كل عام وانتم بخير، هاهى أيام العيد تنقضى سريعًا. وأيام ويبدأ الحجيج رحلة العودة من أطهر البقاع بعد أن مَنّ الله عليهم بأداء فريضة الحج لمن استطاع إليه سبيلًا. استوقفنى ازدحام مصلى العيد بأشقائنا من السودان، بزيهم الأبيض الناصع والعمائم الجميلة التى أحتار فى كيفية ربطها على الرأس، سمعت نشيج «زول» سودانى كان على يمينى وهو يؤمن على دعاء الخطيب فى خطبة العيد، وهو يسأل الله أن يحفظ أهلنا فى السودان، ويعيد لهم الأمن والأمان، وينجيهم من ويل الاحتراب الأهلى، وعلى يسارى كان يصلى أحد الأشقاء اليمنيين الذين استقروا بمصر منذ عدة سنوات وهو يرتدى «المعوز» اليمنى المميز الذى يشبه التنورة، وبين ذراعيه طفله الذى ولد فى مصر، ولم يعرف شيئًا بعد عن وطن والده الذى كان سعيدًا، وأمام منى يجلس صديقى مازن السورى، رجل ستينى مثلى، وعن يمنه ويساره يتوزع أولاده وأحفاده، استقر فى مصر من 2013 م ورفض أن يعود إلى سوريا، حتى بعد التطورات الأخيرة، كل منهم كان له نصيب فى الدعاء بأن يحفظ الله الأوطان. ما أعظم نعمة الوطن، التى ألفناها، واعتبرناها تحصيل حاصل، ولكن انظر حولك، لتعرف أن أعظم النعم التى يمن بها الله على قوم هو أن يأمنوا فى أوطانهم على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم «وآمنهم من خوف»، «ادخلوها بسلام آمنين». أيام وتحتفل بمصر بثورة 30 يونيو التى صححت المسار، عندما خرج المصريون عن بكرة أبيهم إلى الشوارع ليقولوا كلمتهم، ويكلفوا جيشهم بقيادة ابنهم ومنقذهم وزير الدفاع، الذى استشعروا فيه أنه أهل للثقة، وقادر على تحمل الأمانة، وبروح المحارب الذى لا يولى ظهره يوم الزحف، وضع الرئيس عبد الفتاح السيسى، حياته على كفه، ولبىى نداء الوطن، وخاض معركة طويلة مريرة وصعبة ضد قوى الإرهاب، حتى ثبت أركان الدولة التى أصبحت واحة للأمن والأمان فى منطقة ملتهبة على مائدة اللئام، وها هى مصر تهوى إليها القلوب والأفئدة، وكل الباحثين عن الأمان فى زمن عز فيه الأمان، وأصبح التمسك بتراب الوطن جريمة وإرهابًا للغاصبين ! كل عام ونحن فى أمن وأمان . حفظ الله مصر .