قناعتى بحُرية التعبير راسخة، لهذا احتفظ بأصدقاء على فيس بوك، رغم تعارُض منشوراتهم مع وجهات نظرى، احترم منَ يعتمد على المنطق حتى لو رفضتُه، وأضيق بضيق رؤية البعض لو تجاوزتْ حدود التفاهة، على مدار سنواتٍ احتفظتُ بالجميع فى محيطي، فليس مطلوباً أن نتحول إلى نسخٍ مُتطابقة، لكن قوة احتمالى تهاوت فى الساعات الأخيرة، وبدأتُ حذف العشرات ممن تجاوزوا فى حق مصر، وزعموا أنها المسئولة عن تجويع أشقائنا فى غزة! . ولأننى حسن النية أحياناً، فقد اعتقدتُ فى البداية أن ما يجرى مجرد آلية دفاعية، يعرفها علم النفس ب»الإزاحة»، يُلقى فيها شخصٌ ضعيف الشخصية باللوم على طرف ليس مسئولاً عن مشكلته، لمجرد أنه غير قادر على مواجهة الفاعل الأصلى، مع الوقت واتساع رقعة التجاوزات، اقتنعتُ بأن ما يحدث ليس «ميكانيزما» دفاعيا، بل تزييفا ممنهجا يمضى فى سياق مخطط للتغطية على الجانى الحقيقى، وزادت قناعتى عندما تحولّت الأقوال المتهافتة إلى أعمال شغب أمام بعض سفاراتنا، دون أن يُكلّف الناشطون المزعومون أنفسهم، مشقة التوجه إلى سفارات الكيان الصهيونى بالخارج، ولا حتى داعمته الكبرى أمريكا. وسط معارك مفتعلة، انشغل الكثيرون عن مذابح العدو وجرائمه، وتبادلوا اتهامات توسّع الفجوة بين البلدان العربية، دون أن يعرف غالبيتهم أنهم مجرد تروس فى ماكينات شركات دعاية عالمية عملاقة، تسعى لغسيل سُمعة أحفاد دراكولا، الذين يسدّون المعابر فى وجه المساعدات الإنسانية، وما يصل منها يصير مصائد لاصطياد الجوعى، فى الوقت نفسه تعمل هذه الدعاية على هز الثقة بقيادة سياسية أجهضتْ مؤامرة التهجير بقوة أزعجت من روّج لها، يحدث ذلك بمساعدة مصريين وعرب مأجورين، وآخرين مخدوعين لأنهم لا يملكون الحد الأدنى من القدرة على التفكير. للكذب وجوه كثيرة، أخطرها ما يتخفّى وراء أقاويل ترتدى أقنعة الصدق، إذا تحلّى من صنّعها بمنطق زائف، غير أن مصدر القلق فى المزاعم الأخيرة، أنها منزوعة المنطق، ومع ذلك وجدتْ من يستسلم لهشاشتها!