اتخاذ القرار باحتلال غزة هل التلويح ترجمة لحلم صهيونى بالعودة للقطاع الذى احتلته إسرائيل 38 عامًا «من 1967 إلى 2005». وخطة تنفيذ هذا الحلم جاهزة على التنفيذ فى درج مكتب نتنياهو المتخم بخطط وخرائط تتعلق بالقدس والضفة وكل شبر بالأراضى الفلسطينية المحتلة، بل وبكامل المنطقة. والحقيقة أنه منذ سيطرة حماس على القطاع عام 2007، لم تتوقف المطالبات باستعادته من أحزاب وأعضاء كنيست ووزراء ومسئولين إسرائيليين، أبرزهم أفيجدور ليبرمان «وزير الخارجية السابق» عام 2014، ونفتالى بينيت «رئيس الوزراء السابق»، و«آفى ديختر» رئيس جهاز الشاباك، ووزير الأمن الإسرائيلى سابقًا عام 2018، وتسيبى هوتوفلى عضو الكنيست ووزيرة شئون المستوطنات، وإيتمار بن غفير «وزير الأمن القومى» عام 2021، وسموتريتش وزير المالية عام 2023، ونتنياهو عام 2025. ورغم أن نتنياهو نفسه عارض هذه الخطة، عام 2014، وفى2021، خوفًا من الانزلاق لمستنقع من الخسائر العسكرية والسياسية والدبلوماسية، لكنه يرى الآن أن الأوضاع الإقليمية والدولية فى ظل وجود ترامب تمنحه فرصة ذهبية لتنفيذ خططه المركونة واحدة تلو الأخرى، ومنها خطة إعادة احتلال غزة التى تضرب عدة عصافير بحجر واحد، حيث تُمكِّن إسرائيل من تأمين حدود مستوطناتها فى الشمال وتنهى وجود وتهديد حماس، وتساعدها على استكمال مخطط التضييق على الفلسطينيين وإجبارهم على التهجير القسرى، وبالتالى تمهيد الأرض للتوسع وبناء المزيد من المستوطنات هناك، ثم أخيرًا تقويض فرصة إقامة دولة فلسطينية وغلق هذا الملف بشكل نهائى. من هنا يمكن القول إن احتلال غزة، الذى يحاول الاحتلال تسويقه ك «وسيلة» للضغط على حماس لاستعادة الرهائن، هو فى الواقع «الغاية» التى تبتغيها إسرائيل من هذه الحرب منذ انطلاقها، وما جرى من حينها تمهيد لتسهيل عملية الاحتلال وخلق واقع جديد على الأرض، لأنه من غير المنطقى أن تُغامر إسرائيل بعملية عسكرية تهدد صراحة حياة الرهائن التى تدّعى أن هدفها تحريرهم!