بعد أحداث يونيو 67 فبدلًا من أن تضغط أمريكا على إسرائيل لتعيد الأرض التى احتلتها، اكتفت برعاية مبادرة «روجرز» دون التوصل إلى أى نتيجة، وجاء وزير الخارجية الأمريكى «هنرى كيسنجر» للقاهرة للمرة الأولى بعد انتصاراتنا فى أكتوبر 1973 وبالتحديد فى 6 نوفمبر وأجرى مفاوضات مع الرئيس أنور السادات كان نتيجتها وضع اتفاقية النقاط الست. تقضى الاتفاقية بالالتزام بوقف إطلاق النار والعودة لخطوط 22 أكتوبر ثم وصل كسينجر إلى أسوان فى 11 يناير1974 منتهجًا دبلوماسية المكوك بين «أسوان والقدس» والوصول إلى اتفاقية فك الاشتباك.. والتى فوجئ بها اللواء عبد الغنى الجمسى بوزير الخارجية الأمريكى يعلن موافقة السادات على تخفيض حجم القوات على الضفة الشرقيةبسيناء إلى 7 آلاف جندى و30 دبابة وعدد محدود من المدفعية مما أثار غضبه وقال لكسينجر: أنت تعطى إسرائيل كل ما يضمن تأمين قواتها وتحرمنا من كل ما يضمن تأمين قواتنا وأنا لا أوافق على ذلك.. ولا يمكن لأى رئيس أركان إيجاد مبرر لذلك. فرد كيسنجر: إننى أضع استراتيجية مستقبلية للسلام.. فقال الجمسى: أنا لا أتحدث عن السلام ولكن عن تأمين قواتنا.. وترك غرفة الاجتماعات بعد أن أغرورقت عيناه بالدموع واتجه إلى الحمام. شحب لون كيسنجر وظل يتمتم قائلًا: ما الخطأ الذى قلته.. واستدعى السادات الجمسى وقال له يجب ألا يكون حجم القوات عائقًا أمام فض الاشتباك؟ فرد الجمسى أن حجم القوات المقترح لا يحقق الدفاع عن الأرض التى حررتها قواتنا بمواجهة 100 كيلومتر، فيجب الاحتفاظ بفرقتين من المشاة مدعمتين بنحو 35 ألف مقاتل و300 دبابة وعدد كبير من قطع المدفعية.. ورد السادات عليك وضع الخطة المناسبة للدفاع عن شرق القناة بالقوات التى تم الاتفاق عليها!. وقال كيسنجر فى مباحثات أسوان للجمسى إن الإسرائيليين يخشونه أكثر من أى قائد عربى آخر لأنه صاحب موقف متصلب وذو طابع هادئ ودائم التفكير وحازم جدًا ولم يظهر أى استعداد لتقديم تنازل مهما كان صغيرًا والتخلى عن سنتيمتر واحد من الأراضى المصرية والاستجابة لأى لقتراحات لتغيير الحدود. انتهت حلقة جديدة من التفاوض بتوقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية وتحرير سيناء من العدوان والاحتفال فى 25 أبريل 1982 بخروج الاحتلال من كامل أرض الفيروز عدا طابا التى حررناها بعد معركة دبلوماسية فى مارس 1989.. وللحديث بقية.