كشف تقرير حديث لموقع "ذا جراي زون" الأمريكي، عن تدخل إسرائيلي واسع النطاق داخل دوائر صنع القرار في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عبر توظيف شخصيات أمنية بارزة لنقل معلومات استخباراتية مُضلِّلة بشأن إيران. ووفقًا لمسؤول سابق في الإدارة الأمريكية، فإن مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية جون راتكليف وقائد القيادة المركزية الجنرال مايكل كوريلا عملا كقنوات مباشرة لنقل تقييمات مصدرها الموساد الإسرائيلي، دون الإفصاح عن هوية المصدر للرئيس الأمريكي. وتأتي هذه المعلومات في وقت تشهد فيه العلاقات الأمريكيةالإيرانية توترًا متصاعدًا على غرار الضربة الإسرائيلية لإيران. وفي التفاصيل.. كشف مسؤول رفيع في إدارة ترامب لموقع "ذا جراي زون" الأمريكي، عن تورط شخصيات بارزة في الإدارة الأمريكية، منها مدير وكالة المخابرات المركزية جون راتكليف، وقائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا، في تمرير معلومات استخباراتية مشكوك في مصدرها حول البرنامج النووي الإيراني، بهدف التأثير على قرارات ترامب ودفعه إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران. اقرأ أيضًا: واشنطن بوست: ترامب لم يعد أمريكا للحرب مع إيران وبحسب المصدر، فإن راتكليف وكوريلا قدما لترامب إحاطات استخباراتية مبالغ فيها، دون الكشف أن مصدرها الحقيقي هو الموساد الإسرائيلي. وأكد أن معارضي هذا التوجه داخل الإدارة الأمريكية أُقصوا تمامًا من الاجتماعات، مما خلق بيئة أحادية الرأي مهيأة للتصعيد. وخلال لقاءات جمعت إدارة ترامب بمسؤولين إسرائيليين، من بينهم رئيس الموساد ديفيد بارنياع، ظهرت نوايا واضحة للضغط على واشنطن من أجل شن هجوم على إيران، بل والمطالبة باغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي، تحت ذريعة أن "الفرصة أصبحت مناسبة". وأشار المسؤول إلى أن التركيز الإسرائيلي لم يكن على تخصيب اليورانيوم، بل على إثارة الذعر ودفع الولاياتالمتحدة لشن حرب تغيير نظام في طهران. حتى أن أحد الإيجازات زعم أن إيران قد تنقل سلاحًا نوويًا للحوثيين خلال أسبوع، وهو أمر وصفه المصدر بالتهويل غير المنطقي. في تلك الفترة، حاول ستيف ويتكوف، كبير مفاوضي ترامب مع إيران، الحفاظ على المسار الدبلوماسي، لكنه اصطدم بموجة من التحريض المتعمد. وأوضح المصدر أن اغتيال خامنئي، إذا حدث، سيكون نهاية حتمية لأي مفاوضات، وهو السيناريو الذي بدت تل أبيب تسعى لتحقيقه. كما حذّر المصدر من أن أي ضربة أمريكية لإيران ستدفع طهران إلى تحريك أذرعها في العراق وسوريا بحسب الموقع الأمريكي ذاته مما قد يؤدي إلى مقتل جنود أمريكيين وتصعيد لا يمكن التحكم فيه. واتهم التقرير إسرائيل بأنها تخوض حرب استنزاف وتعمل على استدراج الولاياتالمتحدة لخوض معركتها، مستخدمةً أدوات داخل إدارة ترامب، من بينهم راتكليف وكوريلا. ولفت إلى أن رئيسة موظفي البيت الأبيض، سوزي وايلز، أبعدت المعارضين لتلك الرؤية، مثل تولسي جابارد، من دوائر القرار، وأبقت على من يمكن التأثير عليهم بسهولة. لوبي إسرائيلي وفي سياق متصل، نشر موقع "ذا