إذا صمد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل (وهذا هو الأرجح) فلأن ذلك يلبى احتياجاً أساسياً فى هذا التوقيت للطرفين، ومعهما - وربما قبلهما- الطرف الثالث فى هذه الحرب وهو الولاياتالمتحدةالأمريكية!! اسرائيل ترى أنها حققت (أو تحقق لها !!) أقصى ما يمكن تحقيقه فى هذه المرحلة ألحقت أضراراً فادحة بإيران وأضعفت لحد كبير برنامجها النووى وقدراتها الصاروخية وإن لم تقض عليهما تماماً وفى نفس الوقت نالها الكثير من الضربات الصاروخية الإيرانية وتخشى من الدخول فى حرب استنزاف طويلة لا يتحملها اقتصادها المعطل وجيشها المنهك وشعبها الذى أصبح ضيفاً دائماً فى الملاجئ مع استمرار هجمات الصواريخ التى تزداد وطأتها. وإيران التى صمدت للعدوان الاسرائيلى ثم للضربات الأمريكية على مراكزها النووية دفعت بلا شك أثماناً كبيرة فى قدراتها العسكرية والاقتصادية وبرنامجها النووى وفقدت أعداداً من كبار قادتها العسكريين ومن علمائها النوويين ورغم صمودها الكبير للضربات التى تلقتها وردها الصاروخى القوى الذى أرهق اسرائيل.. فإنها تعانى اقتصادياً بسبب العدوان الأخير وأيضاً بسبب سنوات من العقوبات المشددة التى فرضت عليها وهى فى حاجة شديدة لمعالجة انكشافها الجوى واختراقها الاستخباراتي. الولاياتالمتحدة أيضاً كانت تبحث عن مخرج بعد أن أصبحت شريكاً فاعلاً فى حرب لا يريدها غالبية الشعب الأمريكى ويحذر الجميع من أن تتحول إلى نسخة ثانية من أفغانستان أو العراق أو غيرهما من الحروب الفاشلة والمكلفة لأمريكا!! وقد زادت المخاوف وارتفعت أصوات المعارضة حتى بين أشد أنصار ترامب بعد أن تحدث الرئيس الأمريكى لأول مرة عن تغيير النظام الإيرانى بعد أن كان الأمر مقتصراً على البرنامج النووى. ولا شك أن وقف إطلاق النار يمثل بداية الخروج من هذه الأزمة اذا سارت الأمور فى مسار صحيح وإذا انفتح باب التفاوض، وكانت هناك إرادة حقيقية لتحقيق السلام وهو أمر ليس سهلاً فى ظل غياب الثقة بعد أن شاركت واشنطون فى الحرب على إيران وأعلنت عن استهداف نظامها الحاكم!! العودة للمسار الدبلوماسى تثبت مرة أخرى أن الحل العسكرى لن ينهى الصراع وأن الاحتكام للقانون والالتزام بالشرعية الدولية وعدم اللجوء للمعايير المزدوجة هى وحدها التى تحقق الأمن والاستقرار للجميع .الطريق مازال صعباً وربما ازداد صعوبة بعد العدوان على إيران وبعد تعريض المنطقة والعالم لمخاطر الصراع النووى ، ومع ذلك فلا بديل عن الحل الدبلوماسى ولا أمل إلا أن يكون الجميع قد استوعبوا الدرس!!