في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة وتتغير فيه الأولويات، أصبحت بعض القرارات المصيرية تتخذ على عجل، ومن بينها قرار الزواج دون المرور بفترة خطوبة كافية، وبينما يرى البعض أن "خير البر عاجله"، يشدد متخصصون في العلاقات الأسرية على أن الخطوبة ليست مجرد تقليد اجتماعي، بل مرحلة ضرورية لاكتشاف مدى الانسجام الحقيقي بين الشريكين، فهل يمكن فعلا الاستغناء عنها دون أن يدفع الطرفان الثمن لاحقا؟ تعتبر فترة الخطوبة فرصة ثمينة للتعارف العميق بين الطرفين، حيث يكتشف كل منهما خريطة شخصية الآخر، بما تحمله من طموحات، نقاط قوة، عيوب وسلوكيات قد لا تظهر في اللقاءات الرسمية أو الفترات القصيرة،من خلالها، يمكن بناء أساس قوي لعلاقة تقوم على الفهم والتقدير، بدلا من الدخول في زواج تغلب عليه المفاجات والصدامات. اقرأ ايضا|مشيرة إسماعيل: على الحجار طلب مني أترك التمثيل وبالفعل وافقتن ورغم هذه الأهمية، انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة "الزواج السريع"، سواء بإلغاء الخطوبة تمامًا أو اختصارها لأيام أو أسابيع معدودة، ما يثير مخاوف حقيقية لدى بعض الفتيات والرجال من مستقبل غير مضمون، خصوصا مع تكرار قصص الانفصال المبكر بسبب عدم التوافق. لماذا يتم تجاوز الخطوبة؟ توضح د. ريهام الهواري، أخصائية العلاقات الأسرية ومهارات التواصل في تصريحات صحفية، أن هناك عدة عوامل تدفع البعض لتجاوز هذه المرحلة، أبرزها: الضغوط النفسية والاجتماعية: مثل تأخر سن الزواج، أو المقارنة المستمرة مع الصديقات المتزوجات، أو حتى التعرض لتعليقات سلبية تقلل من ثقة الفتاة بنفسها. الهروب من المسئوليات: بعض الفتيات يلجأن لقرار الزواج كوسيلة للهروب من أعباء أسرية أو حياتية متراكمة. الرغبة في الإنجاز السريع: بعض الرجال يتعاملون مع الزواج كأحد أهداف الحياة التي يجب إنجازها بسرعة، دون إعطاء الوقت الكافي لاختبار التوافق مع الشريكة. عواقب القرار المتسرع تحذر الهواري من أن الاستغناء عن فترة الخطوبة قد يؤدي إلى صدمات بعد الزواج، نتيجة اكتشاف اختلافات جوهرية أو غياب التفاهم، ما يفتح الباب أمام مشاكل أسرية قد تصل في بعض الأحيان إلى الطلاق. الخطوبة ليست ترفا تؤكد د. الهواري أن الخطوبة ليست رفاهية يمكن الاستغناء عنها، بل هي مساحة ضرورية لبناء علاقة صحية،في هذه المرحلة، يسقط التمثيل والتصنع تدريجيا، وتظهر الطباع الحقيقية، مما يمكن الطرفين من اتخاذ قرار الزواج عن وعي وبصيرة. ماذا لو ألغيت الخطوبة؟ إذا قرر الطرفان فعلاً اختصار أو تجاوز هذه الفترة، تنصح الأخصائية الأسرية بضرورة الوعي الكامل بالعواقب، واتباع أسلوب تواصل واضح وصريح بعد الزواج، مع الالتزام ببذل جهد مضاعف لاكتشاف بعضهما البعض تدريجيا وتجاوز الفجوات المحتملة. الزواج ليس سباقا للوصول، بل رحلة تحتاج إلى تخطيط، ووعي، وترو،وفترة الخطوبة هي أولى المحطات في هذه الرحلة، لا تهدف فقط للفرح والتحضيرات، بل لقياس مدى التوافق والاستعداد الحقيقي لبناء حياة مشتركة،قبل أن تتخذ قرارك، اسأل نفسك: هل تعرف حقا من سترتبط به؟