتهم؟!