عرفت أن الموقف ليس فى صالحى، فابتسمت فى وجه من صدمني، وقلت له إن المشكلة فى المراية لأن الشركة مركباها غلط فوضى المرور فى مصر تحتاج وقفة حقيقية ، بل هى مشكلة قومية خطيرة يجب وضعها على قائمة أولوياتنا. ونبدأ بسؤال بسيط، أين اختفت إشارات المرور الإلكترونية وكاميرات التصوير المصاحبة لها ؟ فبينما أصبحت شوارع العالم كله تعتمد على اشارات المرور الإلكترونية، إلى جانب شرطى المرور، فإننا نجد شوارعنا تكاد تخلو من هذه الإشارات والكاميرات ، فمعظمها إما معطل، أو غير موجود من الأساس، بالإضافة لاختفاء عسكرى المرور أيضا. والأماكن التى تشهد على ذلك كثيرة، منها مثلا شارع النيل الرئيسى أمام التقاطع الخطير بالعجوزة والذى يعتمد فيه قائدو السيارات معظم الوقت على الفهلوة فى قطع الطريق والدوران «يوتيرن»، نفس الشىء يحدث فى تقاطع خطير بشارع النيل أمام أكبر الفنادق بمنطقة رملة بولاق ، وإشارة أخرى معطلة دائما فى منطقة حيوية مزدحمة خلف المستشفى الفرنساوى فى مواجهة قصر العيني، هذه مجرد أمثلة أراها فى طريقى، وكل مواطن فى طريق بيته أوعمله، يواجه أمثلة أخرى كثيرة لهذه الفوضى الصارخة. مشهد آخر من مشاهد فوضى الشارع، أثاره بوست مؤلم للجراح الشهير د.جمال مصطفى سعيد، وهو مشهد الموتوسيكلات البهلوانية التى ملأت الشوارع، وحولتها إلى سيرك، فأصبحنا نرى أعدادا هائلة من الموتوسيكلات تحاصر البشر والسيارات بلا أى ضوابط ، فتقفز فوق الأرصفة، وتحشر نفسها بين السيارات، وتفاجئها من اليمين واليسار، وتتخطاها بأساليب لولبية، وسرعات جنونية، تهدد المارة والسيارات. ويقول د.جمال مصطفى سعيد أنه أصبح مرعوباً من قيادة السيارة، ويتساءل بكلمات بسيطة مؤلمة :«اتصرف ازاى مع الموتوسيكلات فى الطريق ... عددهم بقى كتير جداً وبيمشوا بطريقة بهلوانية خطرة وبلا قواعد.. مرة نصحتنى زوجتى بأن التزم يمين الطريق، عملت كده، وكان بينى وبين الرصيف على الكوبرى 10 سم ،لكن صاحب موتوسيكل أصر على السير فى هذه السنتيمترات العشرة، وطير لى مراية العربية ، وعندما نزلت غاضباً لأعاين، فوجئت خلال ثوانى بتوقف 10 موتوسيكلات حولى ،وعرفت أن الموقف ليس فى صالحى، فابتسمت فى وجه من صدمني، وقلت له إن المشكلة فى المراية لأن الشركة مركباها غلط، فاتبسط جدا، وانصرفنا جميعا أنا والموتوسيكلات العشرة، وكان الموكب مهيبا!» . وأضيف على كلام د.جمال ، أن قواعد المرور للأسف لا تنطبق على الموتوسيكلات فلا تراهم يتوقفون مع الإشارة الحمراء، ولا يدورون للخلف من الملفات الرسمية ، بل يكسرون الإشارات ، ويسيرون عكس الطريق ، ويدورون «يوتيرن» من أى مكان ،حتى لو من فوق الرصيف «عادى جدا»!! . أما على المحور والدائرى ، فالموتوسيكلات تقطع الطريق فجأة بالعرض أمام السيارات المسرعة ، وتنافس فى عمل»الغرز « اللولبية، التى تهدد الجميع بما فيهم قائد الموتوسيكل نفسه ، وطبعا الأمر ازداد سوءاً مع تضخم أعداد سائقى الدليفرى بعد أن أصبحت طلبات «الدليفرى» هى مصدر الدخل الرئيسي، لمعظم المطاعم والكافيهات. المرور بالطبع فى حاجة إلى وقفة حاسمة ، فنحن نحتاج تعميم اشارات المرور الإلكترونية والكاميرات فى كل الشوارع والميادين ، نحتاج أيضاً زيادة رجال المرور ، ووضع رادارات حديثة تتبدل أماكنها، ويصعب كشفها ، نحتاج تطبيقاً فورياً وحاسماً للمخالفات، حتى يتم احترام هذه الإشارات حتى فى حالة غياب شرطى المرور ، نريد قواعد وضوابط تعيد النظام للشارع، وتعيد قبلة الأمن والأمان ، حتى لا تصبح قيادة السيارة مغامرة تهدد الأرواح .