بعدما توقفت آلة الحرب الإسرائيلية الأمريكية الإيرانية عادت الأحداث إلى الغرب من تلك الأحداث وخليجها الملتهب،عادت كاميرا الأحداث لتلتقط لقطات تبدو للوهلة الأولى مجتزأة متباعدة؛لكنها في واقع الأمر وختام المشهد تكون مشهدا تراه إسرائيل هو لقطة النهاية أو النتيجة التي تسعى إليها مذ زرعتها أذرع الاستعمار فى القلب من هذه المنطقة من العالم ،تغذوها ينابيع نفعية توسعية بحتة ويغطيها خداع أغطية دينية محضة مبنية في غالبها على أكاذيب وتحريفات من كتاب طاله التحريف. إلى سوريا تعود كاميرا البث المباشر لترويج وإشاعة توقع إبرام اتفاق سلام ضمن الاتفاقات الإبراهيمية بين سوريا بثوبها الجديد وإسرائيل بثوبها التوسعى المعتاد،لكنه الأكثر دموية وطمعا في جيرانها وفى المنطقة؛ فقد نقلت قناة "آي نيوز 24" الإسرائيلية، عن مصدر سوري مطلع، قوله سابقًا إن إسرائيل وسوريا ستوقعان اتفاقية سلام قبل نهاية عام 2025. وأن الاتفاقية تنص على انسحاب إسرائيل تدريجيًا من جميع الأراضي السورية التي احتلتها بعد التوغل في المنطقة العازلة في 8 ديسمبر 2024، بما في ذلك قمة جبل الشيخ، على أن تُحوَّل مرتفعات الجولان إلى "حديقة للسلام"، من دون توضيح لمسألة السيادة النهائية. وكان الرد سريعا ،حيث جدد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، في مؤتمر صحفي، كلامه بأن إسرائيل مهتمة بإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع سوريا ولبنان،لكنها رغم ذلك لن تتفاوض على مصير هضبة الجولان السورية في أي اتفاق سلام.وأن بقاء إسرائيل في مرتفعات الجولان شرط أساسي للتطبيع مع سوريا. وهكذا تتضح الصورة لإسرائيل المستمرة في تحقيق مخططها،وسوريا الجديدة في عهد الشرع الذى ورث ميراثا مسمما من عهد آل الأسد الذى سقط بسقوط بشار وهروبه فى الثامن من ديسمبر 2024 بعد أربعة وعشرين عاما من التسلط والدكتاتورية ووصل الحال بسوريا إلى ماهى عليه من تشرذم وتنازع بين أطماع إسرائيل وتركيا والتقسيم الذى يدق الأبواب علنيا... وهو ما يحيلُنا الى قراءة المشهد فى سوريا طبقا لمانشره الكاتب الأردنى المهندس سليم البطاينة ،الذى يزيح الستار عن بعض مايخفى على المتابعين للمشهد من خلال تناوله وثيقة عوديد ينون ( Yonon Plan ) الصحفى فى جريدة The Jerusalem Post والمستشار السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلى شارون التى تم نشرها عام 1982 فى المجلة العبرية (كيفونيم )! وتم إعادة نشرها مؤخرا بعد سقوط الأسد الصغير بشأن الاستراتيجية الصهيونية فى الشرق الأوسط بما تحتويه من كوابيس لاستنادها إلى رؤية مؤسس الصهيونية ( هرتزل) والحبر اليهودى (فيشمان) فى مطلع القرن الماضي، فبعد سقوط النظام فى سوريا لم تستطع إسرائيل الانتظار بل قامت فوراً بتوجيه ضربات مكثفة استهدفت تجريد الدولة السورية ومؤسساتها وجيشها من مقدرات الأمن القومى واستباحت الأرض السورية ودمرت أكثر من 80٪ من مقدرات الجيش السوري؛ كما توسعت فى احتلالها لمزيد من الأراضى السورية بالسيطرة كاملا على سفوح جبل الشيخ والجولان، وبدأت تتضح معالم مشروعها التوسعى الكبير والذى يسمى (بممر داود) الذى يمر عبر الأراضى السورية للوصول إلى حدود العراق وإلى نهر الفرات تحديداً تحقيقاً للنبوءة التوراتية بمملكة داود. ولأن إسرائيل تنطلق فى مشروعاتها التوسعية الاستعمارية من منطلقات تلمودية قديمة أصابها التحريف والتأليف؛فقد أطلقت على توغلها داخل الأراضى السورية اسم عميلة (سهم باشان) الذى يرمز على حد معتقداتهم الى مملكة يهودية كانت قديما فى منطقة جنوبسوريا: وهى منطقة زراعية خصبة بالمياه العذبة تمتد من جنوبدمشق وحتى حوض نهر اليرموك وسهل حوران، ومن جبل الشيخ غرباً الى جبل الدروز شرقا. ويبقى السؤال: وماذا بعد وكيف ستمضى الأحداث وإلى أين تمتد الأطماع الإسرائيلية وتستمر الخيبات العربية ويتواصل الصمت بل المباركة الدولية؟