إنجاز تاريخى، ونجاح كبير حققته مصر، بتوطين صناعة الصلب المدرع، التى تعد عماد الصناعات الثقيلة العسكرية والمدنية، لتصبح الدولة السادسة عالميا فى توفير هذا المنتج شديد الاهمية والاولى فى الشرق الاوسط «الأخبار» ترصد فى هذا التحقيق ملحمة تحقيق الحلم المصرى فى إنتاج وتوطين الصلب المدرع بشركة أبو زعبل للصناعات الهندسية (مصنع 100 الحربي) التابعة لوزارة الإنتاج الحربي، التى تعد أحد الأعمدة الرئيسية للصناعات الثقيلة فى مصر، وركيزة استراتيجية ضمن منظومة التصنيع العسكرى الوطني. فمنذ تأسيسها اضطلعت الشركة بدور محورى فى دعم القدرات الدفاعية للدولة، وتوفير احتياجات القوات المسلحة من منتجاتها العسكرية، مع مواكبة التطورات التكنولوجية فى التصنيع والتشكيل والمعالجة المعدنية. اقرأ أيضًا | وزير الإنتاج الحربي: حريصون على جذب المزيد من الاستثمارات البداية داخل الشركة كانت مع المهندس باسم سلمان، رئيس مجلس إدارة شركة أبو زعبل للصناعات الهندسية (مصنع 100 الحربي)، الذى أكد أن مصر حققت إنجازًا استراتيجيًا فى مجال الصناعات الدفاعية بإنتاجها للصلب المدرع محليًا، لتصبح واحدة من 6 دول فقط حول العالم تمتلك هذه القدرة التصنيعية المتقدمة. وقال سلمان خلال لقائه مع «الأخبار» إن (مصنع 100 الحربي) نجح فى إنتاج الصلب المدرع المستخدم فى تصنيع المركبات المدرعة مثل «سينا 200»، إلى جانب عربات نقل الأموال ومركبات الحماية الخاصة، بعد عملية تطوير شاملة شهدها المصنع عام 2022. وأوضح أن الشركة استطاعت تحقيق الاكتفاء الذاتى الكامل من الصلب المدرع على مستوى الجمهورية، كما تم إرسال عينات من الصلب المدرع إلى عدد من الدول العربية لدراسة إنتاجها لصالحها، ما يعكس مدى التطور الذى تشهده الصناعات الدفاعية الوطنية. وأشار سلمان إلى أن شركة أبو زعبل للصناعات الهندسية تأسست عام 1967 لإنتاج المدافع الثقيلة والمتوسطة، وتوسعت قدراتها عام 1993 بإضافة مصنع متخصص فى صناعة الصلب، حتى باتت اليوم من أبرز الكيانات الصناعية التابعة لوزارة الإنتاج الحربي. الأولى من نوعها وأضاف أن الشركة مقامة على مساحة تُقدّر بنحو (700) فدان، وتضم عددًا من خطوط الإنتاج المتطورة والوحدات الصناعية المتخصصة، أبرزها وحدة إنتاج الصلب المدرع، التى تُعد الوحيدة من نوعها فى مصر والشرق الأوسط، حيث يتم إنتاج ألواح الصلب عالية الصلادة وفقًا لمواصفات فنية دقيقة تُستخدم فى تدريع المركبات والمعدات العسكرية، كما تضم الشركة وحدة المعالجة الحرارية التى تتحكم فى خواص المعدن بدقة، لضمان أقصى درجات المقاومة والصلابة. وتعمل جميع هذه الوحدات تحت إشراف هندسى وإدارى عالى الكفاءة، من خلال منظومة إنتاجية تعتمد على التدريب المستمر، وضمان الجودة، وتحقيق أعلى معدلات الكفاءة الفنية.. واختتم تصريحاته بالتأكيد على أن الدولة تولى اهتمامًا كبيرًا بدعم الصناعات الاستراتيجية، وهو ما ينعكس فى التطوير المستمر لمصانع الإنتاج الحربى وتوسيع قاعدة التصنيع المحلى وفقًا لأحدث المعايير العالمية. تصنيع المدافع من جانبه، أكد المهندس عادل توفيق، رئيس قطاع الإنتاج الحربى بشركة أبو زعبل للصناعات الهندسية (مصنع 100 الحربي)، أن المصنع يشهد تطورًا غير مسبوق فى مجال تصنيع المدافع والأنظمة التسليحية الثقيلة، مشيرًا إلى أن مصر باتت تمتلك قدرات كاملة لإنتاج عدد من المدافع الروسية الشهيرة محليًا، من خلال خطوط إنتاج مصرية بكوادر وطنية مدربة. وأوضح توفيق أن (مصنع 100 الحربي) يُنتج حاليًا المدفع الروسى عيار 122 مم