المطران أنطونيوس بشير.. من دوما إلى أمريكا مسيرة كنسية وفكرية تتوج بمتحف تخليدي    بعد رفع أسعار الوقود| اجتماع طارئ في أوبر وDiDi وinDrive لتحديد الزيادة الجديدة    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    أسعار الدواجن اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    سعر الفاكهة اليوم السبت 18 أكتوبر في أسواق المنيا    سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم 18-10- 2025    ارتفاعات في أسعار الخضروات بأسواق المنيا اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 وسط ضغط على بعض الأصناف    أكسيوس: ترامب رفض طلب زيلينسكي تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك    موعد مباراة الجونة والبنك الأهلي في دوري نايل والقنوات الناقلة    تشييع جثمان تلميذ الإسماعيلية ضحية زميله اليوم من مسجد المطافي    لحظات إقلاع مظلات الباراموتور في سماء الأقصر.. استمتع كأنك معاهم "فيديو"    ابنة جلال الشرقاوي تهاجم نقابة المهن التمثيلية.. لهذا السبب    ذات يوم.. 18 أكتوبر 2006.. وفاة الكاتب المفكر محمد عودة.. «الفقير» الذى اغتنى بلمة المريدين ومؤلفات ومواقف تحمل أمانة الكلمة وضميرا يقظا لم تخترقه أى إغراءات    تشكيل بيراميدز المتوقع أمام نهضة بركان في نهائي السوبر الأفريقي    الزمالك يواجه ديكيداها الصومالي في مستهل مشواره بالكونفدرالية الأفريقية    مواعيد مباريات اليوم السبت 18 أكتوبر والقنوات الناقلة    إسرائيل تؤكد التعرف على هوية رهينة أعيدت رفاته من غزة الجمعة    رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال بشأن قمة ترامب وبوتين يثير جدلًا واسعًا    أجواء خريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    اليوم.. الحكم على 37 متهما بقضية "خلية التجمع"    الجنائية الدولية ترفض طلب إسرائيل بإلغاء توقيف نتنياهو وجالانت    سعر طن الحديد اليوم السبت 18 اكتوبر2025 فى محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-10-2025 في محافظة قنا    تأثير انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل على صحة الأم والجنين وطرق العلاج    تعادل مثير بين سان جيرمان وستراسبورج في الدوري الفرنسي    ملحق المونديال يحسم ملامح معسكر الفراعنة    «القاهرة السينمائي» يستقبل عامه ال 46 محتفلا بالإنسان    ترامب يحث المحكمة العليا على السماح بنشر الحرس الوطني في شيكاغو    من صفحات التواصل للتخشيبة.. سقوط ضباط السوشيال في قبضة الداخلية    ترامب لا ينوي تقديم أسلحة طويلة المدى لأوكرانيا في الوقت الحالي    غرس أسنانه في رقبته، كلب ضال ينهش جسد طفل أثناء لهوه بالبحيرة    التصريح بدفن ضحايا حادث طريق شبرا بنها الحر بالقليوبية    تفكك أسري ومحتوى عنيف.. خبير تربوي يكشف عوامل الخطر وراء جرائم الأطفال    أمواج بشرية تملأ ساحة السيد البدوي للاستماع ل ياسين التهامي في الليلة الختامية (فيديو)    شلل حكومي يضرب أمريكا وخسائر بالمليارات    نجوى إبراهيم تتعرض لحادث في أمريكا وتجري عملية جراحية    المصري هيثم حسن يقود تشكيل ريال أوفييدو أمام إسبانيول في الليجا    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    إمام عاشور ينشر صورة ذبح العجل تعبيرًا عن الشكر والفضل    القطط فى مصر القديمة.. الرفاق الذين أصبحوا آلهة    ملوك الدولة الحديثة ذروة المجد الفرعونى    عمرو أديب: ما يحدث في مولد السيد البدوي غير مفهوم    شراكة استراتيجية لتعزيز التعاون الأمنى بين «القاهرة» و«نيودلهى»    ِشارك صحافة من وإلى المواطن    تراجع عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم السبت بالصاغة بعد الانخفاض الكبير    الآلاف فى ختام مولد السيد البدوى «شىء لله يا شيخ العرب»    «بمكونات سحرية».. تحضير شوربة العدس للاستمتاع ب أجواء شتوية ومناعة أقوي (الطريقة والخطوات)    استعد ل الشتاء بنظافة تامة.. الطريقة الصحيحة لغسيل البطاطين قبل قدوم البرد    «فطور بتاع المطاعم».. طريقة عمل الفول الإسكندراني بخطوات سهلة ونكهة لا تُنسى    تفاصيل ضبط طرفي مشاجرة داخل مقر أحد الأحزاب بالجيزة    مواقيت الصلاة فى أسيوط السبت 19102025    حمزة نمرة لبرنامج معكم: الفن بالنسبة لي تعبير عن إحساسي    أخبار 24 ساعة.. وزارة التضامن تطلق المرحلة الرابعة من تدريبات برنامج مودة    الإثنين، آخر مهلة لسداد اشتراكات المحامين حاملي كارنيه 2022    «الوطنية للانتخابات»: قاعدة بيانات محدثة للناخبين لتيسير عملية التصويت    ينافس نفسه.. على نور المرشح الوحيد بدائرة حلايب وشلاتين    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد الضويني: 40 ألف معلم.. هدية الرئيس السيسى للأزهر
في حوار خاص ل"اللواء الإسلامي"


د. محمد الضويني وكيل الأزهر:
وسائل حديثة لتطوير التعليم الأزهرى لمواكبة العصر
الفتاوى المتطرفة تشكل تهديدًا مباشرًا لوحدة المجتمع وأمنه الفكرى
نحتاج إلى صياغة المحتوى الدرامي بما يتفق مع أخلاق المجتمع
تصدينا لفوضى الإفتاء بأسلوب علمى للحفاظ على استقرار المجتمع
رؤية شاملة لاستيعاب الإقبال غير المسبوق على التعليم الأزهرى
الرواق أبرز مشروعات الأزهر لإحياء دوره التاريخى ومواجهة التطرف
التجديد ضرورة للحفاظ على حيوية الدين
حوار: عبدالهادي عباس - عامر نفادي
قليل من العلماء الذين تجتمع فيهم رهافة الإنسان، وذكاء العالم، وقوة الإداري؛ وهذه الثلاثة وغيرها كثير من الصفات الإنسانية العليا قد تشكلت فى هذا المحيّا الورع د. محمد الضويني.
يستقبلنا عند الباب ويودعنا إلى الباب، وكأنه كبير العائلة الذي يرفق بأبنائه ويأخذ بأيديهم إلى الطريق القويم.. تنسال الكلمات من فم د. الضويني فى ثقة الخبير وهدوء العالم النحرير، فكل كلمة وثيقة حب وخطة طريق لمستقبل الأزهر الشريف، وكل إجابة فى هذا الحوار دعوة لمزيد من العمل والاجتهاد لتلك الكوكبة المباركة للأزهر الشريف، وهو ما يطمئن الأمة الإسلامية إلى مستقبل هذه المؤسسة العريقة التي تقود الفكر الوسطي فى العالم الإسلامي كله.
فى هذا الحوار كثير من الأفكار والنقاشات الجادة حول أبرز القضايا المثارة على الساحة المصرية والإسلامية.. وإلى مزيد من التفاصيل فى هذا الحوار:
فضيلة وكيل الأزهر، بالإشارة إلى ما يُعرف إعلاميًا ب«فوضى الفتاوى» لا سيما في ظل ما رصده الأزهر الشريف من انتشار واسع للفتاوى غير المنضبطة المتداولة في المجتمع.. فما أبرز الجهود التي يبذلها الأزهر الشريف لمواجهة هذه الظاهرة؟
- لا شك أن ما يُعرف ب«فوضى الفتاوى» أصبح من الظواهر التي تستوجب وقفة جادة، خاصة في ظل ما رصده الأزهر الشريف من انتشار كبير للفتاوى غير المنضبطة، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو فى بعض المنابر الإعلامية، والتي تصدر غالبًا عن غير المتخصصين، متسببة في بلبلة فكرية وتشويش على المفاهيم الدينية الصحيحة، لا سيما في قضايا دقيقة مثل: المعاملات المالية، وأحكام الأسرة، والعلاقات الاجتماعية، وحقوق المرأة والطفل، فضلًا عن الفتاوى المتطرفة التي تستغل الدين لتبرير العنف أو التمييز، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا لوحدة المجتمع وأمنه الفكري، حيث تتطلب هذه الموضوعات اجتهادًا علميًا رصينًا، وفهمًا دقيقًا للنصوص الشرعية ومقاصدها، فضلًا عن الإلمام بالواقع ومتغيراته.
وقد تصدى الأزهر لهذه الظاهرة من خلال جهود متواصلة وممنهجة، في مقدمتها تعزيز دور مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، الذي يقدّم فتاوى مدروسة ودقيقة تصدر عن متخصصين مؤهلين، ملتزمين بمنهج أزهري وسطى يراعى مقاصد الشريعة ومستجدات العصر. كما يعمل على التصدى للفتاوى الشاذة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، ومتابعة ما يُنشر على الساحة من آراء دينية تُثير الجدل، والرد عليها بأسلوب علمي ومنهجي رصين.
