وسط زخم الحياة الرقمية وتسارع العالم الافتراضي، يأتي فيلم «ريستارت» للنجم تامر حسني كرسالة فنية ذات بعد إنساني عميق، تذكرنا بالحاجة الملحة إلى التوقف، التفكير، وإعادة تشغيل أنفسنا من جديد، والعمل لا يكتفي بإضحاك الجمهور، بل يتسلّل إلى القلوب والعقول، يفتح حوارا صامتا حول علاقة الإنسان بالتكنولوجيا وأثرها على الأسرة والمجتمع. اقرا أيضأ|«ريستارت» لتامر حسني يحقق 6.7 مليون جنيه في يومين عرض فقط الفيلم.. ما بين الكوميديا والواقع المؤلم «ريستارت» ليس مجرد تجربة سينمائية جديدة لتامر حسني، بل هو مشروع فني وفكري يعكس رؤيته الشخصية للعالم الذي نعيشه، ويعبر عن قلقه من ظاهرة الإدمان الرقمي التي باتت تهدد العلاقات الإنسانية، وخاصة داخل الأسرة. وفي تصريحات خاصة لبوابة «أخبار اليوم»، كشفت نجم الجيل تامر حسني ،أن جذور الفيلم تعود إلى تأملات شخصية يمر بها بشكل يومي، إذ يرى أن السوشيال ميديا لم تعد وسيلة للتواصل فقط، بل أصبحت مقياسا مشوها لقيمة الإنسان، ومن هنا جاء العنوان المستوحى من عادته الشخصية في مراجعة الذات والقيام ب«إعادة تشغيل» داخلية لنفسه كل فترة. قصة فيلم "ريستارت".. كوميديا تلمس الواقع تدور أحداث فيلم ريستارت حول "محمد"، شاب يعمل كفني هواتف ومهندس بسيط، يعيش حياة متواضعة ويحلم بالزواج من "عفاف"، فتاة طموحة ومؤثرة على السوشيال ميديا، لكن حلم الزواج يصطدم بالعقبات المادية، فيقرر أن دخول عالم الإنترنت والشهرة لتحقيق طموحاتهم، بمساعدة عائلتهما الغريبة والمليئة بالشخصيات الكوميدية، وأحد الوكلاء الرقميين الغامضين المعروف ب"الجوكر"، ينطلقان في رحلة إلى النجومية، ومع تدفق النجاح والشهرة، تتغير ملامح حياتهما وتبدأ العائلة في فقدان قيمها ومبادئها التي كانت تجمعهم، فينعكس الضوء على الثمن الخفي للنجاح السريع. بطولة جماعية مليئة بالمفاجات فيلم ريستارت من بطولة النجم تامر حسني والنجمة هنا الزاهد، ويشاركهم في البطولة كل من: محمد ثروت، باسم سمرة، عصام السقا، ميمي جمال، أحمد عزيز، وأحمد علي، كما يشهد الفيلم ظهور عدد من ضيوف الشرف البارزين، على رأسهم: إلهام شاهين، محمد رجب، شيماء سيف، رانيا منصور، توانا الجوهري، بالإضافة إلى نجم الزمالك السابق أحمد حسام ميدو، الفيلم من تأليف أيمن بهجت قمر وإخراج سارة وفيق، ويعد واحدا من أبرز الأعمال الكوميدية التي تمزج بين الترفيه والرسائل الاجتماعية. رسالة ريستارت أكد الفنان تامر حسني أن ريستارت لا يقدم مجرد قصة عن السوشيال ميديا، بل يناقش كيف يمكن للضوء الرقمي أن يعمي الإنسان عن ذاته الحقيقية، من خلال مواقف كوميدية ذكية، يظهر الفيلم الواقع الذي نعيشه اليوم: هوس التصوير، البحث الدائم عن "اللايك"، والانفصال العاطفي عن العائلة رغم القرب الجسدي، ومع تصاعد الأحداث، يدرك محمد أنه فقد نفسه في زحام الشهرة، ويقرر استعادة توازنه والعودة إلى البساطة والصدق، ريستارت هو دعوة لإعادة تشغيل حياتنا من جديد، بعيون ترى الجوهر لا القناع. رسائل اجتماعية قوية داخل إطار خفيف أحد أبرز ما يميز «ريستارت» هو قدرته على تمرير رسائل عميقة داخل إطار فني بسيط وسلس،من خلال مواقف إنسانية مضحكة أحيانا، ومؤثرة في أحيان أخرى، يطرح الفيلم أسئلة حقيقية حول التربية في عصر الإنترنت، ومفهوم النجاح، ومعنى العلاقات الأسرية في زمن باتت فيه الشاشة تحتل كل الزوايا: هل لا زلنا نعرف ما يشاهده أطفالنا؟، هل نقضي وقتا كافيا معهم دون وسائط رقمية؟، هل نربيهم فعلا، أم نسلمهم للهواتف والأجهزة؟ الفيلم لا يقدم إجابات مباشرة، بل يوقظ هذه الأسئلة ويترك للجمهور مساحة واسعة للتفكير والتأمل. كواليس ريستارت وعلى الصعيد الفني، شاركت الفنانة هنا الزاهد في بطولة الفيلم، وقد عبر تامر حسني عن سعادته بالعمل معها، مشيدا بخفة ظلها وقدرتها على تقديم دور مميز ومختلف، كما ظهرت في الفيلم بصوتها ضمن إحدى الأغنيات، ما أضفى بعدا مختلفًا على الشخصية. أما المفاجأة الكبرى، فكانت مشاركة الفنان رضا البحراوى فى أغنية رئيسية بالفيلم،وقد أوضح تامر أنه كان يبحث عن صوت قوي وصادق ينقل الإحساس الشعبي الحقيقي، ولم يجد أفضل من البحراوي، الذي قدم أداءً لاقى إعجاب الجمهور. ومن الطرائف اللطيفة التي واكبت العرض الخاص، دخول فريق العمل بسيارة "تمناية" بسيطة، في مشهد استقبل بحفاوة من الحضور، وأراد تامر من خلاله تذكير الناس بأهمية البساطة والروح الحقيقية التي تحرك الفن. التنافس.. ولكن لمعاييره الخاصة رفض تامر حسني فكرة الانشغال بالمنافسة التقليدية في موسم السينما، مؤكدا أن هدفه الأول هو تقديم عمل صادق يحمل قيمة ويترك أثرا في نفوس الناس. كما شدد على أن النجاح الحقيقي بالنسبة له يتمثل في تفاعل الجمهور مع الفكرة والرسالة، لا في الأرقام أو شباك التذاكر. علاقات شخصية بصدق فني وفي رده على أسئلة الجمهور حول علاقته بطليقته بسمة بوسيل، شدد تامر على أنها ستبقى دائما شخصا مهما في حياته، كونها والدة أطفاله، وأن العلاقة بينهما مبنية على الاحترام والتقدير،ونفى شائعات العودة، مؤكدا في الوقت نفسه أن مكانتها ستظل مميزة. كما تحدث تامر عن النجاح الذي حققه ديو "ملكة جمال الكون" مع الفنان الشامي، مشيرا إلى أنه يراه صورة مصغرة من بداياته الفنية، وأنه اكتشف لاحقا وجود صلة قرابة بينهما من جهة الأم السورية، ما فسر إتقانه للهجة السورية التي أبدع بها في الأغنية، والتي تجاوزت مشاهداتها 6 ملايين خلال أيام. دعوة للعودة إلى الإنسان داخلنا يعد «ريستارت» أكثر من مجرد فيلم ناجح جماهيريا، فهو دعوة صريحة للعودة إلى الذات، إلى الإنسانية، إلى التواصل الحقيقي الذي فقدناه في ظل طغيان التكنولوجيا. الفيلم يحفز كل فرد على الضغط على زر "إعادة التشغيل" الداخلي، لبدء حياة جديدة أكثر توازنا وصدقا، قد لا نملك قدرة تغيير العالم الرقمي، لكننا دوما نملك القدرة على تغيير أنفسنا. محاولة فنية جادة ضلت طريقها من جانبه قال الكاتب والناقد الفني محمد عبد الرحمن زغلول، إن الفيلم رغم أنه يحمل فكرة جيدة تستحق التوقف عندها، فإن المشكلة ، كعادة أفلام تامر حسني الأخيرة، ليست في الفكرة، بل في التنفيذ، فالفيلم يطرح قضية شديدة الأهمية، وهي أثر التكنولوجيا والإدمان الرقمي على العلاقات الأسرية، وكيف تحول البيت الواحد إلى جزر منعزلة، كل فرد فيه غارق في شاشته، بعيد عن التواصل الحقيقي،هذه الظاهرة، برأيي، لم تعد مجرد مشكلة فردية، بل باتت تهدد السلم والترابط الاجتماعي، وهنا تأتي أهمية الفيلم كمحاولة فنية لطرح سؤال: كيف نعيد "تشغيل"حياتنا من جديد؟ واستطرد "زغلول" لكن للأسف، الطرح جاء سطحيا في مواضع كثيرة، وغلب عليه الوعظ المباشر أو التلميحات الكوميدية التي تفقد الفكرة عمقها، لا شك أن تامر فنان يتمتع بحضور قوي وجماهيرية واسعة، لكن الاعتماد على هذه الكاريزما وحدها لم يعد كافيا، ونصيحتي لتامر، وهو فنان كبير أكن له التقدير، أن يعود للعمل مع مخرجين وكتاب أصحاب رؤى حقيقية وتجارب فنية قوية، وأن يمنحهم حرية توجيهه فنيا، فالإبداع لا يأتي من سيطرة الفنان على كل التفاصيل، بل من حوار فني حقيقي بين عناصر العمل. واختتم محمد زغلول: في النهاية "ريستارت" خطوة في الاتجاه الصحيح من حيث الفكرة، لكنها كانت تحتاج لإعادة تشغيل على مستوى الكتابة والإخراج كي تتحول إلى عمل متكامل.