إنها رواية التفاصيل الصغيرة، رواية الفلسطينيين اللذين يعيشون المأساة هذه رواية فلسطينية قدَّمها لى الدكتور أحمد بهى الدين رئيس مجلس إدارة هيئة الكتاب، وهى رواية فلسطينية. ما إن بدأت فى قراءتها حتى استمرت القراءة معى والإعجاب من جانبى بكل ما فيها. صاحبتها بسمة التكروري، كاتبة وشاعرة فلسطينية من القدسالمحتلة. تعيش فى كندا، رغم أنها وُلِدت بفلسطين. ودرست الأدب الإنجليزى وعلم الاجتماع بجامعة بيت لحم. حصلت على الماجستير فى الإعلام من جامعة لازل فى ولاية ماساتشوستس الأمريكية 2010. صدرت روايتها الأولى: مقعد الغائب 2001، وتبعتها بثلاث روايات وثلاث كُتُب للأطفال بالتعاون مع مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، ثم ألَّفت كتاب: يوميات تحت الاحتلال الذى صدرت طبعته الأولى بالعربية 2004، عن مؤسسة تامر للتعليم المُجتمعي، وصدر بنسخته الفرنسية عن دار لاكورت أبشل فى مارسيليا 2006. نالت روايتها: عبور شائك منحة مؤسسة تكست بيج عام 2009، وتُرجِمت قصائدها وقصصها إلى لُغاتٍ لا تُحصى ولا تُعد من لغات العالم. ومن الطبيعى أن هذه الرواية الجديدة تستمد أحداثها من الانتفاضة الفلسطينية الثانية. شرعت الروائية رحلتها السردية من حاجز قلنديا أحد الحواجز التى شوَّهت وجه مدينة ابتُلِيَت بالاحتلال، حيث يقف حشد كبير من جماهير اعتادت احتراق الوقت والتلظى فى جحيمه مُكرهين، يتشارك الأبطال الواقفون عند الحاجز الفاصل بين القدس ورام الله. إنها من المؤكد معاناة انتظار طويلة، فى حين تختلف غاياتهم من العبور. ففى الوقت الذى يسعى زياد - أحد أبطال الرواية - لاستلام جثة أبيه، تحاول شذى الهروب من ذاتها التى تقف على شفا حُبٍ جديد، وتواصل منار سلسلة محاولات فاشلة لزيارة زوجها المعتقل فى سجون الاحتلال الإسرائيلى الصهيوني. أما حسن فلا يقصد إلا مواصلة النضال ضد العدو. وعبر هذه الغايات المتنوعة لعبور شائك، تشتبك الكاتبة بسمة التكرورى مع معاناة الشعب الفلسطينى البطل الرازح تحت الاحتلال الغاشم يستهدف الأرض وأبنائها بالاستيطان والتخريب. تُهدى المؤلفة روايتها إلى دلع وآدم وديانا. وإلى أطفال شهدوا عام 1987 أينما أصبحوا الآن. تكتُب عنهم: - تكاثفت الصدف، صُدف ذلك اليوم لتجعل من حياة كل واحد من ثلاثتهم جحيماً، فى يومٍ شديد البرودة من آخر أيام شهر مارس الباردة. وسيعرف من يعود إلى ذلك اليوم أن عوالم انهدت بعده، وحقائق وأكاذيب وأوهام نزلت تحت الأرض، إنه يوم خرجت فيه سبع سنوات عن نفسها لتُنتِج صورة هدمت كل وهمٍ فى بلادهم. منار ابنة الحى العشوائى الضيق على التلة المقابلة لباب المغاربة فى القدس، وزياد ابن عم منار والذى أحب عمه والدة منار وتزوجها رغم رفض العائلة مصاهرة سُكَّان حى الزنار. وشذى ابنة الريف التى كبرت مع الأزهار البريَّة، وتعلَّمت كيف تكبُر لتتعرف إلى خياراتها فى واقع المدينة وحياتها، جاءت بها الأقدار لتشارك الإثنين سنتين من عمرها فى حى الزنار قبل أن تنتقل أسرتها إلى بيت حنينا ابتعاداً بها وبإخوتها عن مناطق اندلاع الانتفاضة الأولى فى بئر أيوب. فى يوم الانهيارات الكبيرة حمل كل واحد منهم همَّهُ بين كفيه ومضى محاولاً أن يملُص من حاجز قلنديا الأكبر حول مدينة القُدس الذى نصبته قوات الاحتلال على المفترق الرئيسى الفاصل بين محافظتى القدس ورام الله. ويُعد المفترق الذى يربط حركة المواصلات العامة بين معظم المدن الفلسطينية ورام الله والقدس. الرواية رواية أصوات، نقرأ أولاً صوت زياد وصوت حسن، وصوت شذى، وصوت منار، ثم تنتقل من الأشخاص إلى الأزمنة وتعود للأشخاص مرة أخرى، والتفاصيل هى البطل الجوهرى فى هذا النص الفلسطينى الجميل. الفصل الأخير من الرواية الجميلة بلا حدود عنوانه: على الحاجز. تكتُب فيه: - تبادل كل من زياد ومنار النظرات أول مرة منذ التقيا على الحاجز، كانا يُحدِّقان فى بعضهما تارة، وفى شذى وهى تعيد الصورة إلى حقيبتها تارة أخرى. كان من السهل على كل من منار وزياد أن يتعرفا على الصورة. فهى الصورة الجماعية الوحيدة التى التُقِطت لهما فى الصيف التمهيدى قبل اثنتى عشرة سنة. إنها رواية التفاصيل الصغيرة، رواية الفلسطينيين اللذين يعيشون المأساة التى صنعها لهم العدو الصهيونى الإسرائيلي. والذين يمرون بظروفٍ عصيبة وصعبة وقاسية. إنه ليس عبورٌ شائك فقط، ولكنها حياة شائكة.