فالفتوى ليست رأيًا شخصيا، بل مسئولية كبرى، لا يجوز أن يَتصدَّى لها غير المؤهلين، لأنها تُبنى عليها أحكام شرعية وأوضاع اجتماعية تمسّ حياة الناس في مختلف مناحيها، وهو ما يجعل ضبطها واجبًا دينيًا ومجتمعيًا في آنٍ واحد.
مسئولية عظيمة
كيف يمكن- من وجهة نظركم- تحقيق ضبط حقيقي للفتوى في الواقع المعاصر؟
- مسألة ضبط الفتوى تحتل موقعًا محوريًّا في الحفاظ على استقرار المجتمع وتماسكه، وهي مسئولية عظيمة لا تُترك للعشوائية أو الاجتهادات الفردية غير المؤهلة. وضبط الفتوى لا يتحقق إلا بتحقيق عدة شروط علمية ومنهجية ومؤسسية، تضمن أن تصدر الفتوى من أهل الاختصاص، في سياقها الصحيح، وبما يتفق مع مقاصد الشريعة ومصالح الناس المتجددة، دون إفراط أو تفريط، وأول عناصر الضبط تبدأ ب«ضبط المفتي نفسه»، إذ لا بد أن يكون عالمًا راسخًا، درس العلوم الشرعية دراسة معمقة، وعلى رأسها أصول الفقه، والفقه المقارن، ومقاصد الشريعة، وأن يكون ملمًّا بالواقع ومتابعًا لمستجداته؛ لأن الفتوى ليست مجرد نقل من الكتب، بل تنزيل للحكم الشرعي على الواقع، بفهم دقيق لمقاصد الدين وظروف الناس.
كما أن «الضبط المؤسسى للفتوى» ضرورة لا غنى عنها، إذ لا يكفى الاعتماد على الاجتهادات الفردية، بل لا بد من مؤسسات علمية موثوقة تتولى هذا الدور، تُناقِش القضايا الكبرى بروح جماعية في إطار من التشاور والتأنّي، وبعيدًا عن الأهواء والضغوط، مما يضمن صدور الفتوى بشكل منضبط ومدروس، يُراعي مقاصد الشريعة ومآلات الأحكام.
وكيف يواكب الأزهر الشريف المتغيرات المتسارعة في الواقع المعاصر، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بانتشار الفتاوى الشاذة على مواقع التواصل الاجتماعي؟
يسعى الأزهر الشريف دائما بناء على توجيهات، د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر إلى مواكبة المتغيرات المتسارعة في الواقع المعاصر من خلال أدوات مؤسسية وعلمية مدروسة، ويأتي في مقدمتها مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، وجهود مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، كما يضطلع مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء بدور مهم كجهات علمية مرجعية تتولى إصدار الفتاوى العامة المنضبطة، بما يراعي مقاصد الشريعة وظروف العصر.
وفي إطار خدمة الجمهور بشكل مباشر، تنتشر لجان الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية في مختلف محافظات الجمهورية والجامع الأزهر، حيث تستقبل المستفتيين وجهًا لوجه، وتقدّم لهم الفتاوى بعد فهم واقعهم وخصوصية أسئلتهم.
كما يولي الأزهر اهتمامًا كبيرًا بالإنتاج العلمي والتوعوي، ويحرص على التواجد الفعّال في الفعاليات الثقافية والدعوية الكبرى، مثل معرض القاهرة الدولي للكتاب، من خلال ركن الفتوى الذي يستقبل آلاف الزوار يوميًّا؛ وإدراكًا لأهمية وسائل التواصل الحديثة في الوصول إلى الجماهير، أطلق الأزهر الشريف عددًا من المنصات الرقمية على مواقع «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تيك توك»، و«تويتر (إكس)»، بهدف نقل الفتوى بلغة العصر، وبأسلوب مبسط يسهل على مختلف الفئات العمرية والثقافية فهمه والتفاعل معه.
رؤية شاملة
شهد التعليم الأزهري في مراحله الأساسية إقبالًا متزايدًا في السنوات الأخيرة، فهل وُضعت رؤية واضحة لاستيعاب هذا الإقبال غير المسبوق؟
نعم، شهد التعليم الأزهري في مراحله الأساسية إقبالًا متزايدًا خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يعكس ثقة المجتمع المصري في المنظومة التعليمية الأزهرية لما تتميز به من تكامل بين العلوم الشرعية والعلوم الحديثة. وقد تعامل الأزهر الشريف مع هذا الإقبال برؤية شاملة وخطوات مدروسة، تحت قيادة د. أحمد الطيب، ، استهدفت التوسع في إنشاء المعاهد الأزهرية بمختلف المحافظات، خاصة في المناطق النائية، لتقليل الكثافات الطلابية وتيسير وصول التعليم الأزهري لجميع الفئات.
