لم تتوقف محاولات تشويه الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية منذ أن بدأت الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة قبل ما يقرب من 20 شهرًا وتحملت مصر كثيرًا من الشائعات والاستهداف الذي يمكن وصفه بالممنهج من أطراف مختلفة بما يهدف لتشتيت الجهود التي تبذلها الدبلوماسية المصرية لوضع حد للصراع القائم حاليا، وكانت القوافل الإنسانية آخر هذه الأسلحة التى جرى إشهارها في وجه الدولة المصرية في حين جرى التعامل معها وفقا لما يُعلى من قيمة الإجراءات القانونية وأمن وسيادة الدولة، وبما لا يترك منفذًا يمكن أن توظفه إسرائيل لتحقيق مخططاتها. ◄ كشف نوايا إسرائيل وأمريكا بعد أن قدمت خطة قابلة للتنفيذ لإعادة إعمار القطاع ◄ الاستهداف لصالح قوى إقليمية تبحث عن التأثير في مجريات القضية ◄ عبدالوهاب: تصدير الأزمة لمصر وممارسة الضغوط عليها ليس جديداً ◄ القافلة فقدت أي تأييد بعد انكشاف أهدافها ومنذ اليوم الأول لانطلاق الحرب جرى التشكيك فى الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية ورغم أن القاهرة ربطت بين إخراج رعايا الولاياتالمتحدة بإدخال المساعدات فى ذلك الحين فإن الموقف لم يتم الوقوف عنده رغم أهميته، وكانت مصر أول من أعلن صراحة عن نوايا دولة الاحتلال فى تهجير الفلسطينيين، وضيقت الخناق دبلوماسيا على ألاعيب الاحتلال وتبنت العديد من الحلول السلمية التى تقضى بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، ووظفت ذلك لإدخال كميات كبيرة من المساعدات خلال الهدن المختلفة التي جرى الوصول إليها، ويُمكن النظر إلى مساعى التشويه بفعل الموقف الذى اتخذته وزارة الخارجية وأجهزة الأمن بشأن مرور «قافلة الصمود» التي سعت للوصول إلى معبر رفح دون تنسيق مسبق، على أن إحدى المحاولات التى تهدف للتقليل من الدور المصري لصالح قوى أخرى تحاول أن تجد لنفسها موقعا على مستوى التأثير فى مجريات القضية الفلسطينية، وأن محاولات الانقضاض على الدور المصرى لم تفلح فى تحقيق أى نتائج إيجابية تذكر لصالح الفلسطينيين وهو ما يدركه أبناء قطاع غزة الذين لديهم معرفة بأهمية الجهود المصرية لدعم قضيتهم. قال عبدالهادي سمير البحيصي، وهو فلسطيني الجنسية مقيم بقطاع غزة فى تدوينة له على موقع «فيسبوك»: «إن ما تسمى «قافلة الصمود» إخوانية، وأطلقت تحت إشراف ما يسمى «اتحاد علماء المسلمين» القابع فى لندن، الذي تسيطر عليه أجهزة المخابرات الغربية، مضيفًا: «تدور دائرة الإعلام الموجه على القافلة القادمة على أنها شُكلت لكسر الحصار، بعد ما يقارب العامين من الإبادة، وستمر بالأراضى العربية لتأخذ معها ما يسمون أنفسهم نشطاء ومبادرين وحقوقيين. ببساطة عندما ترى إعلام الإخوان يبث عن القافلة أو حدث ما، يجب أن ندرك أنه يشوبه الكثير من علامات الاستفهام»، وواصل: «الأهداف الخفية للقافلة مؤامرة مكتملة الأركان، فى ظل فشل مخططات التهجير، وتأتى هذه الدعوات الخبيثة فى ظل اشتعال المنطقة، والأخطر من ذلك فى ظل اشتعال النقاط الحدودية بين مصر والسودان»، وتابع: «لماذا هذا الخيار بعد فشل الجماعة الذريع ووراءها ممولوها والمتحكمون فيها، فى كثير من التجارب والخيارات لإشعال الإقليم والفوضى داخل الأنظمة الوطنية؟ فمن حق الدول المحافظة على أمنها القومي». ◄ تصدير الأزمة وقال الدكتور أيمن عبدالوهاب، رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن محاولة تصدير الأزمة للدولة المصرية وممارسة العديد من الضغوط عليها أمر ليس بالجديد، ومنذ أن بدأت عملية طوفان الأقصى وهناك العديد من الأطراف الإقليمية والدولية تسعى جاهزة لمحاولة الإيحاء بأن هناك قصورا فى الدور المصري، وأن المحاولات الجديدة عبر قافلة الصمود لا يمكن قراءتها بعيدًا عن هذا السياق، والتى تتجاوز الدور الوطنى والقومى للدولة المصرية لصالح حسابات قوى إقليمية ولصالح بث الفوضى، وأوضح أن المصريين شاهدوا من قبل نتائج تأثيرات الفوضى وتأثير محاولة الضغط على الدولة المصرية وتشويه دورها، وهى محاولات جميعها باءت بالفشل وظهر الموقف المصرى وصلابته فى دعم القضية الفلسطينية، وإصرار القيادة السياسية على منع التهجير وتصديها لحراك الرأى العام لإظهار حرب الإبادة التى تنتهجها إسرائيل وإصرار مصر على إدخال المساعدات عبر العديد من المراحل السابقة، وبالتالى تظهر المحاولات الحالية كونها تخدم قوى إقليمية وقوى سياسية ليس لديها مصلحة فى استقرار الدولة المصرية. وقال اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن الأمن القومى المصرى يواجه أقصى درجات التهديد فى ظل إنهاء جيوش المنطقة واشتعال الحرب الحالية مع إيران، مشيرا إلى أن القافلة الأخيرة تحمل بصمات إخوانية ظاهرة وأن دعم الشعب الفلسطيني من خلال الزج بآلاف الأشخاص دون أوراق ثبوت أو تنسيق مسبق هو حق داعم للقضية الفلسطينية لكنه يراد به باطل، وأن هذه القوى تستغل عاطفة المصريين غير أن يقظة الأجهزة الأمنية المصرية نجحت فى التعامل مع هذا الخطر بشكل مسبق، مضيفًا أن محاولات خلق تأييد شعبى للقافلة تحطم بعد أن انكشفت أهدافها وبعد أن أدرك المصريون بأن ما حدث منذ ثورات الربيع العربي كان لخدمة إسرائيل وليس لخدمة شعوب المنطقة العربية التي يجرى تزييف وعيها بشعارات رنانة، كما أن الصراعات المشتعلة فى المنطقة حول الدولة المصرية تدفع نحو ضرورة التعامل مع أي فاعليات أو دعوات من هذا النوع بقدر من الحرص. ◄ اصطفاف المصريين الشعب المصرى يصطف خلف مؤسسات الدولة فى مواجهة محاولات الخروج عن القواعد التنظيمية والقانونية، ويفوّضون كافة مؤسسات الدولة الوطنية فى اتخاذ ما تراه مناسبا للحفاظ على الأمن القومى المصري، هكذا يؤكد مجدى عاشور، عضو مجلس النواب، والذى يضيف: «على الكل أن يعرف أن حدود مصر وسيادتها خط أحمر، ولن يسمح المصريون لأى أحد بتجاوز ذلك الحد، ولمن يزايد على الدور المصرى نقول: كفوا عن الكذب والتشويش والتشويه، فدعم الدولة المصرية للقضية واضح وضوح الشمس فى كبد السماء، ولا ينكره إلا مغرض أو حاقد أو كاذب، والتاريخ سجل ويسجل بالوقائع والبراهين ماذا فعلت مصر»، مُضيفًا: «نحن نثق أشد الثقة فى الوعى الشعبى فى مواجهة بعض الدعوات المغرضة للإضرار بالأمن القومى، إن الشعب على وعى كامل بالمخططات التى تستهدف ضرب استقرار الوطن والإضرار به لصالح أعدائه بشكل عام والدور المصرى تجاه القضية الفلسطينية بشكل خاص، علمًا بأن الموقف الرسمى والشعبى بدعم حماية أمن مصر القومى واضح لكل ذى بصيرة ويستهدف حماية شعبها وكذلك سلامة أراضيها». أضاف، أنه من المؤكد والضرورى الالتزام بالضوابط التنظيمية لزيارة المنطقة الحدودية المحاذية لقطاع غزة، لضمان