يواجه الأب والأم صعوبة كبيرة فى تربية الأطفال، من حيث التعامل مع طباعهم وسلوكياتهم، فيبدآن بالبحث عن الطرق المساعدة فى بناء شخصية سوية ومتوازنة لهم. وفى هذا التحقيق، نتعرّف على إشكاليات تربية الأطفال فى العصر الحالي، وكيف يتمكن الوالدان من تنشئة الأبناء فى ظل التحديات المتسارعة يقول د. حسن يحيى، الأمين المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية: إن أى مجتمع بشرى ركيزته الأساسية هى الأسرة، فهى المنبع والمصبّ الذى يجمع ويلخص كافة النظم المحورية للمجتمع. فإذا تم بناء الأسرة بناءً سليمًا على أسس قرآنية ونبوية، كانت مشاركتها فى تشكيل المنظومة الأخلاقية مشاركة بنّاءة، وكان تأثيرها إيجابيًا.. ويضيف أن الهدف المنشود من الأسرة هو تعاقب الأجيال التى تحمل القيم وتحافظ على الثوابت، وقد عبّر القرآن الكريم عن الأبناء بأنهم زينة الحياة الدنيا، فى قوله تعالى: «المال والبنون زينة الحياة الدنيا»، ومن ثمّ فإن العناية بالأطفال وتربيتهم على الأخلاق الفاضلة تُعد من أولويات الإسلام. اقرأ أيضًا | a href="https://akhbarelyom.com/news/newdetails/4658861/1/%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D9%88%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%8A%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%81" title="أمين "البحوث الإسلامية" يشارك في تكريم الفائزين بمسابقة "مواهب وقدرات""أمين "البحوث الإسلامية" يشارك في تكريم الفائزين بمسابقة "مواهب وقدرات" ويشير إلى أن سورة لقمان قدّمت نموذجًا تربويًا شاملًا، يجمع بين التوجيه العقدى والسلوكى والاجتماعى، من خلال وصايا لقمان لابنه، بدءًا من النهى عن الشرك إلى أدق مظاهر السلوك كخفض الصوت والاعتدال فى المشى. ويؤكد أن القدوة من أهم أساليب التربية، مستشهدًا بقول النبى : «أما إنك لو لم تفعلى كُتبت عليك كذبة»، وذلك تعليقًا على سلوك أمّ وعدت ابنها بشيء دون نية إعطائه. ويحذر من خطورة الكذب التربوى الشائع فى تعامل الأمهات مع أطفالهن، مؤكدًا أن الأطفال يتعلمون بالقدوة، فإن رأوا صدقًا صدقوا، وإن رأوا كذبًا كذبوا. كما شدد على ضرورة معالجة أخطاء الأطفال بالحوار والرحمة لا بالعنف، وضرب مثالًا بحديث النبى مع رافع بن عمرو، عندما رُفع إليه أمر الطفل الذى كان يسرق التمر بسبب الجوع، فقال له بلطف: «لا تَرمِ، وكُلّ ما وقع، أشبعك الله وأرواك.» ويقول د. الأمير محفوظ، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سابقًا: إن الوالدين يواجهان عقبات اجتماعية واقتصادية كثيرة، بعضها بات ظاهرة عامة، مثل: الاستخدام المفرط لأجهزة الحاسوب والهواتف الذكية، وتأثير أفلام الكرتون على النمو النفسى، والتوحد وضعف التواصل نتيجة العزلة الإلكترونية. ويشير إلى أن منع هذه الأجهزة بات أمرًا صعبًا، لأن الأسرة كلها تستخدمها، مما يخلق بيئة خطرة تؤثر على تفكير وسلوك الأطفال. ويطرح الحل فى نشر ثقافة «الاستخدام الرشيد» للتكنولوجيا، وقصر استخدامها على ما فيه فائدة، مع ضرورة غرس حب القراءة، خاصة قراءة القرآن، وتفعيل الحوار الأسرى الحقيقى بدلًا من التواصل الإلكترونى. ويرى محفوظ أن الحوار الهادئ هو مفتاح بناء شخصية الطفل المتزنة، فهو يعلّمه التعبير عن الرأى، والتفكير النقدى، وتقديم النقد البناء. ويؤكد على ضرورة تخصيص وقت للجلوس مع الطفل، وبذل مشاعر إيجابية حقيقية، لبناء شخصية مستقرة نفسيًا وسلوكيًا. ويؤكد د. عبدالله الحسينى، منسق العلوم الشرعية بالأروقة العلمية ب الجامع الأزهر، أن التربية فى هذا العصر تواجه تحديات جسيمة، منها: الانفتاح الثقافى السريع، وضغوط الحياة المادية، والمحتوى غير المنضبط على الإنترنت، والتفكك العاطفى داخل الأسرة. ويقول: «الإسلام أولى التربية عناية عظيمة، وجعلها من أعظم المسئوليات، كما فى قوله : كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته». ويشير إلى أن المقاصد التربوية فى الشريعة تشمل: حفظ الفطرة السليمة، وتقوية الانتماء العقدى، وبناء الشخصية المتوازنة وذلك لا يتحقق بالأوامر فقط، بل بالتربية على القيم، والحوار، والقدوة الحسنة. ويختم بقوله: «التربية لا تكون بالانغلاق ولا بالانفلات، بل بالتحصين بالعلم والدين، والدعاء الصادق كما دعا الأنبياء من قبل: رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى».