فى مشهد يفضح عمق قسوة الفاشية الإسرائيلية، اعترف جيش الاحتلال علنًا بقتل الصحفى الفلسطينى «أنس الشريف» مراسل إحدى القنوات، عبر قصف مباشر هز الضمائر الحية فى العالم، لم يكن الحادث وليد الصدفة، بل جريمة مخططة، سبقتها حملة تحريض شرسة وتهديدات علنية، لم يكتف الصهاينة بارتكاب تلك الجريمة الشنعاء، بل أعقبتها محاولة يائسة لتشويه سيرته باتهامه زورًا بأنه «إرهابى تنكر بزى صحفى»، فى مسعى لقتل الحقيقة وطمس معالمها مرتين: جسدًا ومعنى. المأساة التى حملها خبر اغتياله فجّرت غضبًا واسعًا، وانتشرت وصيته التى خرجت إلى النور بعد استشهاده، كاللهب عبر المنصات، وتحولت إلى نشيد حزين يتناقله الملايين، وانتشرت مقاطع فيديو وصوره وهو يحمل كاميرته فى ساحات القصف، مرفقة بكلماته الأخيرة، لتجعل من صوته الخافت وسط ضجيج الحرب صرخةً تهز وجدان الإنسانية، وتؤكد أن روح الحقيقة لا تُدفن. لم يكن أنس الشريف مجرد مراسل، بل كان ضميرًا حيًا فى نقل الحقيقة «بلا تزوير أو تحريف»، لم يحِد يومًا عن طريق الحق قبل أن يسقط شهيدًا فى جريمة وحشية تجاوزت كل حدود الفاشية والنازية، وحين أسكتوا صوته، ظل صدى وصيته يدوّى فى كل مكان معلنًا أن الحقيقة لا تموت، وإن اغتيل حاملوها.. فى كلماته الأخيرة، لم يكن أنس يودّع، بل يسلّم راية الكلمة الصادقة لكل مَن بقى حيًّا، وفى صمته الأخير، قال كل ما يجب أن يُقال: الحقيقة لا تُقصف، والدم لا يطمس الضوء، وفلسطين ستظل تجد أبناءها الذين يحملون صوتها حتى آخر نفَس. سقط «أنس»، شهيد الكلمة والصورة، وهو يؤدى واجبه فى كشف مأساة شعبه، رحل «الشريف» الذى أدرك أن الكاميرا التى يحملها أخطر على الاحتلال من أى سلاح، وأن الصورة التى يلتقطها تحفر فى ذاكرة العالم ما لا تمحوه كل بيانات التزوير، لكن صوته لم ينطفئ، بل صار أيقونة للصدق فى وجه الزيف، وصرخة أبدية فى وجه الظلم، وستبقى شهادته الخالدة فى التاريخ أقوى من رصاص المحتل، وأبلغ من كل بياناته. ربما أسكتوا صوته، لكنهم لم ينجحوا فى وأد الرسالة التى عاش من أجلها، الرسالة التى تخرج من بين الركام كل يوم، لتقول للعالم: هنا الحقيقة حية.. وهنا لا يموت الضوء. رحل الشريف جسدًا، لكن روحه وكلماته باقية تضىء الطريق لكل من يحمل راية الحقيقة فى وجه الظلم.