جراي زون" تسجيلًا صوتيًا لإليوت براندت، الرئيس التنفيذي للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC)، يتباهى فيه بتجنيد راتكليف وغيره من أعضاء الكونجرس لصالح مصالح إسرائيل. وقال براندت، إن راتكليف كان من أوائل من تم تجنيدهم عندما ترشح للكونجرس، وإنه "شريان حياة" للإدارة. إلى جانب راتكليف، ذُكر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي الأمريكي السابق لترامب، مايك والتز كأمثلة لمسؤولين دُفعوا من قبل AIPAC إلى مواقع أمن قومي حساسة. وروى التقرير أن والتز، نسق سرًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو لترتيب ضربة أمريكية لإيران، الأمر الذي أدى لاحقًا إلى استبعاده من منصبه، ليحل محله روبيو. صعود مشبوه لرئيس بلدية إلى قمة الاستخبارات أما جون راتكليف، الذي بدأ مسيرته السياسية كرئيس بلدية لبلدة صغيرة في ولاية تكساس الأمريكية، فقد صعد سريعًا رغم افتقاره لأي خبرة عسكرية أو استخباراتية. ورغم فشل ترشيحه لمنصب مدير الاستخبارات الوطنية في 2019 بعد اكتشاف مبالغاته بشأن دوره في قضايا الإرهاب، عاد ترامب ليمنحه المنصب لاحقًا، ثم مدير CIA، مما عزز نفوذ إسرائيل في الإدارة. وفي عام 2024، وضعت صحيفة "جويش ديلي فوروارد" الأمريكية، راتكليف ضمن قائمة "مستشاري ترامب اليهود والحكومة المؤيدة لإسرائيل"، في مؤشر على عمق النفوذ الإسرائيلي داخل دوائر الأمن القومي الأمريكية. وفي خضم التحضيرات العسكرية، برز الجنرال مايكل كوريلا كعنصر محوري في الإقناع بالتصعيد ضد إيران، والتي قد وصفته صحيفة "إسرائيل هايوم" ب"العنصر الحيوي لإسرائيل"، فيما اعتبرت "تلجراف" البريطانية أنه "الجنرال المفضل" لدى تل أبيب. وبحسب محللين في البنتاجون، فإن توقيت الضربة الإسرائيلية لإيران في 13 يونيو/حزيران، جاء مرتبطًا بقرب تقاعد كوريلا، وكأن إسرائيل أرادت استغلال وجوده لضمان دعم أمريكي مباشر في بداية المعركة. في موازاة ذلك، أُبعدت تولسي جابارد من الاجتماعات، خاصةً بعد أن حذرت علنًا من تكرار سيناريو هيروشيما عبر "حرب نووية مفتعلة". وفي رد فعل غاضب، سخر ترامب من تصريحاتها، مُكررًا ما نقله له راتكليف من تقييمات إسرائيلية. أما جابارد، فحاولت لاحقًا عبر بيان على «إكس»، نفي أي تعارض مع ترامب، مؤكدةً أن تصريحاتها أُسيء تفسيرها، لكنها لم تغيّر تقييمها الفعلي بأن إيران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي. واستُبعد أيضًا وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث من دائرة القرار، ليبقى كوريللا هو الممثل الحصري للبنتاجون. في المقابل، أدار نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس اجتماعات بديلة حاول فيها فتح نقاشات أوسع وأكثر توازنًا. ورغم كل ذلك، ظل تأثير الإعلام واضحًا، إذ أشار التقرير إلى أن ترامب يستقي كثيرًا من قناعاته من قناة "فوكس نيوز"، التي تحولت إلى أداة دعاية للتصعيد ضد إيران، وفقا لما أشار له الموقع الأمريكي ذاته. وهو ما دفع ستيف بانون، مهندس حملة "أمريكا أولًا"، للمطالبة بالتحقيق مع القناة بموجب قانون تسجيل العملاء الأجانب.