أمن الوفود الزائرة نظرًا لدقة الأوضاع فى تلك المنطقة الحدودية منذ بداية الأزمة فى غزة، ولعل الرسالة الواردة فى بيان الخارجية المصرية منذ عدة أيام، أكدت أنه لن يتم النظر فى أى طلبات أو التجاوب مع أى دعوات ترد خارج الإطار المحدد بالضوابط التنظيمية والآلية المتبعة فى هذا الخصوص، وبالتالى من يريد تجاوز تلك الضوابط عليه علامات استفهام كثيرة ولماذا الإصرار على تجاوز القنوات الشرعية؟! أبواق الجماعة الإرهابية ولجانها الإلكترونية المأجورة تحاول بشتى الطرق خلق الأكاذيب وشن حملات ممنهجة بين الحين والآخر لزعزعة الاستقرار وخلق حالة من الاضطراب فى الشارع المصري، هكذا ترى الدكتورة ليلى أمين مرسي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، والتى تضيف: «لكن الشعب المصرى أصبح يعى ويعلم جيدًا ما يحاك من مؤامرات ضد استقراره ويواجه ويفند تلك الأكاذيب»، موضحة أن حملات لجان الإخوان الإلكترونية المدفوعة من قبل جهات بعينها ومحاولات التشكيك وتشويه صورة الدولة المصرية لن تتوقف طالما تواجدت هذه اللجان، ولكن هذه الأكاذيب والحملات المدفوعة لن تثنى القيادة السياسية المصرية عن استمرار دعم ومساندة الأشقاء فى فلسطين. ◄ الدعم المصري أضافت، أن مصر لم تتوان للحظة واحدة عن تقديم الدعم الإنسانى والإغاثى والأهم الدعم السياسى للفلسطينيين، وبرهنت مصر على أنها تحمل القضية الفلسطينية وبقية القضايا على كاهلها، ولم تغفل عن دورها الوطنى الواضح على مر العصور لنصرة القضية الفلسطينية ودعمها على كافة المستويات، وتقدم دعما غير مسبوق للقضية الفلسطينية، وتقف قيادة وشعبًا مع الشعب الفلسطينى الشقيق، سواء عبر المساعدات الإنسانية أو البرامج التنموية التى تهدف إلى تحسين ظروف الحياة فى الأراضى الفلسطينيةالمحتلة، ولم ولن تنجح أى محاولات من قبل دولة الاحتلال من النيل من دعم مصر للقضية الفلسطينية التى تعتبرها قضيتها الأولى. هناك شكوك كبيرة تجاه النوايا الحقيقية لمنظمى ما يُعرف ب«قافلة الصمود»، التى انطلقت من الأراضى التونسية متجهة إلى معبر رفح على الحدود المصرية، بدعوى دعم الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، وفقًا للدكتور محمود السعيد، نائب رئيس جامعة القاهرة للدراسات العليا والبحوث وأستاذ العلوم السياسية والإحصاء، والذى أوضح أنه رغم الشعارات الإنسانية والتضامنية التى أعلن عنها منظمو القافلة، إلا أن السياق الإقليمي والواقع السياسي يفرضان علينا النظر إلى مثل هذه التحركات بعين الحذر، خاصة إذا صدرت بشكل عشوائى وغير رسمى ومن جهات لها توجهات واضحة تجاه أمن مصر القومي، ولابد من التأكيد على أن دخول الأجانب إلى الأراضى المصرية، مهما كانت نواياهم أو خلفياتهم، يخضع لضوابط تنظيمية صارمة وإجراءات رسمية معلنة، لا يجوز تجاوزها أو الالتفاف عليها تحت أي مسمى، فالأمن القومى المصرى ليس ساحة مفتوحة للاجتهادات، ولا يمكن التهاون بشأنه، أيا كانت الأسباب، فحماية السيادة الوطنية هى أولوية قصوى للدولة المصرية، وأمر لا يخضع للمزايدة أو النقاش، وواجب وطنى مقدس.. وبعد انهيار عدد من القوى العربية الكبرى مثل العراق وسوريا واليمن وغيرهم، أصبحت مصر الدولة العربية القوية الوحيدة المتبقية التى تقف على أرض صلبة فى وجه المخططات الخارجية التى تستهدف زعزعة الاستقرار فى المنطقة.