بعد زيارة رئيس الوزراء بنيامين بنيامين الجديد إلى البيت الأبيض، تشير أكثر فأكثر فبط الأمريكى وعدم وجود حركة سياسية تدعو إلى الحرب في المنطقة، رغم التصريحات الحماسية الواضحة لأمريكان دونالد ترامب بالإضافة إلى ارتباطها بالستين يوما، إلا أن البطء فى إحراز لأي تفاهمات خلال مفاوضات الدوحة كان للجميع. ◄ هدنة مشروطة.. وخريطة إنتاج الحرب ونقلت «سى إن إن» مصدر عن مصرى مطّلع على المشاركين أن محادثات غير مباشرة فى قطر بين إسرائيل وحركة «حماس» لا تُحرز تقدمًا، لأن إسرائيل تضيف المزيد من المطالب. منذ ذلك الحين، قال مسؤوليته الكبيرة فى حركة «حماس» للشبكة الأمريكية إن المؤتمرات قد «تعثرت» بسبب الجوع، المعوق «شروطًا جديدة فى كل مرة، وأكملها خرائط جديدة لتواجد الجيش الإسرائيلي فى غزة». وقال مسؤول آخر فى «حماس» إن موقف اليهود من جديد أصبح «هو العقبة الحقيقية» فى المشارك، بالإضافة إلى أن التحرك لا يُصر على كامل التعاقد مع الإسرائيلي، وهو ما كان مطلبًا رئيسيًا في الكثير من الصراع. وفى وقت سابق، أوفد ترامب مبعوثه بشارة بحبح بالضمانات التى طلبتها «حماس» من الولاياتالمتحدة بعدم استئناف الحرب بعد فترة الستين يومًا إذا ما تعثرت المساعى الخاصة بإنهاء الحرب. لكن إسرائيل تمسكت بشدة بالبقاء على الأرض فى غزة، وهو ما ترفضه الحركة، بوصفه يُنافى الضمانات الأمريكية، ويلمّح إلى استعداد إسرائيل لاستئناف الحرب مجددًا أو احتلال غزة. ◄ خرائط الانسحاب ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصادر فلسطينية أن «مفاوضات الدوحة تواجه تعثرًا وصعوبات معقدة نتيجة إصرار إسرائيل، بدلًا من الانسحاب من القطاع، على إعادة انتشار وتموضع جيشها، وتتضمن إبقاء القوات العسكرية على أكثر من 40% من مساحة قطاع غزة، وهو ما ترفضه حماس». وبناءً على خريطة الانسحاب، تريد إسرائيل - بحسب المصدر - إبقاء قواتها فى «كافة المناطق جنوب محور موراج فى رفح، بما فى ذلك إبقاء السيطرة على محور فيلادلفيا»، أى منطقة الشريط الحدودى بين قطاع غزة ومصر وطوله نحو 13 كيلومترًا. وأوضحت المصادر أن إسرائيل «تريد أيضًا إبقاء السيطرة على معظم أراضى بلدة بيت حانون» (شمال القطاع)، وإبقاء مواقع ونقاط عسكرية فى كافة المناطق الشرقية لقطاع غزة بعمق يتراوح بين 1200 إلى 3000 متر. وشددت على أن وفد حماس المفاوض «لن يقبل الخرائط الإسرائيلية المقدّمة، لأنها تمثل منح الشرعية لإعادة احتلال حوالى نصف مساحة القطاع، وجعل قطاع غزة مناطق معزولة بدون معابر ولا حرية تنقل، مثل معسكرات النازية»، وحذّرت من أن خريطة الانسحاب هذه «تهدف إلى حشر مئات آلاف النازحين فى جزء من منطقة غرب رفح، تمهيدًا لتنفيذ تهجير المواطنين قسرًا إلى بلدان أخرى، وهذا ما ترفضه حماس». ◄ نتنياهو يناور ومع الإصرار الإسرائيلى، يبدو مجددًا تلاعب نتنياهو بالعالم أجمع. فهذا