تطورات متسارعة تشهدها منظومة التعليم قبل الجامعى التى تضم 23 مليون طالب وطالبة، بصدور قرارات من مجلس الوزراء بتعديل بعض مواد قانون التعليم، نحتاج التعرف أكثر على نتائجها، والهدف من تعميم البوكلت على امتحانات الشهادة الإعدادية، والتأثير المباشر لتعديلات المرحلة الثانوية، وتفاصيل سد عجز المعلمين وتقليل كثافات الفصول، أسئلة كثيرة تضعنا أمام حقيقة أن التعليم ليس مسئولية جهة واحدة، ولكنه مسئولية مجتمعية متكاملة تحتاج وعى وشراكة وتماسك جميع أطراف المنظومة التعليمية، وفى القلب منها المجلس الأعلى للأمناء والآباء والمعلمين، الذى يتولى رئاسته عبد الرؤوف علام أحد خبراء التربية المرموقين، الذى اكتسب خبرته من معايشة يومية لآمال وطموحات الطالب والمعلم وولى الأمر فى تعليم أفضل، يحمل فى سيرته الذاتية عقودا من المشاركة فى عمليات تطوير التعليم، ليجيب عن أسئلتنا عن التطوير، مؤكدا أن الارتقاء بالعملية التعليمية يحتاج لتكاتف الجميع، ويرى أن محمد عبد اللطيف وزير المهام الصعبة، استطاع اقتحام أكبر 3 ملفات شائكة فى واقع التعليم المصرى محققا نجاحا كبيرا، فى تقليل الكثافات وسد عجز المعلمين وتطوير الثانوية العامة، ويرى أن الإجراءات الأخيرة لتطوير التعليم رهان رابح على مواكبة وظائف المستقبل. تعديلات الثانوية العامة تنهى أزمة الامتحان الواحد ● كيف ترى تعديلات قانون التعليم التى أعلنها مجلس الوزراء مؤخرا ؟ - تغيير قانون التعليم ضرورة ملحة، وحتى الآن نعمل بالقانون 139 لسنة 1981، ونحن فى عام 2025، لدينا متطلبات واحتياجات وأهداف مختلفة، خاصة فى المرحلة الثانوية التى تؤهل للجامعة، والتعديلات التى أعلنها مجلس الوزراء منحت الوزير صلاحية تحديد المسارات المطلوبة فى المرحلة الثانوية، والمواد التى تدرس فى كل مسار، والهدف الأسمى بالتعاون مع التعليم الجامعى هو خريج مؤهل لسوق العمل المحلى والإقليمى والدولى، وأرى أن التعديلات التى صدرت من مجلس الوزراء فى قانون التعليم تسعى لتحقيق هذه الأهداف بخريج يمتلك مواصفات وظائف المستقبل. ● حدث لغط خلال الأيام الماضية حول إلغاء الصف السادس الإبتدائى وتقليص الثانوية العامة لسنتين، ما الحقيقة ؟ - تعديلات قانون التعليم حسمت هذا الأمر تماما وحددت 12 عاما دراسيا للتعليم الأساسى منها 6 سنوات للتعليم الإبتدائى و3 إعدادى و3 ثانوى، وهو ما يقضى على شائعات إلغاء 6 ابتدائى أو تقليص عدد سنوات المرحلة الثانوية. ● ما رأيك فى تطبيق البوكلت على امتحانات الشهادة الإعدادية فى 18 محافظة ؟ - أتمنى تعميم الفكرة على جميع المحافظات ، لأنها أثبتت فاعلية كبيرة فى مواجهة الغش داخل اللجان عندما طبقت سابقا فى الثانوية العامة، وقرار تعميم الفكرة فى الشهادة الإعدادية صائب جدا، بعد أن طبقت بالفعل فى سنوات سابقة بمحافظتى بورسعيد والوادى الجديد وأتت ثمارها بمنع الغش. ● هل نجحت وزارة التربية والتعليم فعليا فى سد عجز المعلمين ؟ - خطوة جريئة من وزارة التربية والتعليم باقتحام هذا الملف قبل انطلاق العام الدراسى الحالى باتخاذ خطوات سريعة، بدأتها بالتعاقد مع المعلمين بالحصة، ورفع أجر الحصة إلى 50 جنيها، وتسريع تعيينات مسابقة ال 30 ألف معلم الذى أمر بها الرئيس عبد الفتاح السيسى، والتجربة ظهر لها عيوب ومميزات، العيوب كانت فردية فى بعض الإدارات القليلة نتيجة مثلا تأخر صرف المستحقات المالية بسبب اجراءات روتينية، أو الاستعانة بغير الأكفاء فى التدريس، لكن مميزات التجربة كانت أكبر، ونجحت الوزارة فى علاج الأخطاء الفردية، وسد نسبة كبيرة من العجز، وأثبتت الاجراءات فاعليتها، وأدركت وزارة التعليم أهمية معلمى الحصة، وهو ما نتج عنه مسابقة تعيينهم، ونحن كمجلس أعلى للأمناء سعدنا بهذه الخطوة التى أنصفت هؤلاء المعلمين الذين أثبتوا كفاءة فى العملية التعليمية. ● ما حجم تأثير قرار مد التقاعد للمعلمين الذين يخرجون للمعاش خلال العام الدراسى إلى نهايته ؟ - صائب جدا ويساعد على استقرار العملية التعليمية خلال العام الدراسى، وطبقا لبيانات نقابة المعلمين يخرج للمعاش بين 40 إلى 50 ألف معلم سنويا، ووجودهم حتى نهاية العام الدراسى فى أغسطس هو عامل استقرار وضمان عدم حدوث أى خلل فى أعمال التدريس أو الامتحانات. ● ما رأيك فى قرارات الوزير محمد عبد اللطيف لتطوير العملية التعليمية ؟ - أرى أن الوزير محمد عبد اللطيف هو وزير المهام الصعبة، استطاع اقتحام أكبر 3 مشكلات فى التعليم المصرى حيث نجح في تخفيض كثافات الفصول باستغلال الفراغات داخل كل مدرسة وهو ما وفر أكثر من 100 ألف فصل دراسى بسرعة دون تكاليف، وكان سابقا وزراء التعليم يتحججون بعدم وجود ميزانية كافية لبناء مدارس، كما نجح فى سد عجز المعلمين، وثالثا تطوير الثانوية العامة التى كانت تضم مواد كثيرة وحشوًا فى المناهج زائدا عن اللزوم، يمثل حملا ثقيلا على الطالب وولى الأمر. ● عودة الطالب للمدرسة هل تحقق بفعل تقليل الكثافات ؟ - ملف الكثافات داخل المدارس ظل مشكلة بلا حل حتى بداية العام الدراسى الحالى، واجراءات الوزير محمد عبد اللطيف باعادة تقييم ودراسة الفراغات داخل المدارس ساهمت بالفعل فى ايجاد حلول وأضاف هذا الاجراء 100 ألف فصل دراسى، وكان لدينا مدارس بها طلاب أكبر من طاقتها الاستيعابية، ويوجد بجانبها مدارس لديها فراغات متاحة، وتم إعادة توزيع الطلاب بما يحقق تقليل كثافات الفصول دون عناء لولى الأمر بالانتقال لمدرسة بعيدة، كل ذلك ساهم فى حل كبير لمشكلة الكثافات ، وأصبح أى فصل دراسى لايتجاوز 50 طالبا، بعد أن كانت لدينا مدارس وإدارات تعليمية كاملة فصولها فوق ال 120 طالبا ، كل ذلك ساهم بشكل مباشر فى عودة الطالب للحضور المنتظم فى المدرسة، وفعليا دون مبالغة لمسنا جميعا هذه النتائج الإيجابية مع العام الدراسى الحالى ، وحقيقة نسب الحضور تخطت 90% . ● ما أفضل القرارات التى ساهمت فى رفع نسب الحضور فى المدارس بخلاف تقليل الكثافات؟ - أرى أن من أفضل القرارات ، إعادة توزيع نصاب الحصص لكل مادة دراسية على سبيل المثال فى المرحلة الإبتدائية سابقا، كان يوجد 7 حصص أسبوعيا للطالب فى مادة اللغة العربية ، لا يتحقق على أرض الواقع، والحصة من 25 إلى 30 دقيقة، وما فعلته الوزارة العام الحالى بعد تخفيف عدد المواد ، جعلت الحصة من 45 إلى 50 دقيقة، و5 حصص للمادة، ولو أجرينا عملية حسابية نجد أن الفترة الزمنية لتدريس الحصة حاليا أكبر من السابق، وهو ما يمنح المعلم الفرصة الكافية لشرح المنهج، ومعرفة درجة استيعاب الطلاب للشرح وتسمح للمعلم باعادة الشرح فى حال طلب بعض الطلاب ذلك، بمعنى مختصر منحت المعلم الوقت الكافى للشرح والتفاعل مع الطلاب بالطريقة التى تحقق الهدف من العملية التعليمية . ● ما الفائدة المباشرة التى تعود على الطالب والمعلم وولى الأمر من تقليل كثافات الفصول ؟ - نتائجه كثيرة أولا المدرسة أصبحت بيئة صحية للطالب، واستيعاب أفضل للشرح، والمعلم أصبح يعمل بأريحية داخل الفصل، وولى الأمر أصبح يعتمد على المدرسة فى تعليم أبنائه أكثر من اللجوء للدروس الخصوصية فى كل المواد مثلما كان يفعل الكثير من أولياء الأمور سابقا بسبب عدم حضور أبنائهم للمدرسة. ● وبالنسبة للثانوية العامة ما رأيك فى الخطوات التى اتخذتها الوزارة لتطويرها ؟ - اقتحام ملف الثانوية العامة فى حد ذاته جرأة كبيرة من الوزير محمد عبد اللطيف وقرار صائب من الحكومة، وأزاح هما كبيرا عن كاهل الطالب والأسرة المصرية، بتقليل عدد المواد، وخلق مسارات تعليمية تناسب سوق العمل ووظائف المستقبل، وتعدد الفرص الامتحانية، بدلا من الامتحان الواحد الذى كان يمثل حياة أو موتا لطموحات الطالب، وبعد أن كانت الثانوية العامة فى شكلها القديم تمثل حائط المبكى الذى يقف أمامه المجتمع عاجزا عن تجاوزه بسبب كثرة مشاكله، واستطاعت التعديلات الجديدة إيجاد حلول لهذه المشاكل، والحراك فى تطوير الثانوية العامة بدأ العام الدراسى الحالى بتخفيف المواد، والطالب كان يدرس مواد كثيرة بلا قيمة مضافة لمهاراته، ولو قارنا المنظومة الجديدة للثانوية العامة بالشهادات الدولية، نجد توافقا كبيرا. ● ما النتائج المباشرة لتطوير الثانوية العامة ؟ - تقليل المواد الأساسية سوف يسمح بتدريسها أفضل ومنح الطالب الوقت الكافى لاستيعابها، ومسارات الثانوية العامة الجديدة تتوافق مع التعليم الجامعى، وتعدد الفرص الامتحانية سوف يمنح الطالب تجدد الأمل للحاق بحلمه فى دخول الكلية التى يريدها. ● ما تقييمك لتوجه الدولة بالتركيز على تدريس البرمجة والذكاء الاصطناعى وريادة الأعمال فى مراحل التعليم قبل الجامعى ؟ - الرئيس عبدالفتاح السيسى وجه فى أكثر من مناسبة بضرورة تأهيل أبنائنا لوظائف المستقبل، بالاتجاه للتوسع فى تدريس البرمجة والذكاء الاصطناعى وريادة الأعمال لأنها لغة العصر الذى نعيشه والمستقبل أيضا، واتساع سوق التكنولوجيا عالميا يؤكد صحة توجه الدولة لزيادة تعليم أبنائنا هذه المجالات، وأود أن أشير إلى النجاح الكبير لمدارس التكنولوجيا التطبيقية فى جذب الطلاب، لأنهم يتعلمون المهارات المطلوبة لسوق العمل بمشاركة المستثمرين، وأتمنى تحويل كل مدارس التعليم الفنى لمدارس تكنولوجيا تطبيقية، لأنها تقدم برامج دراسية ملائمة لسوق العمل وجودة خريجيها. ● البعض يتهم الذكاء الاصطناعى بمساعدة الطلاب على الغش، مارأيك ؟ - يجب أن نركز على تعليم الطلاب الاستخدام السليم للذكاء الاصطناعى ، والغش ظاهرة سلبية مواجهتها بالتوعية ، وليس بمهاجمة التكنولوجيا والتطور . ● ما تقييمك لزيارات الوزير الميدانية للمدارس العام الدراسى الحالى؟ - زيارات الوزير المكثفة للمدارس العام الحالى فى كل المحافظات كان لها تأثير إيجابى كبير، وضعت كل مدرسة فى أى إدارة داخل كل المحافظات فى حالة استنفار، لأنه لا أحد يعرف المكان المتوقع لزيارته، ونتيجة لذلك كان هناك التزام كبير بإجراءات سد العجز وتقليل الكثافات، بجانب الزيارات المكثفة لفرق المتابعة من الوزارة والمديريات والإدارات، وهو ما ساهم فى انضباط العملية التعليمية بشكل كبير، وسابقا كان الطلاب يرفعون شعار «فى مارس مفيش مدارس» ، وهو ما لم يحدث العام الدراسى الحالى، والطلاب انتظموا حتى نهاية العام الدراسى . ● كيف تتعامل مجالس الأمناء مع شكاوى الطلاب وأولياء الأمور ؟ - فى كل مدرسة يوجد مجلس أمناء، ويجب أن يكون على وفاق مع مدير المدرسة على هدف واحد هو أداء خدمة تعليمية جيدة والحفاظ على الاستقرار لصالح أولادنا داخل المدارس، ويتم تنظيم يوم فى كل مدرسة للاستماع لشكاوى أولياء الأمور.