من منا لا يشعر بالحنين للجذور، من منا لا ينتظر الأعياد والمناسبات السعيدة ليلتقى الأهل والأحباب.. ذكريات الطفولة، وحنين الماضى، اصدقاء الدراسة، صلة الأرحام، تجمعات القرية، عتاب المحبين، حكايات الكبار، سيرة الأجداد، دوار العيلة.. كنت محظوظا، بمجالسة العظماء، والتعلم منهم، عايشت عمنا الراحل شيخ النواب أحمد فخرى قنديل وشاهدت له مواقف جميلة، تحث على التقدير والمحبة، كان يتمتع بالحكمة وبعد النظر.. وفى بداية المرحلة الجامعية اواخر القرن الماضى، لازمت زعيم نواب الصعيد الراحل عبد الرحيم الغول، تعلقت به، كان نعم الأب والمعلم والخال والناصح الأمين.. أدخلنى دهاليز السياسة، رافقته سنوات طويلة حتى اللحظات الأخيرة من عمره، كان له كلمة شهيرة: عمدة القرية عندى افضل من المحافظ.. لم افهم الكثير من كلماته التى بلورتها خبرات اكثر من اربعين عاما تحت القبة ومناصب أخرى عديدة.. مرت الأيام سريعا حتى وصلت لمرحلة منتصف العمر، بل تجاوزتها قليلا، لتسترجع الذاكرة مخزون الكلمات والمواقف، لشخصيات عظيمة.. وما جعلني اكتب هذه الكلمات زيارة شخصية هامة فى مكتبى، لها تأثير فى حياتى احمل لها فى قلبى حبا، تحدثنا عن هموم واوجاع قريتى أولاد نجم بهجورة، التابعة لمركز نجع حمادي.. المؤسف من حديث طويل بيننا انه شكا لى مواقف البعض وتجاوزهم فى حق الكبار، وخلط الأمور.. أولاد نجم لمن يجهلها كلها ابناء عمومة، وبين غالبية عائلاتها نسبا وصهرا.. للأسف بعض الشباب وقع فريسة التسرع وقلة الفهم، واخرين كانو ضحية مخدر الشابو القاتل، ورجال الأمن لا يدخرو جهدا فى ملاحقة مروجى السموم بإشراف معالى الوزير المحنك محمود توفيق.. لكننا نحتاج إلى التوعية، وإعادة ضبط البوصلة الامنية فى القرية، من خلال تنشيط دور الوحدات المحلية والعمد، والمشايخ. ف"العمدة" هو رأس السلطة التنفيذية للقرية والمتحكم فى زمام أمورها، حيث يلجأ إليه الأهالى لحل الكثير من مشاكلهم سواء الخلاف على ملكية أراضى أو فض النزاعات العائلية، أو الخصومات الثأرية.. ومنصب العمدة معروف في معظم دول العالم إن لم يكن جميعها. وللتاريخ أقول: أن تسلسل العمدية فى أولاد نجم بدأ فى عام 1868 بتعيين جدنا العمدة يوسف ابو زيد كمبل والتى كانت وقتها اولاد نجم جميعا "عمدية" واحدة واستمر فيها نحو 21 عاما، ليخلفه ابن عمه أحمد قليعى ابو زيد كمبل بنجع العرب والذى استمر ايضا 4 دورات متتالية، لتؤول الى شقيقه سليمان قليعى ليستمر فترة بسيطة.. انتقلت العمدية بعده لعمنا حسن محمد قليعى وظل فيها دورتين وتوفى عن عمر يناهز 108 سنة.. فى الوقت الذى عادت العمدية لعمنا الراحل العمدة عثمان موسى كمبل، واستمر فيها 20 عاما من 1928- 1948، لتستمر بعد وفاته، حتى يتم انتخاب عمنا العمدة الطيب محمد دياب دورة واحدة من سنة 1950 الى 1955.. لتعود الى عمنا الراحل العمدة سيف النصر من 1960 وحتى 1962.. وتتوقف فترة ليتم انتخاب عمنا الراحل العمدة محمود محمد حسن ابو زيد كمبل فى عام 1974 حتى توفاه الله فى 1983 لتظل مقرا للعمدية حتى تعيين نجله الراحل العمدة كارم محمود عام 2005 وحتى وفاته عام 2014، وتستمر مقرا للعمدية وغرفة "السلاحليك" والغفراء حتى يومنا هذا، حتى ترشح شقيقه الأصغر إسماعيل محمود، شقيق اللواء. د. حسن محمود مساعد الوزير مدير امن سوهاج الأسبق، والذى يحظى بقبول شعبى فى القرية ويجيد التعاون مع رجال الشرطة.. وهناك فترات بين وفاة البعض كان يتم اسنادها بالوكالة لأقدم شيخ بلد - سنتحدث عنها لاحقا العمدية ليست حكرا على عائلة او فرد وليست وجاهة او منظرة، لكنها من اهم قواعد الإستقرار الأمنى فى القرى والنجوع.. نأمل ان نتآلف جميعا ونكون اكثر حبا وذكاء وحرصا بالتمسك بالود وصلة الرحم والعادات والتقاليد الجميلة التى تركها لنا الاباء والاجداد، فكلنا زائلون ولن تبقى إلا الكلمة الطيبة ومواقف الرجال. دمتم بخير