السفاح لا يريد للحرب أن تنتهى، وكيف ينهيها دون إتمام التهجير الذى سيرضى ائتلافه اليمينى المتشدد؟! ولم يعد التلاعب مخفيًا، بل واضح وللجميع. فرغم الضمانات الأمريكية التى أُرسلت لحماس، يقول وزراء فى الحكومة الإسرائيلية علنًا إن نتنياهو يتحدث معهم عن ضرورة اتخاذ قرار، لا عن إنهاء الحرب، وهو مصمم على مواصلة القتال بعد الاتفاق. ويواصل وزير الأمن القومى الإسرائيلى المتطرف وزعيم حزب «عوتسما يهوديت» إيتمار بن غفير محاولاته لإفشال الصفقة، فيما هدّد رئيس حزب «الصهيونية الدينية»، بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الحكومة. ومن ثم، فيبدو أن المنطقة ستظل أمام جولات وموجات من العنف والمواجهة، بتخطيط إسرائيلى ورعاية أمريكية، مدفوعة بالأساس بعدم وجود رؤية واضحة تترجم إلى استراتيجيات قابلة للتحقيق فيما يتعلق بالشرق الأوسط. ◄ حرب بلا هدف واهتم المحللون الغربيون بتناول التطورات. وفى مقابلة مع مجلة «فورين بوليسي»، قال الكاتب الأمريكى توماس فريدمان إن نتنياهو يريد وقف إطلاق نار بشروطه فقط: هدنة لمدة 60 يومًا يتم خلالها إطلاق سراح نحو نصف الرهائن وبعض الجثث، مقابل أسرى فلسطينيين. وبعدها، يريد استئناف الحرب، كما فعل سابقًا، لأن بقاءه السياسى يعتمد على ذلك. وأضاف فريدمان أن نتنياهو لا يفاوض ترامب كزعيمين، بل كسياسيين يفكران بمنطق المصالح الانتخابية. «لو كان مكان ترامب وزير الخارجية السابق جيمس بيكر، لكان أخبره بأن المصالح الأمريكية تقتضى وقف الحرب فورًا». ويضيف فريدمان، أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، وليست الدولة نفسها، هى أكبر تهديد للشعب اليهودى، بسبب سياساتها فى غزة التى تفتقر إلى هدف سياسى واضح. فاستمرار قتل المدنيين الفلسطينيين يوميًا أمام عدسات الكاميرات يثير الغضب العالمى، خاصة بين الشباب واليهود الأمريكيين. وأضاف: «غياب الهدف السياسى للحرب يخلق انطباعًا بأن الناس يُقتلون بدون مبرر حقيقى». ◄ دعاية إسرائيلية يُصر نتنياهو طوال الوقت على أن حربه تعيد خلق شرق أوسط أقل عدائية لإسرائيل. فهل الشرق الأوسط يتغيّر فعلًا؟ في مقاله بمجلة «نيوزويك» الأمريكية، كتب دانييل آر. دى بيتريس، وهو زميل فى مؤسسة «ديفينس برايوريتيز»، أنه إذا استمعت مؤخرًا إلى رئيس الوزراء الإسرائيلى فقد تعتقد أن الشرق الأوسط يقف على أعتاب عصر جديد أكثر سلمًا. تقوم فكرة هذا التفاؤل على منطق بسيط: بما أن إسرائيل والولاياتالمتحدة وجهتا ضربة قوية لإيران خلال ما يُعرف ب«حرب الأيام ال12»، فإن طهران لم تعد تملك القدرة على إثارة الفوضى أو تهديد إسرائيل كما كانت تفعل سابقًا. ◄ إيران تتراجع قال نتنياهو هذا الأسبوع من البيت الأبيض: «أعتقد أنه يمكننا تحقيق السلام بيننا وبين الشرق الأوسط بأكمله بقيادة الرئيس ترامب، ومن خلال التعاون، أعتقد أننا قادرون على إرساء