المستخدم ضمن تشكيلات المدفعية الميدانية، وكذلك المدفع المضاد للطائرات عيار 23 مم، وذلك بموجب رخص تصنيع رسمية حصلت عليها مصر فى إطار تعاون صناعى دولي، وأضاف أن المصنع يمتلك الإمكانية الكاملة لإنتاج ثلاثة أنواع من المدافع، بداية من المادة الخام وحتى مرحلة التجميع والتسليم النهائي. تعميق التصنيع المحلى وأشار إلى أن هذه الطفرة الإنتاجية تأتى ضمن خطة متكاملة لتعميق التصنيع المحلى فى الصناعات الدفاعية، مشددًا على أن (مصنع 100 الحربي) يُعد الوحيد فى مصر والشرق الأوسط القادر على تصنيع الصلب المدرع عالى الصلادة، الذى يُستخدم فى تدريع العربات والمعدات الثقيلة ومكونات التسليح الحديثة. ونوّه توفيق إلى أن وحدة إنتاج المدافع بالمصنع تعتمد على خطوط تصنيع متطورة، بالإضافة إلى برامج تدريب وتأهيل دائمة للعاملين والمهندسين، مما ساهم فى رفع كفاءة الإنتاج وضمان الجودة المطابقة للمواصفات العسكرية العالمية. واختتم رئيس قطاع الإنتاج الحربى تصريحاته بالتأكيد على أن (مصنع 100 الحربي) يُعد أحد أعمدة منظومة الصناعات الدفاعية الوطنية، ويلعب دورًا رئيسيًا فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من بعض المعدات الحيوية التى كانت تُستورد من الخارج لعقود طويلة، مما يعزز من قدرة الدولة المصرية على امتلاك أدوات القوة الصناعية والتكنولوجية فى هذا المجال الاستراتيجي. قدرات إنتاجية عالية من جانبه، أكد الدكتور مهندس مجدى عبد العاطي، رئيس قطاع إنتاج المدافع بشركة أبو زعبل للصناعات الهندسية أن الشركة تمتلك قدرات فنية وهندسية متقدمة تمكنها من إنتاج عدة أعيرة مختلفة من المدافع الثقيلة والمتوسطة، وفقًا لأحدث المعايير العالمية، بدايةً من المادة الخام وحتى التجميع النهائي، ما يعكس طفرة كبيرة فى إمكانيات الصناعة الدفاعية محليًا.. وأوضح عبد العاطى أن لكل مدفع تصنّعه الشركة مواصفات فنية خاصة تتبع الدولة المالكة للتصميم، ما يستوجب الحصول على تراخيص تصنيع ونقل تكنولوجيا من الجهات الدولية المالكة للحقوق، مشيرًا إلى أن المصنع لا يعتمد على مصدر واحد فقط، بل ينتهج سياسة تنويع مصادر المعرفة التكنولوجية من عدة دول، وهو ما يمنح مصر مرونة استراتيجية فى مجالات التسليح والتصنيع الدفاعي. وأضاف أن عملية التصنيع لا تتوقف عند مجرد نقل التكنولوجيا، بل يتم تدريب المهندسين المصريين فى الخارج لاكتساب الخبرات، ثم يعودون للعمل داخل المصنع وتوطين هذه الصناعات محليًا، مما يسهم فى نقل الخبرة وامتلاك المعرفة الفنية بصورة مستدامة. وأشار إلى أن قطاع إنتاج المدافع يضم أكثر من (160) مهندسًا وفنيًا، جميعهم مدربون على أعلى مستوى، ويقومون بكتابة برامج التشغيل للماكينات محليًا دون الاعتماد على أطراف خارجية، ما يعكس المستوى المتقدم الذى وصلت إليه الكوادر الفنية داخل المصنع.. ولفت عبد العاطى إلى أن (مصنع 100 الحربي) لا يعمل فقط على تلبية احتياجات القوات المسلحة، بل يسعى أيضًا إلى دعم مجالات التصنيع المدني، وتعزيز الصناعات الثقيلة فى الدولة، بما يحقق أهداف الرؤية الوطنية للتصنيع والتوطين التكنولوجي. واختتم تصريحاته مؤكدًا أن ما تحقق فى (مصنع 100 الحربي) يعكس نجاح الدولة المصرية فى بناء قاعدة صناعية حقيقية تعتمد على العنصر البشرى المدرب والتكنولوجيا المتطورة، بما يخدم أهداف الأمن القومى ويقلل الاعتماد على الخارج. الصلب المدرفل من جانبه، أكد المهندس سعيد عبد الخالق، رئيس قطاع الدرفلة بشركة أبو زعبل للصناعات الهندسية (مصنع 100 الحربي)، أن