مازالت أرض المعجزات تذهلنا بأقسى تجارب الصبر.. بشكل لا يتخيله عقل ولا يستوعبه قلب.. الكلام يبدو مبالغًا بل ومتجاوزًا فى الوصف لكن ما وقع من فاجعة تندى لها القلوب وفزعت لها العيون من مشاهدها يؤكد أن أهل فلسطين ذوو بأس وتحمل شديدين وكأنهم جبلوا على مشاهد الدمار وسيول الدماء.. آلة القتل الإسرائيلية لم تتورع عن إنهاء حياة 9 أطفال أشقاء دفعة واحدة دون ذنب جنوه أو فرية ارتكبوها.. قسوة المشهد تكمن فى تقبل والدتهم الطبيبة آلاء النجار نبأ استشهادهم خلال تواجدها بالمستشفى تداوى آلام الجرحى ضحايا العدوان الإسرائيلى والحرب على غزة. فى الطبيعى عندما يفقد المرء عزيزًا عليه أو ابنًا له فإنه غالبًا يذهب وعيه ولا يدرى بما حوله لكننا شاهدنا كيف أن السيدة آلاء تحتضن أبناءها التسعة لآخر مرة وهم مخضبون بالدماء فى الأكفان قبل أن يرووا أرض فلسطين بدمائهم البريئة الطاهرة.. السيدة المكلومة وغيرها من أهل غزة مازالوا يعطون لنا أكبر الأمثال فى الصبر وأن الرجال والنساء هناك يفوقون بعضهم فى التحمل والصبر على فواجع ليس لها مثيل.. إنهم لديهم إصرار غريب على التضحية بمزيد من أطفالهم فى سبيل الوطن وكأن فلذات أكبادهم وقود تحرر أرض فلسطين. تلك الفاجعة مع غيرها تشكل تضحيات جسامًا تنوء بحملها الجبال لكنها تهون فى سبيل الصمود والتشبث بالأرض أمام غطرسة الاحتلال وكسر أنفه وجعله يجرجر أذيال الخيبة دون تحقيق أهدافه الخبيثة. على جانب آخر الجميع من خلف القنوات الإخبارية انخلعت قلوبهم وصدمت عيونهم من هول التفاصيل وأكاد أجزم أنهم فى قرارة أنفسهم قرروا أن ذلك لا يمكن أن يتحمله أى عقل بشرى!.. إننا فى كل مرة تثبت لنا الأحداث أن العدو خسيس بدرجة لا يمكن تصورها وأنه لا يلبث أن يرتكب أفدح الوقائع وأفظعها دون أدنى رادع أو تأنيب ضمير بينما العالم على أقصى اتساعه، أصم أذنيه وأغمض عينيه عن كل ما يرتكبه بنو صهيون ليمر مرور الكرام وكأن شيئا قاسيًا لم يحدث.