كتبت :أسماء ياسر كشف البنك المركزى عن ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى بقيمة 174 مليون دولار ليصل إلى 48.7 مليار دولار فى نهاية شهر يونيو 2025، مقابل 48.526 مليار دولار بنهاية مايو السابق.. وأكد د. على الإدريسى أستاذ الاقتصاد الدولى وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع أن ارتفاع صافى الاحتياطيات الأجنبية بالبنك المركزى إلى 48.7 مليار دولار فى نهاية يونيو 2025 يعد مؤشرًا إيجابيًا يعكس تحسنًا ملحوظًا فى قدرة الدولة على إدارة مواردها من النقد الأجنبى وتلبية التزاماتها الخارجية، هذا المستوى من الاحتياطى هو الأعلى منذ أكثر من خمس سنوات. اقرأ أيضًا | محافظ البنك المركزي يوقع مذكرة تفاهم مع نظيره الصيني لتعزيز التعاون يعزز من الثقة فى الاقتصاد المصرى من قِبل المستثمرين الأجانب ومؤسسات التصنيف الدولية، خاصة فى ظل التحديات الإقليمية والدولية المعقدة، لافتًا إلى أن وراء هذا الارتفاع عدة عوامل رئيسية أبرزها زيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال النصف الأول من 2025، حيث شهدت مصر دخول استثمارات خليجية وعربية جديدة فى قطاعات الطاقة والتطوير العقارى والصناعة، بالإضافة إلى ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتى تجاوزت 15.3 مليار دولار فى أول ستة أشهر من العام، كما لعبت إيرادات السياحة دورًا كبيرًا فى دعم الاحتياطى، خاصة بعد عودة النشاط السياحى فى مناطق البحر الأحمر والساحل الشمالى وتحسن معدلات الإشغال الفندقى بشكل كبير، هذا إلى جانب الاستقرار النسبى فى سوق الصرف ونجاح البنك المركزى فى تنفيذ سياسات نقدية انضباطية أدت إلى استقرار الجنيه أمام الدولار وتحسن توقعات التضخم. وأوضح الإدريسى أن الأهمية الكبرى لهذا الارتفاع تتمثل فى تعزيز قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها من سداد الديون الخارجية وخدمة الدين، والتى تقدر بحوالى 28 مليار دولار مستحقة خلال العام المالى 2025/2026، كما يُسهم ارتفاع الاحتياطى فى تقوية مركز مصر التفاوضى أمام المؤسسات الدولية، وفى مقدمتها صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، خاصة فى ظل استكمال مصر لمراجعاتها المرتبطة ببرنامج الإصلاح الاقتصادى، بالإضافة إلى ذلك فإن هذا المستوى من الاحتياطى يُعتبر بمثابة صمام أمان لدعم الواردات من السلع الاستراتيجية الأساسية مثل القمح، الوقود، والأدوية، لمدة تتجاوز 7 أشهر، وهو ما يفوق الحد الأدنى الآمن عالميًا البالغ 3 أشهر فقط. وأشار د. أشرف غراب نائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية إلى أن ارتفاع صافى الاحتياطيات الأجنبية إلى 48.7 مليار دولار بنهاية يونيو 2025 يعكس متانة الاقتصاد المصرى وقدرته على تحقيق الاستقرار النقدى رغم التحديات، موضحًا أن هذه الزيادة ليست الأولى خلال العام الجارى بل تمثل الزيادة السادسة على التوالى فى عام 2025، لافتًا إلى أن الاحتياطى النقدى الأجنبى شهد نموًا كبيرًا خلال النصف الأول من عام 2025، حيث قفز من 47.109 مليار دولار فى ديسمبر 2024 ليصل إلى 48.7 مليار دولار فى يونيو 2025، بزيادة تقدر بنحو 1.591 مليار دولار خلال ستة أشهر فقط، مؤكدًا أنها تمثل قفزة هائلة تُحسب للسياسة النقدية والإصلاحات الاقتصادية الجريئة التى اتبعتها الدولة المصرية. وأضاف غراب أن استمرار ارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى رغم التوترات الجيوسياسية فى منطقة الشرق الأوسط، يعكس قوة المركز المالى للدولة ويعزز من ثقة المجتمع الدولى فى الاقتصاد المصرى، لافتًا إلى أن هذه القفزة تعود لعدة أسباب، فى مقدمتها الارتفاع الكبير