سلام واسع جدًا يشمل جميع جيراننا». وبينما يصعب تجاهل بعض جوانب هذا الطرح، خاصة ما يتعلق بإيران، لا يبدو الأمر سهلًا كما يُظن. فالقوة العسكرية التقليدية الإيرانية، التى لم تكن قوية أصلًا نتيجة عقود من القيود الغربية، تلقت ضربة قاسية خلال الغارات الإسرائيلية الأخيرة. أما سلاح الجو الإسرائيلى، فقد تعامل بسهولة مع الدفاعات الإيرانية، ومهّد الطريق أمام القاذفات الأمريكية B-2 لإسقاط قنابل ضخمة على منشأتين نوويتين رئيسيتين فى نطنز وفوردو. وفى المقابل، يعانى ما يُعرف ب»محور المقاومة» - شبكة الميليشيات الحليفة لإيران - من حالة ضعف وتفكك بعد أكثر من عام من العمليات العسكرية الإسرائيلية. ◄ سلام لبنانوسوريا تشهد المنطقة تحركات دبلوماسية لا تخدم إيران. ففى لبنان، يقوم السفير الأمريكى فى تركيا، توم باراك، بوساطة بين إسرائيل وحزب الله والحكومة اللبنانية. ووفقًا له، فإن رد الحكومة اللبنانية على الورقة الأمريكية كان «رائعًا»، ما يشير إلى تفاؤل أمريكى بإمكانية تحقيق اتفاق سلام. كذلك، تجرى محادثات بين إسرائيل وسوريا، وهو أمر كان مستحيلًا فى عهد بشار الأسد، الذى كان يرفض أى تطبيع مع إسرائيل ما لم تُسلَّم الجولان. أما اليوم، فتحكم دمشق حكومة جديدة برئاسة أحمد الشرع، الذى يجرى محادثات سرية مع إسرائيل، بعد أن ألغت واشنطن بعض العقوبات على سوريا. ◄ صعوبات ميدانية لكن هذه التحركات لا تعنى بالضرورة قرب النهاية السعيدة. فالمحادثات مع لبنان معقّدة، إذ تستمر الغارات الإسرائيلية على مواقع حزب الله فى الجنوب رغم وقف إطلاق النار. كما أن حزب الله يرفض نزع سلاحه ما دامت إسرائيل تخرق الاتفاق وتحتفظ بمواقع مراقبة داخل لبنان. أما فى سوريا، فمن المستبعد أن يقبل الرئيس الجديد بالتطبيع الكامل مع إسرائيل دون استعادة الجولان. فذلك سيكون خرقًا للثوابت السورية وقد يثير غضب التيارات المحافظة، خاصة بعد أن قصفت إسرائيل موقعًا قرب القصر الرئاسى السورى مؤخرًا. ◄ المجزرة مستمرة ما لم يُذكر حتى الآن هو الحرب المستمرة فى غزة، التى تشكل عبئًا ثقيلًا على إسرائيل، وتجعل من الصعب على أى دولة فى المنطقة إصلاح علاقاتها مع القدس، حتى لو رغبت فى ذلك. وإذا بدا كل هذا تشاؤميًا، فذلك لأنه كذلك فعلًا. الشرق الأوسط يتحرك ببطء، ولا يبدو «الفجر الجديد» قريبًا. وسواء كان الشرق الأوسط يتشكل من أم لا جديدة، فلا يبدو أن هناك خير إلى الأمام إلى طرف ما دامت المقتلة المستمرة فى غزة. كشف إحصاء مستقل نشر فى مجلة «نيتشر» (النسخة العربية) أن نحو 84 ألف شخص استُشهدوا فى غزة من أكتوبر 2023 حتى يناير 2025 جرّاء العدوان. وفقًا للموافقة على الموافقة الرسمية لعدد الشهداء، فإن أكثر من نصف هذا العدد من النساء ما بين 18 و64 عامًا، والهوية، والعاشقات فوق 65 عامًا. وقد تركت مسوّدة الدراسة البحثية الموجودة على موقع «medRxiv».