بين جدران معبد فارامورثيسوارار في بلدة أرياثوراي بولاية تاميل نادو الهندية، تقف نقوش حجرية تُثير الدهشة والعجب، وكأنها جاءت من عصر العلم الحديث. نقوش تُظهر بتفاصيل دقيقة عملية الإخصاب ونمو الجنين البشري، وكأن من نحتها كان يملك مجهرًا متطورًا منذ ستة آلاف عام! مشهد علمي محفور في الصخر قبل أن تعرف البشرية شيئًا عن الموجات فوق الصوتية أو الحمض النووي. ترى، كيف توصّل الهنود القدماء إلى هذه المعرفة؟ وهل كانت الملاحظة الدقيقة وحدها كافية لبلوغ هذا الفهم المتقدم للحياة؟ ◄ أسرار معبد فارامورثيسوارار في قلب الهند الجنوبية، يقع معبد "فARAMORTHISWARAR" الذي يُعتقد أنه يعود إلى أكثر من 6000 عام. يتميز هذا المعبد ليس فقط بروعة بنائه المعماري، بل بما يحويه من نقوش مثيرة للدهشة، قد تكون من أقدم التصورات البشرية لعملية الإخصاب وتكوّن الجنين. تُظهر بعض النقوش على جدران المعبد ما يُشبه وبشكل مذهل الخلايا التناسلية البشرية – بويضة وحيوانات منوية – تندفع في اتجاهها، ومن ثم مراحل متقدمة لتكوين الجنين داخل الرحم. هذا الوصف البصري المفصَّل يسبق ما توصّل إليه العلم الحديث بآلاف السنين. ◄ مراحل متسلسلة تشبه الرسوم التعليمية تشير الدراسات البصرية لتلك النقوش إلى سرد متسلسل للخطوات التي تمر بها البويضة بعد الإخصاب، واندماجها مع الحيوان المنوي، ثم تطوّر الجنين داخل رحم المرأة. كل هذه المراحل محفورة بنظام يُشبه الرسوم التعليمية المعاصرة المستخدمة في كليات الطب. هذا الاكتشاف يفتح الباب لتساؤلات عديدة: كيف عرف هؤلاء القُدماء ما يجري داخل الجسم البشري دون أدوات علمية؟ هل اعتمدوا على الرؤية الحدسية والملاحظة السلوكية؟ أم أن لديهم طرقًا خفية لفهم الطبيعة ما زلنا نجهلها؟ ◄ الملاحظة الدقيقة أم إرث مفقود من علوم القدماء؟ يرجح بعض الباحثين أن هذه المعارف قد تكون ناتجة عن ملاحظة دقيقة للمرأة الحامل وسلوكياتها وتغيّرات جسدها، إضافة إلى أساطير ومعتقدات قديمة مرتبطة بالحياة والخلق. بينما يرى آخرون أن حضارات قديمة مثل الحضارة الهندية وربما المصرية كانت تمتلك أسرارًا علمية لم يتم توثيقها نصيًا، بل نُقشت بصمت على جدران المعابد. اقرأ أيضا| الفيل في مصر القديمة.. أول مدرعة حربية في التاريخ تُثير هذه النقوش الاحتمال بأن هناك معارف علمية طبية ربما كانت متوارثة شفهيًا أو دينيًا، ضمن نصوص قديمة مثل الفيدا أو الأيورفيدا، لكن لم يُلتفت إليها من منظور علمي غربي إلا في العصور الحديثة. ◄ أهمية إعادة قراءة التراث البصري ما يثير الدهشة أن هذه النقوش لم تُمنح حقها في الدراسة والبحث إلا مؤخرًا، في ظل التقدّم في تكنولوجيا التصوير والتحليل. وهو ما يُسلط الضوء على أهمية إعادة قراءة التراث البصري القديم بعيون علمية معاصرة. بين العلم والأسطورة، تقف نقوش معبد فارامورثيسوارار كدليل حي على عبقرية الإنسان القديم. فهل نحن أمام حضارة كانت تملك معرفة باطنية وعلمية أعمق مما نتصور؟ أم أن الملاحظة والتأمل وحدهما كانا كفيلين بفتح نوافذ على أسرار الجسد البشري؟ الجواب ما زال محفورًا هناك، بين خطوط حجرية صامتة، لكنها تتحدث بلغة العلم والمعجزة.