والمستدام فى تحويلات المصريين بالخارج خلال الأشهر الماضية، خاصة عقب تحرير سعر الصرف فى مارس من العام الماضى، وما تبعه من القضاء على السوق الموازية ووجود سعر صرف موحد، وهو ما شجع العاملين بالخارج على تحويل أموالهم عبر القنوات الرسمية، وساهم فى توفير العملة الأجنبية، ودعم الجنيه، مشيرًا إلى أن تحويلات المصريين بالخارج سجلت قفزة تاريخية خلال 10 أشهر فقط بلغت 29.4 مليار دولار فى الفترة من يوليو حتى أبريل من السنة المالية 2024/2025، مقارنة ب 16.6 مليار دولار فى الفترة نفسها من العام الماضى، مضيفًا أن الفترة من يناير حتى أبريل 2025 شهدت تحويلات بلغت 12.4 مليار دولار مقابل 7.2 مليار دولار لنفس الفترة من العام السابق، كما حققت تحويلات شهر أبريل وحده نحو 3 مليارات دولار، وهو رقم غير مسبوق يعكس حجم الثقة والدعم من المصريين بالخارج لاقتصاد وطنهم. وأكد غراب أن من بين العوامل المؤثرة الأخرى فى زيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى، الارتفاع الملحوظ فى حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة خلال الشهور الماضية، إلى جانب النمو فى حجم الصادرات المصرية، موضحًا أن الصادرات السلعية غير النفطية ارتفعت بنسبة 27.4٪ خلال الفترة من يناير إلى أبريل 2025 لتصل إلى نحو 16.753 مليار دولار، وهو ما يمثل طفرة حقيقية فى الأداء التصديرى، مشيرًا إلى أن إيرادات القطاع السياحى ارتفعت أيضًا إلى نحو 8.7 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالى الحالى، مدعومة بزيادة أعداد السائحين بنسبة 25٪ خلال الربع الأول من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وهو ما يمثل مؤشرًا إيجابيًا على تعافى القطاع السياحى واستعادته لمكانته كأحد مصادر النقد الأجنبى المهمة، مشددًا على أن زيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى بشكل مستدام يُعد داعمًا قويًا للاقتصاد المصرى، مؤكدًا أن هذه الزيادة تسهم فى تعزيز قوة العملة المحلية، وتحقيق استقرار فى سعر صرف الدولار، بالإضافة إلى دعم الاستقرار المالى الحقيقى على المدى الطويل. ويرى المهندس هيثم الهوارى رئيس لجنة الزراعة والرى بالجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال أن ارتفاع صافى الاحتياطيات الأجنبية إلى 48.7 مليار دولار بنهاية يونيو 2025 خطوة تُحسب للدولة، وتدل على قدر من الصمود فى وجه ضغوط صعبة نعيشها جميعًا، داخليًا وخارجيًا، مضيفا أنه يجب أن ننتبه جميعًا إلى أن هذه الأرقام لا تكفى وحدها، ما لم تكن مصحوبة بخطوات حقيقية نحو الإنتاج والتحفيز، مؤكدا أن الاهتمام بالتصنيع الزراعى وخلق قيمة مضافة للمنتجات المصرية بوابة العبور نحو اقتصاد مستقر وقادر على المنافسة، خاصة أن التصدير ليس ترفًا ولا خيارًا ثانويًا، بل السبيل الوحيد لزيادة الحصيلة الدولارية وسد الفجوة التمويلية. وقال الهوارى: نحتاج إلى سياسات مالية وتجارية أكثر مرونة وواقعية تُحفّز الاستثمار، وتُزيل العراقيل أمام المصدرين، وتُطلق طاقات القطاع الخاص، خاصة أن مصر ملىء بالفرص الاستثمارية. ويقول أحمد خالد بشر عضو غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات ان ارتفاع الاحتياطى الأجنبى إلى 48.7 مليار دولار فى نهاية يونيو 2025 خطوة إيجابية، لكننا كصناع ومصدرين نعلم جيدًا أن استدامة هذه المؤشرات تحتاج إلى إنتاج حقيقى وتصدير فعّال، لذلك فإن المطلوب الآن ليس فقط الحفاظ على هذه الأرقام، بل البناء عليها من خلال دعم القطاعات الإنتاجية، وخاصة التصنيع الزراعى والصناعات التحويلية، لأن القيمة المضافة هى التى تصنع الفارق وتزيد من قدرة الدولة على مواجهة التحديات الاقتصادية.