لم تتذكر يوما أنها كانت حملاً في أحشاءها، ونسيت ضعف طفولتها ومسكنة صغرها، ولايزيد نموها إلا ثقلاً وضعفاً. وما أن أصبحت أنثى ناضجة شديدة التناسق، خرجت عن أبسط السلوكيات الإنسانية نحو أمها، حيث وقفت ترمي أمها بتهمة تبكي لها الفضيلة، وتتصدع لها الأرواح، فاتهمتها في زوجيتها، وأعلنت بأن أمها غير أمينة. اقرأ أيضا| تحديد أولى جلسات دعوى ضم بنات اللاعب إبراهيم سعيد انعقد لسان الأم من هول ماسمعت، والتفت رأسها باسئلة حولها كحيات "الأفاعي" فقتلتها فزعا قبل أن تقتلها بالسم.. تعلو وجهها دهشة عارمة غير مصدقة، فالابنة الكوبرا التي كانت أول المخلوقات التي دبت في احشاءها وهي تهبط من ظلمة البطن إلى الوجود الانساني الرحب، واخذتها وضمتها إلى صدرها لتلقمها ثديها تمتص من حياتها حياة إلى أن أصبحت أنثى ناضجة شديدة التناسق. وبدموع منهارة وصوت يشوبه أنين وتأوه تطلب سماع شهادة شقيق ابنتها المبلغة وشقيقتهما الصغرى اللذان يعيشان معها في نفس العمارة التي صارعت وجاهدت في بناء 6 أدوار بأموال الزوج الذي يتحمل الغربة والشقاء للعمل في إحدى الدول العربية لتأمين مستقبل أولاده الثلاثة، وطلبت استدعاء الشخص الذي تتهمها معه. وما أن علم الأب الذي عاد يجر أذيال الخزي والعار، وأهون عليه أن يشهد جنازة ابنته الكبرى من أن يسأل أمام القضاء ليبرئ زوجته من التهمة، ويسقط شكوى الابنة لأنه هو الوحيد الذي من حقه أن يقيم دعوى الزنا اذا كان ماتدعيه ابنته صحيحاً. وأفرجت النيابة عن الجميع، وتقرر حبس الابنة الكوبرا بتهمة البلاغ الكاذب، وإزعاج السلطات. تعود أحداث الواقعة عندما نشأت قصة حب بين الابنة الكبرى وشقيق صديقة لها، ورغم اعتراض الأم والأب على هذه الزيجة الا أن الابنة مارست كل الضغوط لموافقة الأسرة على زواجه منها، وتم الزفاف بإحدى شقق العمارة التي صارعت الأم والأب بانشائها من أجل الأبناء ومن أجل مستقبل طيب. أرغمت الابنة الأم أن تحرر لها عقد إيجار فالشقة من حقها في الميراث وحتى لا ينازعها شقيقيها إذا ماحدث شيئ. وقبل أن ينقضي العام الأول من زواج الابنة كانت قد وضعت طفلها الأول، وأغرى ذلك زوجها بالإمعان في وسائل ضغط على الأم للحصول على أكبر قدر من الامتيازات. وابتكر زوج الابنة الكبرى فكرة راح يحرض فيها الفتاة على أمها وهي أن تبيع الأم له الشقة بعقد صريح التفاصيل، وبذلك تخرج هذه الشقة من الميراث، وتنال الفتاة بعد ذلك ميراثها كاملاً كشقيقتها إذا جاء وقت الميراث. جن جنون الأم وعارضت، وعارض الجميع واعتبروا ذلك ابتزاز وإهانة، وصفعات للاسرة لامبرر لها، وتصيح الأم في الابنة بأنه يجب أن تستحي هي وزوجها، ويحمدان الله على كل ماحصلا عليه. اعتبر زوج الابنة الكبرى كلمات الأم وشقيقيها إهانة لكرامته، فما كان من الابنة إلا أن هددت الأم أمام الجميع بأنها سوف تعرف كيف تحصل على حقها، ولكن لم يدر بخلد الأم أبداً أنها سوف تسلك هذا الطريق والاتهام المؤلم المدمر. ورغم كل ذلك مالبثت الأم أن تنازلت عن كل ماسببته لها ابنتها، وتوسلت إلى مدير النيابة أن يعتبر البلاغ كأنه لم يكن.. وطلب منها أن توقع على ذلك وشيعها بنظرة إعجاب وهو يودعها. فهي الأم التي لم يلغي أمومتها اتهام أو ادعاء حتى لو كان اتهاما تنفطر له الأكباد وتتصدع له الأرواح.