رغم النغمة الإيجابية التى رددتها موسكووواشنطن تعقيبا على لقاء الزعيمين الأمريكى دونالد ترامب والروسى فلاديمير بوتين، التى أشارت إلى «قمة تاريخية» و«محادثات بناءة» و«تقدم كبير» إلا أن قمة ألاسكا لم تحقق المرجو منها. وفى حين منح ترامب القمة تقييما «10 من 10» إلا أنها انتهت دون التوصل «لاتفاق سلام» ينهى حرب أوكرانيا كما أراد الرئيس الأمريكى لكنها منحت «نصرا» كبيرا لبوتين منذ اللحظة الأولى التى وطأت فيها قدمه قاعدة «إلمندورف-ريتشاردسون» العسكرية وربما حتى قبل ذلك. اقرأ أيضًا | هل أصبحت ألاسكا مسار لاستعادة العلاقات الودية بين روسيا وأمريكا؟ «نصر بوتين» هو العنوان الرئيسى الذى أبرزته معظم وسائل الإعلام الغربية والروسية، التى سلطت الضوء على الاستقبال الحافل الذى تلقاه الزعيم الروسى بداية من «السجاد الأحمر» الذى بسطه جنود الجيش الأمريكى فى مشهد أثار غضب الأوكرانيين وصولا إلى قاذفات الشبح الأمريكية، التى حلقت ترحيبا بالضيف المميز مظاهر الحفاوة شملت أيضا ظهور بوتين إلى جوار ترامب فى سيارته الليموزين الرئاسية المعروفة باسم «الوحش». وفيما هو أعمق من الإجراءات الشكلية، نجح بوتين بزيارته للولايات المتحدة ولقاء رئيسها فى كسر العزلة الغربية المفروضة على روسيا منذ اندلاع حرب أوكرانيا فى 2022. هذا النصر اقتنصه بوتين منذ اللحظة التى تلقى فيها الدعوة لزيارة ألاسكا لتصبح أول زيارة له إلى الولاياتالمتحدة منذ 2015 وهو ما يفتح الباب أمام استعادة العلاقات مع الولاياتالمتحدة ورفع العقوبات وتحقيق انتعاشة للاقتصاد الروسي. وفى الوقت نفسه، انتصر بوتين بإصراره على موقف بلاده الراسخ من إنهاء الحرب وفق شروط موسكو، التى تتمسك بالاحتفاظ بمنطقة واسعة من الأراضى الأوكرانية. فى المقابل، لم تقدم قمة ألاسكا لترامب ما أراده حيث فشل مجددا فى الوفاء بتعهده الانتخابى بوقف إطلاق النار وهو الهدف الذى كرره على متن الطائرة الرئاسية قبيل القمة حين قال للصحفيين «أريد أن أرى وقف إطلاق نار سريعًا.. لا أعرف إن كان سيحدث اليوم، لكننى لن أكون سعيدًا إن لم يكن اليوم». تصريحات ترامب جاءت رغم محاولات البيت الأبيض تخفيف سقف التوقعات بشأن القمة تحسبا لمثل هذه النتيجة حين أكد قبل أيام أن اللقاء مجرد «اجتماع استطلاعي». وفى حين أنه عادة لا يتم ترتيب مثل هذه الاجتماعات رفيعة المستوى إلا عند وجود مؤشر معقول على التوصل إلى تسوية من كلا الجانبين إلا أنه لم يتم التوصل حتى إلى وقف إطلاق نار مؤقت لمدة 30 يوما أو حتى هدنة جوية مثلما كان مطروحا خلال مفاوضات سابقة. ومع ذلك، لم يخرج ترامب خالى الوفاض تماما من القمة، حيث لعب بوتين على وتر شغف الرئيس الأمريكى بالاهتمام فمنحه الكثير من الإشادات. وأكد بوتين ما يردده الرئيس الأمريكى بأن حرب أوكرانيا لم تكن لتندلع لو كان ترامب فى البيت الأبيض آنذاك. من ناحية أخرى، يمكن أن تكون القمة «جسرا» نحو عملية سلام حيث ترك الزعيمان الباب مفتوحا أمام إمكانية إجراء محادثات مستقبلية، التى اقترح بوتين إجراءها فى «موسكو». وفى الوقت نفسه، أكد ترامب أنه تم الاتفاق على الكثير من النقاط خلال محادثاته مع بوتين ولم يتبق سوى نقطة أو اثنتين. وأطلع ترامب الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى وقادة أوروبا على نتائج محادثاته فى ألاسكا وقد يكون لقاؤه المرتقب غدا فى واشنطن مع زيلينسكى خطوة إيجابية خاصة مع إعلان الرئيس الأمريكى أنه إذا سارت الأمور على ما يرام فسوف نحدد موعدا لقمة مع بوتين. أخيرا، انتهت قمة ألاسكا وانتهى زخمها لكن الأيام القادمة كفيلة بأن تكشف إمكانية تحقيق السلام فى أوكرانيا.