يشهد السوق العقارية المصرية تحوّلاً نوعيًا تقوده التكنولوجيا العقارية (PropTech) والابتكار في نماذج التملك، وعلى رأسها نموذج "الملكية الجزئية"، الذي بات يحظى باهتمام متزايد من المطورين والمستثمرين في آنٍ واحد، في ظل السعي نحو توسيع قاعدة المستثمرين وتقديم حلول أكثر مرونة وعصرية. خلال السنوات الأخيرة، تسارعت وتيرة دخول التقنيات الحديثة في جميع مراحل النشاط العقاري في مصر، بداية من تقييم الأراضي واختيار المواقع، مرورًا بإدارة عمليات البناء والتشغيل، وانتهاءً بآليات البيع والتأجير وإدارة الأصول. وأصبح استخدام المنصات الرقمية، والبيانات المفتوحة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي من العناصر الأساسية في اتخاذ القرار الاستثماري وتحديد الفرص. قال المهندس بدير رزق، أحد أبرز المطورين العقاريين الداعمين للتكنولوجيا العقارية في مصر، إن نموذج الملكية الجزئية يمثل حلًا عمليًا واستثماريًا ذكيًا، يمنح شريحة كبيرة من الأفراد فرصة الاستثمار في وحدات عقارية، دون الحاجة لامتلاك الوحدة بالكامل. وأضاف:"الملكية الجزئية أشبه بصندوق استثمار عقاري مصغر، لكنها أكثر مرونة وأقل تعقيدًا، خصوصًا في الوحدات الإدارية والتجارية، حيث يبحث المستثمر عن عائد إيجاري مضمون دون تحمل أعباء الإدارة". وأكد رزق أن التكنولوجيا العقارية تلعب دورًا أساسيًا في تمكين هذا النموذج الجديد، قائلاً:"بفضل المنصات الرقمية، أصبح بإمكاننا بيع وحدة واحدة لمئات المستثمرين دون الحاجة للتواصل الفردي معهم، كما تسهل التكنولوجيا عمليات الإدارة والتأجير وتوزيع الأرباح، وتخلق تجربة استثمارية أكثر شفافية وسلاسة". وأشار إلى أن القطاع العقاري في مصر أصبح أكثر انفتاحًا على الحلول الرقمية، سواء في البيع أو إدارة الأصول أو تقديم البيانات الدقيقة، مضيفًا: "اليوم أصبحنا نستطيع تحليل اتجاهات السوق، وتسعير المنتجات بدقة، وفهم أنماط الطلب بفضل البيانات والذكاء الاصطناعي، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على جودة القرار الاستثماري". وأوضح رزق أن الجهات التنظيمية في مصر تتحرك بخطى واثقة لتنظيم السوق، خاصة فيما يتعلق بالملكية الجزئية، مشيدًا بدور هيئة الرقابة المالية في وضع إطار قانوني يفصل بين التمويل العقاري وصناديق الاستثمار والملكية الجزئية. "هناك جهود لتقنين نموذج الملكية الجزئية، بحيث يتم منحه غطاء قانونيًا وتنظيميًا واضحًا، وهو ما يفتح الباب أمام مستثمرين أفراد ومؤسسات لدخول السوق بثقة وأمان"، بحسب تصريحاته. واختتم رزق تصريحاته بالتأكيد على أن دمج التكنولوجيا في السوق العقارية لم يعد خيارًا، بل ضرورة حتمية للبقاء في المنافسة، قائلاً:"من سيتبنى التكنولوجيا والملكية الجزئية اليوم، هو من سيقود السوق العقاري غدًا. هذا هو الاتجاه العالمي، ومصر تسير عليه بخطى متسارعة".