من ليس مع أمريكا فهو عدوها، وبالتبعية فمن ليس مع إسرائيل، ويغض الطرف عن جرائمها، بل ويضفى الشرعية على انتهاكاتها، فهو يعادى الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها، وعليه أن يتحمل تبعات ذلك، يستوى فى هذا الأمر الدول؛ صغيرة كانت أم كبيرة، أو حتى المنظمات الأممية التى تعرضت هى الأخرى للعقاب الأمريكى، لأن ضميرها الجمعى لم يسمح لها بالسكوت على الجرائم البشعة التى تنقل على الهواء مباشرة. جرائم إسرائيل طالت الحجر والبشر، وامتدت لسرقة التاريخ والتراث الفلسطينى ونسبته لنفسها، وعندما رفضت اليونسكو إسباغ الشرعية على الجرائم الإسرائيلية، قررت الولاياتالمتحدة معاقبتها، بالانسحاب مجددًا، تمامًا كما فعل ترامب فى ولايته الأولى، وبالتبعية تجميد حصته فى مصاريف هذه المنظمة التى ترعى التربية والعلوم والثقافة فى العالم كله. عقاب أمريكا لليونسكو جاء لأنها ارتكبت جريمة بالمعايير الأمريكية عندما اعتمدت لجنة التراث العالمى التابعة لها فى اجتماعها الأخير مطلع الشهر الجارى، أربعة قرارات خاصة بفلسطين، وقامت بإدراج 4 أماكن تراثية فلسطينية فى قائمة التراث العالمى المعرض للخطر هى: «مدينة القدس القديمة وأسوارها، ومدينة الخليل القديمة، ودير القديس هيلاريون/ تل أم عامر، والمشهد الثقافى فى جنوبالقدس، بتير». جاء الرد الأمريكى السريع على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية بالانسحاب من منظمة (اليونسكو)، متهمة المنظمة ب «التحيّز ضد إسرائيل، والترويج لقضايا مثيرة للانقسام». وقالت «إن الاستمرار فى المشاركة فى اليونسكو لا يصب فى المصلحة الوطنية للولايات المتحدة». وما حدث مع «اليونسكو» حدث مع منظمات أممية مثيلة ، الانسحاب الأمريكى سيلقى بتبعات كثيرة على ميزانية المنظمة التى تعانى أصلًا من ضغوط مادية، كما أنها ستواجه بالتأكيد المزيد من العراقيل الأمريكية، وأنا هنا أهمس فى أذن الدكتور خالد عنانى مرشح مصر والمجموعة العربية لمنصب مدير عام اليونسكو أن يتوخى الحذر، ويحسب كل لفظة تخرج من فمه حتى لا تستخدمها إسرائيل وتحشد الحشود وتجيش الجيوش ضده .