انتهت الجولة الخامسة من المفاوضات الإيرانيةالأمريكية حول الملف النووي الإيراني في روما، برعاية سلطنة عمان، والتي استمرت قرابة 3 ساعات؛ وصفها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأنها كانت "جادة وبناءة ومعقدة"، وأنها مستمرة على مستوى الفرق الفنية، فيما لم يُعلن موعد الجولة المقبلة من المفاوضات. اقرأ أيضا: الخارجية الإيرانية تؤكد تمسكها بحقها في الطاقة النووية السلمية بالتزامن مع انعقاد المفاوضات الأمريكيةالإيرانية، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يستعد لحرب واسعة ومتعددة الجبهات بناء على نتائج مفاوضات الملف النووي مع إيران، وأنهت هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي تمرينا واسعا يحاكي شن حرب متعددة الجبهات، في حال فشل المفاوضات الأمريكية مع إيران حول الملف النووي. وقبل يومين، نشرت شبكة CNN الأمريكية تقريرا عن استعداد إسرائيل لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وذلك نقلا عن مصادر استخباراتية أمريكية. فيما توعدت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، بالرد الحازم على أي خطأ من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية، ونقلت وكالة "مهر" الإيرانية عن هيئة أركان الجيش الإيراني قولها إنَّ أي أذى تقوم به أمريكا في المنطقة سيؤدي إلى مصير مماثل لفيتنام وأفغانستان. ووسط التصعيد الأمريكي الإسرائيلي الإيراني، يُطرح السؤال حول سيناريوهات توجيه ضربة عسكرية إلى إيران بسبب ملفها النووي، وهل تندلع حرب شاملة بالمنطقة؟ بالنظر إلى الإمكانيات العسكرية الإسرائيلية فإنها لا تستطيع توجيه ضربة عسكرية بمفردها إلى إيران لأن المنشآت النووية الإيرانية ذات تحصينات عالية ومتواجدة في أعماق بعيدة أسفل الجبال وعمق الأرض ولا توجد قاذفات استراتيجية لدى إسرائيل وطائرات شحن جوي تمكنها من ضرب المنشآت النووية الإيرانية؛ وبالتالي لابد من معاونة الولاياتالمتحدة التي تمتلك هذه الإمكانيات، ولذا تأتي التهديدات الإسرائيلية المتواصلة ضد إيران بهدف الضغط على طهران لتقديم أكبر قدر من التنازل في المفاوضات الجارية مع واشنطن. كما أن إيران اليوم ليست إيران الثمانينات، وهي ليست سورياوالعراق اللتين تم إخراجهما من معادلة القوة في المنطقة، فهي باتت أقوى من ذي قبل، وتمتلك صواريخ باليستية بعيدة المدى وذات قدرات عالية تستطيع استهداف القواعد الأمريكية المتواجدة في المنطقة وخاصة في دول الخليج العربي وتركيا حيث توجد قرابة 52 قاعدة عسكرية أمريكية يتواجد بها 50,000 جندي أمريكي سيتحولون إلى أهداف سهلة لإيران، ولذا فالولاياتالمتحدة لن تراهن على سلامة 50 ألف جندي في المنطقه لديها. كما أن أذرع إيران في المنطقة وخاصة الحشد الشعبي في العراق والذي تصل أعداده إلى حوالي 180 ألف مقاتل، وكذلك حزب الله اللبناني الذي يمتلك صواريخ بعيدة المدى يستطيع ضرب العمق الإسرائيلي بها، أيضا الحوثيين في اليمن الذين يستطيعون تعطيل خطوط إمدادات النفط العالمية بسيطرتهم على البحر الأحمر ومضيف باب المندب وبحر العرب، وإيران التي تسيطر على مضيق هرمز الاستراتيجي في تجارة النفط العالمية، وبالتالي ارتفاع أسعار الطاقة عالميا إلى أضعاف وربما تعطل مصانع كثيرة حول العالم ما يفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية، وتكون الولاياتالمتحدة هي المتسببة فيها. وبحسب الخبراء، فإن توجيه ضربة عسكرية لإيران لن يقضي على البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، وبالتالي لن تحقق الضربة العسكرية أهدافها كاملة، وستستأنف إيران بناء المنشآت النووية، بل ستعلن امتلاكها لقنبلة نووية؛ ويكون لها المبرر لذلك لأنها تعرضت لضربة عسكرية وانتهاك لسيادتها، وفي المرة الثانية لا تستطيع تلك الدول توجيه ضربة عسكرية ثانية لإيران بعد امتلاكها قنبلة نووية، كما أن ترامب سوف يصبح الرئيس الأمريكي الذي استطاعت إيران امتلاك القنبلة النووية في عهده، وهو لا يريد أن يكتب له التاريخ ذلك، بل العكس يريد إظهار نفسه كصانع سلام في العالم. كذلك مواقف روسيا والصين عند أخذها في الحسبان فلن تدعما خروج إيران من معادلة القوة في المنطقة، إضافة إلى إمدادهما إيران بأنظمة دفاع جوي وطائرات حديثة ومنظومات حرب إلكترونية لصد أي هجوم أمريكي إسرائيلي محتمل، وهما بالتأكيد يدعمان حق إيران في تخصيب اليورانيوم بشكل سلمي. كما أن إيران من الناحية الجيوسياسية تعتبر حائط صد أمام التوسع الأمريكي في آسيا وبالتالي الحامي لحدود روسيا من ناحية تهديدات أمريكا والناتو القادمة من الخليج. أما بالنظر إلى حالة تخصيب اليورانيوم في إيران فإنها استطاعت الوصول بمستويات تخصيب لليورانيوم عالية تمكنها من صناعة قنبلة نووية، والمعلن أنها تخطت العتبة النووية بنسبة تخصيب 60% لليورانيوم واقتربت من نسبة 90% اللازمة لصناعة قنبلة نووية، وهناك تقارير تقول إنها بالفعل لديها يورانيوم مخصب يكفي لصناعة 6 قنابل نووية، فما يدري أمريكا وإسرائيل أنها بالفعل قد صنعت قنبلة نووية في مفاعل نووي لا يعلم العالم عنه شيئا. ولذا فإن التهديدات تأتي في سياق سياسة "العصا والجزرة" وسياسة "الترغيب والترهيب" وممارسة الضغوط القصوى على إيران للحصول على أكبر مكاسب في الاتفاق أو أكبر تنازلات منها في الاتفاق النووي المزمع عقده مقابل استثمارات أمريكية في السوق الإيراني. أخيرا فإن الولاياتالمتحدة تأخذ أمن حلفائها في الخليج وتركيا في الاعتبار قبل القيام بأي عمل عسكري ضد إيران، ولذا فإن قصف إيران سيعني بالتأكيد انزلاق المنطقة نحو حرب شاملة لا يعلم أحد تبعاتها ولا إلى أين ستنتهي.