لا يخفى على أحد أن جماعة الإخوان الإرهابية وتنظيمها العالمى اتخذ قرارًا استراتيجيًا بهدم الدولة المصرية، وأن الدعم القادم للتنظيم سواء من الرعاة الإقليميين أو الدوليين تصاعد لتحقيق هدفين بشكل عاجل هما: 1- تشويه الدور المصرى المساند للقضية الفلسطينية. 2- فتح الطريق أمام عمليات التهجير للفسلطينيين نحو سيناء. ولتنفيذ مخططها الخبيث، أحكمت الجماعة حصار المصريين بسيلٍ من الشائعات والبيانات المضللة والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعى، وذلك بهدف التأثير على العقول والقلوب، فتسير على نهج الشيطان فى غواية الإنسان، تهمس بالوساوس، وتزرع بذور الشك فى كل حقيقة، تبث الرعب على درب الجنة، وتُزين طريق جهنم ببريق الخداع. المتابع لتطور الجماعة يكتشف أن لديها تكتيكات قديمة وحديثة، وأنها قسمت المجتمع المصرى إلى عدة شرائح، تسعى لمخاطبة كل شريحة على حدة، وذلك عبر الوسيلة والطريقة التى تفضلها، فمثلًا ظهرت على منصة (إكس) مجموعة أطلقت على نفسها (حزب تكنوقراط مصر)، تستهدف الشباب بفيديوهات تدعم فكرة المقاومة المسلحة، وتستغل القضية الفلسطينية من أجل تمرير نفس الفكرة داخل مصر، فتربط إنهاء الاحتلال الإسرائيلى بإسقاط الدولة المصرية، واللافت أن هذه المجموعة تستخدم أجانب يتبنون الخطاب الأناركى للحديث حول ذلك كوسيلة لإقناع المصريين بأن ذلك هو الحل الوحيد!. الأناركية أو الفوضوية هى فكر سياسى يقوم على رفض كل أشكال السلطة والقوانين المنظمة للمجتمع، وأيضًا الدعوة إلى إسقاط الدولة ومؤسساتها تحت شعار تحرير الإنسان، ورغم ما يرفعه أنصارها من عبارات الحرية والمساواة فإنها فى جوهرها تهدم أسس الاستقرار، وتفتح الأبواب أمام الفوضى والصراع، حيث يحل منطق القوة محل سيادة القانون، وينهار النظام العام، وخطر الأناركية لا يكمن فقط فى خطابها التحريضى، بل فى قدرتها على تفكيك المجتمعات من الداخل، وإضعاف مؤسسات الدولة حتى تصبح عاجزة عن حماية الأمن والسلم الاجتماعيين. الأناركية اليوم ليست مجرد فكرة عابرة، بل تيار عالمى تسلّل إليه التنظيم الدولى للإخوان بهدف خدمة مخططه الشيطانى فى مصر ودول عربية أخرى، فهو يعلم أن هذا التيار يجذب المراهقين حول العالم، لأنه يمنحهم وهم البطولة فى مواجهة السلطة، فاستغلّت الجماعة هذا الإغراء، وأطلقت عبر منصاتها دعوات لتجنيد شباب، تكون مهمتهم كتابة شعارات مؤيدة لحملتها على جدران المناطق النائية والمهجورة، تدعو لإسقاط الدولة، ثم تصويرها وإرسالها للنشر على تلك المنصات باعتبارها تحركًا شعبيًا، ولم تكتفِ بذلك، بل جنّدت عددًا غير قليل من المراهقين الذين لم يعاصروا حكم الإخوان، ودربتهم على تنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر، حرصًا على استقطاب عناصر غير منتمية لها، وذلك لتسهيل التنصل من الجريمة، ولأن التنظيم الدولى يؤمن ب (الميكافيلية) فى العمل السياسى والغاية عنده تبرر الوسيلة لم يشغله يومًا مصير هؤلاء الشباب أو معاناة أسرهم. ملامح التحالف الخفى بين الفكر الأناركى والتنظيم الدولى للإخوان تصاعد عقب سقوط حكمهم فى مصر، وظهر فى أدبيات الجماعة الإرهابية أشياء مثل خطاب «الإبداع الثورى» عبر الجرافيتى ووسائل التواصل الاجتماعى لتأجيج الشارع وتوسيع رقعة الغضب. وتحوّلت هذه الأدوات الفكرية إلى تنظيمات مسلحة مثل «حسم» و«لواء الثورة» بخطاب غير دينى، يسهل تسويقه فى الغرب، تركز على استلهام منهج حماس فى التعامل مع الدولة المصرية، فظهرت حركة (ميدان) والتى تمثل المكتب السياسى وذراعها العسكرى (حسم)، تسعى هذه الحركة لحصار الدولة المصرية عبر مجموعة من الأدوات، حيث وظفت إخوان التنظيم الدولى فى التحرك ضد السفارات المصرية، وهى لا تتردد فى بناء تحالفات متناقضة، فهى تنسق من جانب مع منظمات حقوقية دولية لشيطنة الدولة المصرية فى المحافل الدولية، وعلى جانب آخر تتحالف مع حكومة نتنياهو لتخفيف الضغط الدولى على إسرائيل، وتوجيهه ضد مصر، والاتفاق على تنفيذ المخطط الإسرائيلى بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، فى رسالة واضحة للغرب بأنها شريك مقبول فى معادلة الإقليم على غرار النظام السورى الجديد، وبهذا الدمج بين الفوضى والعنف والعمل السياسى تستهدف الجماعة إضعاف مؤسسات الدولة، وشل أجهزتها، وخلق بيئة قابلة للانهيار، تمهيدًا لإعادة فرض مشروعها تحت غطاء جديد. تسعى الجماعة من وراء ذلك إلى بث الخوف فى قلوب المصريين، وإحداث أثر سلبى مباشر على الاستثمارات وقطاع السياحة من خلال استحضار مشاهد الفوضى التى أعقبت أحداث 25 يناير، وغيرها من الكوارث التى شهدتها دول عربية أخرى وقعت فى الفخ ذاته، تلك الدول التى انهار نظامها السياسى وباتت اليوم تواجه مخطط التقسيم بعد أن فقدت تماسكها. على ماذا تراهن الجماعة أو بالأدق التنظيم الدولى؟ تتمحور إجابة هذا السؤال فى المقام الأول حول عنصرين هما: 1- استغلال الأوضاع المأساوية فى قطاع غزة وموجة التعاطف الشعبى، وذلك لتشويه الدور المصرى والتقليل من أثر المساعدات التى تقدمها الدولة، وتصويرها على أنها صامتة وعاجزة أمام جرائم الاحتلال الإسرائيلى. 2- توظيف التحديات الاقتصادية فى تغذية إحباط المصريين، والتشكيك فى مسار الإصلاحات الاقتصادية وجدوى القرارات السياسية، مع تشويه صورة البرلمان، والتقليل من مصداقية الأحكام القضائية. وعبر هذه التكتيكات يتم العمل على إرهاق الدولة المصرية ومؤسساتها، مما يسهل على إسرائيل تمرير مخططها لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء. سيناء هى الجائزة الكبرى، وحركة ميدان التابعة للتنظيم الدولى لم تخف ذلك، بل أوعزت إلى أحد منظريها تمرير خطاب لا يمانع احتلال سيناء مرة أخرى فى مقابل إسقاط الدولة المصرية. والحقيقة أن ذلك الحديث لا يخرج إلا من صهيونى عتيد، فما بالك بأحد أفراد تنظيم الإخوان - الذى بنى شعبيته على عداء إسرائيل - يتحدث اليوم بلسان إسرائيلى صريح ويفضح ما هو بمكنون هؤلاء، من إدخال الجيش المصرى فى مواجهة عسكرية واستنزاف قدراته، وتمرير مخطط الفوضى وتدمير إنجازات المصريين طوال السنوات الماضية تمهيدًا لعودة الإخوان، فى مشهد يشبه كثيرًا المشهد السورى تحديدًا. تحالف الإخوان مع إسرائيل ليس غريبًا ولا مستغربًا، فهما مشروعان دينيان، يخدمان بعضهما البعض فى تمثيل مسرحية هزيلة، ضحكت على الشعوب العربية بأوهام المقاومة، بينما الحقيقة أنها كانت تمهيدًا للأرض أمام الاحتلال الإسرائيلى، وهو ما تحقق ونراه على أرض الواقع أمس فى سوريا وغدًا فى غزة. المخطط وقح، ولن ينطلى على فطنة المصريين، الذين يتابعون مسلسل الخيانة الفاضحة فى إقليم منكوب، مكتوب على مصر أن تتصدى له، فهو قدر الكبار دائمًا.