المتابعة المدققة للمستجدات والتطورات الجارية على الساحتين الإقليمية والدولية، فى ظل الأوضاع المشتعلة والمتفجرة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بصفة عامة، وقطاع غزة على وجه الخصوص، تشير بوضوح إلى القدر الكبير من الاهتزاز والخلل، الذى أصاب الضمير الإنسانى الجمعى للمجتمع الدولى حاليا ومنذ فترة ليست بالوجيزة. ذلك للأسف أصبح واقعا فى ظل الموقف بالغ السلبية، والعجز عن التحرك الإيجابى والفاعل من المجتمع الدولي، لوقف العدوان الإسرائيلى اللاإنسانى ضد شعبنا الفلسطينى فى غزة،..، وما أدى إليه هذا الموقف، من استمرار قوات العدوان والاحتلال الإسرائيلى من ارتكاب المزيد من جرائم القتل والدمار والإبادة ضد أهالى القطاع. وقد أصبح ذلك فجا وفاضحا بعد الموقف الأمريكى والأوروبي، الذى انحاز بصفة تامة للعدوان منذ لحظة بدايته واستمر حتى الآن فى مده بالسلاح والعتاد والصواريخ والقنابل لمواصلته. كما استمر فى الوقوف ضد معاقبة وإدانة إسرائيل على عدوانها، وحمايتها من الإدانة الواضحة بقرار من مجلس الأمن الدولي. وقد أدى ذلك العجز الدولى وتلك السلبية التى أصابت المجتمع الدولى بالإضافة إلى الانحياز الأمريكى الكامل، والانحياز الأوروبى بالتبعية لإسرائيل، إلى ازدياد وتيرة العنف والعدوان الإسرائيلي، وتصاعد الرغبة لديهم فى القتل والإبادة لكل الشعب الفلسطيني. ولكن على الرغم من ذلك كله، ورغم غرور القوة المسيطر على المحتل الإسرائيلي، ورغبته المعلنة فى القضاء على المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية، واتخاذه لحادثة «طوفان الأقصي» ذريعة وفرصة للخلاص من القضية وإبادة الشعب الفلسطينى بالكامل، لو أمكنه ذلك بالقتل أو التهجير القسرى أو بالموت جوعا،..، على الرغم من ذلك ورغمًا عن كل هذا، بقى الموقف المصرى ثابتًا فى دعمه ومساندته للشعب الفلسطيني، وإدانته القوية والواضحة للعدوان الإسرائيلي، وسعيه المستمر لحث المجتمع الدولى لاتخاذ موقف إيجابى لوقف العدوان الوحشى ووقف الجرائم اللاإنسانية. والواقع أن الموقف المصرى الثابت والمعلن والراسخ، هو فى حقيقته التعبير الصادق عن الرؤية المصرية، بوصفها حقيقة مؤكدة تؤمن بها مصر، انطلاقا من رؤيتها الشاملة للسلام، وإدراكها الواعى بأنه لا يمكن تحقيق هذا السلام، إلا بالتسوية الشاملة والعادلة والدائمة للقضية الفلسطينية تقوم على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس العربية.