الشركة تشهد تطورًا نوعيًا فى مجال تصنيع الصلب المدرفل، حيث بدأ العمل فى هذا القطاع الحيوى منذ عام 2010 ضمن خطة استراتيجية تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتى والتوسع فى دعم الصناعات الوطنية. وقال عبد الخالق، إن المصنع بدأ الإنتاج كنظام نصف متكامل، ويجرى العمل حاليًا على استكمال المراحل النهائية التى تؤهله للوصول إلى نظام إنتاج متكامل، بما يضمن التحكم الكامل فى دورة التصنيع من الخام وحتى المنتج النهائي. وأوضح أن قطاع الدرفلة يلعب دورًا محوريًا فى دعم الصناعات الدفاعية والمدنية على حد سواء، من خلال إنتاج صفائح الصلب عالية الجودة التى تُستخدم فى تدريع المركبات وتصنيع المكونات الهندسية الدقيقة، مشيرًا إلى أن التوسع فى هذا المجال يسهم فى تقليل الاعتماد على واردات الحديد المدرفل، ويعزز السيادة الصناعية الوطنية. وأشار إلى أن الشركة تعتمد على كوادر فنية وهندسية مدربة، ويولى اهتمامًا خاصًا ببرامج التدريب والتطوير المستمر لتأهيل العاملين على تشغيل الماكينات الحديثة ومواكبة أحدث تقنيات الدرفلة المستخدمة عالميًا. كما نوّه عبد الخالق إلى أن ما تم تحقيقه فى قطاع الدرفلة يفتح المجال أمام المصنع للانضمام إلى منظومة التكامل الصناعى القومي، لا سيما فى ظل توجه الدولة نحو تعميق التصنيع المحلى ودعم الصناعات الاستراتيجية. واختتم تصريحاته بالتأكيد على أن قطاع الدرفلة فى (مصنع 100 الحربي) لا يخدم فقط احتياجات وزارة الإنتاج الحربي، بل أصبح عنصرًا فاعلًا فى تلبية احتياجات السوق المحلى والصناعات الثقيلة فى مصر، ما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطنى وجهود التنمية الشاملة. تشكيل المعادن من جانبه، كشف المهندس عبد العزيز يوسف، مدير وحدة المطروقات بشركة أبو زعبل للصناعات الهندسية، عن تفاصيل القدرات الصناعية المتقدمة التى تمتلكها الوحدة، مشيرًا إلى أن (100 الحربي) أصبح من الكيانات الرائدة فى تشكيل المعادن على الساخن وفقًا لأعلى المعايير الفنية. وأوضح يوسف، أن وحدة المطروقات تقوم بتشكيل الكتل المعدنية على الساخن عند درجة حرارة تصل إلى (1200) درجة مئوية، وهى حرارة كافية للوصول إلى توزيع حرارى متوازن داخل الكتلة، بما يضمن جودة المنتج وثبات خصائصه الفنية.. وأضاف أن الوحدة قادرة على إنتاج أقطار تبدأ من 100 مم وحتى 1000 مم (متر كامل)، موضحًا أن بعض الكتل المعدنية الكبيرة يتم تقسيمها إلى عدة منتجات بأبعاد وأوزان مختلفة، حسب احتياجات الصناعة الدفاعية والمدنية، ما يعكس مستوى فنيًا متقدمًا فى هذا القطاع. وأشار إلى أن وحدة المطروقات تعتمد على تشغيل (8) أفران صناعية متطورة، مؤكّدًا أن جميع مراحل التشكيل تُدار بكفاءة عالية من حيث التحكم فى درجات الحرارة، وقياسات الأطوال، وجودة السطح الخارجى للكتل المشكلة. واختتم يوسف تصريحاته بالتأكيد على أن ما تحقق فى وحدة المطروقات هو نتاج سنوات من التطوير والتدريب والتخطيط، فى إطار توجه الدولة لتوطين الصناعات الثقيلة محليًا، وتقليل الاعتماد على المكونات المستوردة، وبناء منظومة إنتاج متكاملة تخدم أغراض الدفاع الوطنى والصناعة المدنية على حد سواء.. ما تشهده الشركة (مصنع 100 الحربي)، اليوم، من تطور فى قدراتها وخططها المستقبلية يعكس توجه الدولة الجاد نحو تعميق التصنيع المحلي، وتحقيق الاكتفاء الذاتى فى مكونات المنظومة الدفاعية، إلى جانب توسيع نطاق التصنيع المدنى فى المجالات المرتبطة، مما يؤكد أن مستقبل الصناعة الثقيلة فى مصر يبدأ من هنا.