في مشهد يتكرر يوميًا ويعكس تدهورًا متسارعًا في البنية التحتية، يواجه سكان منطقة حدائق الأهرام بمحافظة الجيزة أزمات معيشية متراكمة، وسط ما يصفونه ب"تجاهل تام" من الجهات المعنية، وكأن المنطقة خارجة عن نطاق الرقابة والمتابعة الحكومية. وتعد الانفجارات المتكررة في خطوط المياه الرئيسية أبرز تلك الأزمات، حيث تتسبب في غرق الشوارع وتعطيل حركة المرور لساعات، بينما تُهدر كميات كبيرة من المياه دون استجابة فورية من الجهات المختصة. وفي المقابل، يعاني السكان من انقطاع المياه النظيفة داخل منازلهم، ما يضاعف معاناتهم اليومية. لا تقتصر الأزمات على المياه، بل تمتد إلى الطرق الداخلية التي لم تشهد أي أعمال صيانة أو رصف منذ سنوات، مما حوّلها إلى ممرات ترابية مليئة بالحفر. ومع كل فصل شتاء، تتفاقم المشكلة نتيجة تراكم الأمطار، لتتحول الشوارع إلى بؤر للمياه الراكدة ومصدر دائم للحوادث وتعطّل السيارات، ما يزيد من الأعباء المادية والنفسية على السكان. الواقع البيئي في "حدائق الأهرام" لا يقل سوءًا، حيث تنتشر القمامة في معظم الشوارع نتيجة غياب واضح لدور شركات النظافة وعدم توافر صناديق جمع القمامة، ما يُنذر بكارثة بيئية وصحية، خصوصًا في ظل وجود مدارس ومنازل يسكنها كبار السن والأطفال، الذين قد يكونون الأكثر تأثرًا بهذه الأوضاع. ولعل أحد أخطر ما يواجهه الأهالي هو ضعف الإنارة العامة، حيث تتحول بعض الشوارع إلى مناطق مظلمة بالكامل بعد غروب الشمس، ما يخلق بيئة خصبة للجريمة ويُضاعف شعور السكان بعدم الأمان. وقد أبلغ بعض السكان عن حوادث تحرش وسرقة في مناطق بعينها، ما زاد من مخاوف العائلات على أبنائها وبناتها. وفي ظل هذه الأوضاع المتدهورة، يؤكد سكان "حدائق الأهرام" أنهم لا يطالبون بالرفاهية، بل بأبسط حقوقهم في خدمات أساسية وبيئة آدمية تضمن لهم حياة آمنة وكريمة. وناشد الأهالي اللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، والدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان، بالتدخل العاجل لمعالجة هذه الأزمات التي باتت تهدد استقرار المنطقة وسلامة ساكنيها. وطالب السكان بإجراء خطة عاجلة لصيانة خطوط المياه، ورصف الطرق الداخلية، وتوفير صناديق قمامة، وتحسين منظومة النظافة والإنارة، محذرين من أن تجاهل هذه المشكلات قد يؤدي إلى كارثة إنسانية وبيئية يصعب احتواؤها لاحقًا. تظل منطقة "حدائق الأهرام"، رغم كونها أحد أكبر التجمعات السكنية بمحافظة الجيزة، نموذجًا صارخًا لتهميش الأحياء السكنية الحديثة، التي تركها المسؤولون تواجه مصيرها وحدها، بينما تستمر معاناة السكان بين مياه مهدرة، وطرقات محفّرة، وشوارع بلا نور.