ربما عاد بعض الهدوء إلى «السويداء» ولو مؤقتاً، لكن الجرح النازف فى سوريا الشقيقة لن يشفى بسهولة، ولا شيء فى المشهد ، حتى الآن، يشير إلى أن أحدا يطرق أبواب التعافى الحقيقى أو يقر بالحقيقة الأساسية التى ينبغى أن تحكم الجميع وهى أنه لا إنقاذ لسوريا إلا بالتوافق الوطنى الذى يجعل سوريا دولة لكل مواطنيها، ويحيل التنوع الطائفى والمذهبى والعرقى إلى عامل ثراء وليس إلى سبب للاقتتال الداخلى والحروب الأهلية والتدخل الأجنبى الذى تجاوز كل الحدود فى وقاحته!! البديل عن دولة كل المواطنين هو ما رأيناه فى السويداء وقبلها فى الساحل السوري. قتال الميليشيات واستدعاء الطائفية بأسوأ صورها وغياب الدولة وتحطيم مؤسساتها يكشف أن مخطط التقسيم حاضر، وأن كل أعداء سوريا العربية يتسابقون لتنفيذ ما خططوا له. وأن التصدى لكل هذه المخططات لن يكون فاعلا إلا بتوافق وطنى سورى فى دولة لكل مواطنيها، وبوعى عربى يدرك أن سوريا الموحدة هى ضمانة للأمن العربى كله، وأن ما يجرى فى سوريا سوف يترك آثاره السلبية أو الإيجابية، على المنطقة كلها.. واسألوا فقط من يهددون علنا ب»سايكس بيكو جديد»، وراجعوا خرائط العدو الإسرائيلى لشرق أوسط ببصمة نتنياهو وبن غفير!! إسرائيل تلعب فى سوريا على المكشوف، وتوسع من نصيبها ليمتد من الجولان إلى السويداء، وتركيا تركز اهتمامها على الشمال وتوطد نفوذها فى دمشق، وأمريكا لا تدين بكلمة واحدة قصف إسرائيل لدمشق وإعلانها «السويداء»، منطقة نفوذ لها!! بل تكتفى بأن الحكاية كلها «سوء فهم»، أو «سوء تفاهم».. بين من تريدهم شركاء فى التطبيع لتضيف سوريا إلى قائمة ضحايا «سلام إبراهام» الزائف!!. المأساة الحقيقية أن أحدا لا يريد أن يتعلم الدرس، ولا أن يدرك أن ما يتم زرعه فى سوريا سوف ينبت قنابل تنفجر فى دول المنطقة حروبا طائفية ومخططات للتقسيم وخرائط يراد فرضها على شعوب المنطقة. الزعيم الدرزى اللبنانى وليد جنبلاط حمل مسئولية أحداث «السويداء»، للقائد الدينى لدروز السويداء «الهجري»، وللرئيس السورى المؤقت على قدم المساواة، وأكد على ضرورة الحوار لإنهاء الأزمة التى لا تهدد سوريا وحدها بل تهدد بالانتقال إلى لبنان والأردن والعراق، لكن الحوار مازال غائبا، والتهدئة المؤقتة جاءت بقرارات «خارجية»، من القوى نفسها التى أشعلت الفتنة!! تستحق سوريا الشقيقة ما هو أفضل بكثير، لكنها لن تناله إلا بتوافق وطنى ودولة لكل أبنائها وعودة لسوريا التى كانت على الدوام قلب العروبة التى عرفت قيمة التنوع واحتوت الجميع ورفضت أن تكون سلاحا للطائفية أو طريقا للكراهية بين أبناء الوطن الواحد. سلاما لسوريا.. قلبا للعروبة، وشعبا موحدا، ودولة لا تعرف التقسيم ولا تقبل الخيانة!!