فى مشهد يفتقر إلى أدنى درجات المنطق والاتساق الأخلاقي، تخرج علينا جماعة الإخوان الإرهابية مجددًا بمحاولة يائسة لتزييف الوعي، عبر تصوير مقاطع مفبركة تدّعى فيها «محاصرة» السفارات المصرية فى الخارج، ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي. هذه المحاولات التى تفتقد لأى تأثير واقعي، تأتى فى إطار حملات دعائية فاشلة تهدف إلى تشويه صورة الدولة المصرية، وتصدير مشهد مغلوط عن وجود معارضة شعبية فى الخارج. ولكن المشهد الأكثر عبثية، أن إحدى هذه التظاهرات نظّمت أمام السفارة المصرية فى تل أبيب! فى الوقت الذى تمطر فيه إسرائيل قطاع غزة بالصواريخ، وتدك البيوت على رءوس المدنيين، وتُزهق أرواح الأبرياء يومًا بعد يوم، تقف هذه الجماعة «التى طالما ادّعت الدفاع عن القضية الفلسطينية» أمام سفارة وطنها لا أمام مقر حكومة المحتل، وتوجّه هتافاتها ضد مصر لا ضد الاحتلال. وهو ما يكشف بوضوح ازدواجية المعايير وانعدام المبدأ لدى هذه الجماعة التى فقدت منذ سنوات أية صلة بالقضايا القومية أو بالشارع العربي. منذ 48 وحتى اليوم، لم تتخلَّ مصر يومًا عن دعمها الكامل للقضية الفلسطينية. قدّمت مصر آلاف الشهداء من جيشها الباسل دفاعًا عن الأرض الفلسطينية فى حروب كما كانت الدولة الوحيدة التى فتحت ذراعيها للفلسطينيين سياسيًا وإنسانيًا، وتحملت عبء الدعم المادى والمعنوى دون انتظار مقابل. وفى السنوات الأخيرة، ازدادت وتيرة الجهود المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى أكد فى أكثر من مناسبة أن القضية الفلسطينية تظل فى قلب السياسة المصرية، وأن مصر ترفض رفضًا قاطعًا أى محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، مشددًا على أن الحل الوحيد يكمن فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية، وفقًا للقرارات الدولية. منذ اندلاع الأزمة الأخيرة فى غزة، تحركت الدولة المصرية بأقصى سرعة وعلى كافة المستويات؛ فتحت معبر رفح لإدخال المصابين والجرحى وأرسلت قوافل إنسانية يومية إلى القطاع وسجل التاريخ أن أكثر من 80٪ من المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية التى دخلت غزة جاءت عبر مصر، كما قادت القاهرة جهود التهدئة ومنع التصعيد، وأجرت اتصالات مكثفة مع كل الأطراف الدولية والإقليمية. وفى الوقت الذى كانت فيه بعض العواصم تكتفى ببيانات الشجب، كانت مصر تعمل على الأرض، تتحرك بصمت وفاعلية، حاملة همّ شعب يئن تحت القصف، ورافضة أى محاولات لتغيير ديموغرافية الأرض أو كسر إرادة أهلها. فى المقابل، تبدو جماعة الإخوان وكأنها تعمل فى خط موازٍ، بل معاكس، تمامًا. فمنذ نشأتها وهى تتاجر بشعارات دعم القضية الفلسطينية، بينما لم تقدم لها فى الواقع سوى الشعارات الفارغة. واليوم، تكشف عن نواياها الحقيقية، عندما تتجاهل القصف والدمار فى غزة، وتوجّه نيرانها الإعلامية إلى مصر. كيف لجماعة تزعم نصرة فلسطين، أن تتظاهر أمام سفارة مصرية فى إسرائيل بينما الأطفال يموتون فى غزة؟ كيف لضميرها «إن كان لها ضمير» أن يصمت أمام المجازر اليومية التى ترتكبها إسرائيل، وتختار بدلًا من ذلك مهاجمة دولة حملت عبء الدعم لعقود؟ ما يحدث اليوم ليس سوى فصل جديد من فصول العبث الإخواني. ومهما حاولوا تضليل الرأى العام أو اللعب على أوتار مشاعر الشعوب، فإن الحقيقة واضحة: مصر هى الركيزة الكبرى فى الدفاع عن القضية الفلسطينية، وهى الملجأ الأخير للشعب الفلسطينى حين يُغلق العالم أبوابه. أما الجماعة الإرهابية، فقد اختارت أن تكون خصمًا لوطنها، ولا عزاء لمن يصرّ على الوقوف فى الاتجاه الخاطئ من التاريخ.