كما تم تطوير البنية التحتية للمعاهد القائمة، واستحداث فصول دراسية جديدة، بما في ذلك فصول رياض الأطفال، لتوفير بيئة تعليمية متكاملة تستوعب الأعداد المتزايدة. وبالتوازي مع ذلك، حرص الأزهر على تأهيل المعلمين ورفع كفاءتهم من خلال برامج تدريبية متخصصة، والتوسع في إنشاء المعاهد النموذجية (عربي – لغات) لتلبية احتياجات الطلاب وتطلعات أولياء الأمور.
وشهدت العملية التعليمية طفرة ملحوظة في مجال التحول الرقمي، من خلال إدخال الوسائط التعليمية التفاعلية، وتفعيل المنصات الإلكترونية، وتوفير الشاشات الذكية وأجهزة الحاسب الآلي داخل المعاهد، مع تدريب المعلمين على استخدامها بكفاءة. وعلى الجانب التربوي والديني، أولى الأزهر اهتمامًا كبيرًا بدعم مكاتب تحفيظ القرآن الكريم وتفعيل المقارئ القرآنية على مستوى الجمهورية، في إطار حرصه على ترسيخ الهوية الدينية، وتقديم تعليم أزهري متوازن يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويحافظ على الثوابت وينفتح على مستجدات العصر.
مواكبة العصر
كيف تم تطوير مناهج الأزهر لتواكب روح العصر؟
تخضع مناهج الأزهر الشريف لعملية تطوير متواصلة، تهدف إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على الأصالة ومواكبة معطيات العصر، بما يواكب تطورات الواقع ويلبي احتياجات الطلاب المتغيرة. وقد شمل هذا التطوير تحديث المحتوى العلمي في المواد الشرعية والثقافية، مع إعادة صياغته بلغة واضحة وأسلوب مبسط يعزز مهارات الفهم والتحليل، ويشجع على التفكير النقدي بدلاً من الاعتماد على الحفظ والتلقين. كما أُدرجت موضوعات تمس واقع الطالب ومجتمعه، مثل: المواطنة، وحماية البيئة، والتنوع، وثقافة التعايش. ومن أبرز صور هذا التطوير إدخال مادة «الثقافة الإسلامية»، التي تهدف إلى ربط القيم الدينية بالقضايا المعاصرة، وترسيخ مفاهيم الوسطية والانفتاح والتسامح، في مواجهة التيارات الفكرية المتطرفة، مع التأكيد على دور الأزهر في نشر الفكر الوسطي المعتدل.
ولم يقتصر التطوير على المحتوى فقط، بل شمل أيضًا آليات عرض المادة العلمية وطرق الوصول إليها، من خلال تبنّي تقنيات التحول الرقمي والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية بهدف توفير بيئة تعليمية تفاعلية ومتطورة.
يعاني الأزهر من نقص في أعداد المعلمين، كيف تم التعامل مع هذه المشكلة؟
نعم، لا ننكر أن هناك عجزًا في أعداد المعلمين ببعض التخصصات، وهي إشكالية متراكمة نعاني منها منذ سنوات، لكننا بدأنا التعامل معها بشكل منهجي من خلال التنسيق مع الجهات المعنية، وفي مقدمتها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة. ونتوجه بخالص الشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسي على دعمه الكبير للأزهر الشريف، وموافقته الكريمة على تعيين 04 ألف معلم، يتم تعينهم على عدة مراحل، وقد بدأنا بالفعل التنسيق مع الجهاز المركزي لتنفيذ المرحلة الأولى التي تشمل تعيين 01 آلاف معلم، على أن يتم استكمال باقي العدد خلال المراحل التالية وفقًا للإجراءات المعتمدة.
وفي الوقت نفسه، اتخذنا عددًا من الإجراءات الموازية لسد العجز القائم حاليًا، من بينها الاستعانة بمعلمين بنظام «الحصة» لتغطية الاحتياجات العاجلة، إلى جانب تنفيذ برامج وأنشطة تدريبية مكثفة لرفع كفاءة المعلمين في الجوانب التربوية والتقنية، لا سيما ما يتعلق باستخدام التكنولوجيا في التعليم، من أبرزها المجلس الثقافي البريطاني، لتأهيل معلمي اللغة الإنجليزية والارتقاء بمستواهم المهني.
رسالة متجددة
هل تعتقد فضيلتكم أن توسع الأزهر في الكليات المدنية كان له تأثير على الدراسات الفقهية، وبالتالي على الرسالة الأساسية للأزهر الشريف؟
يمثل التوسع في الكليات المدنية داخل جامعة الأزهر امتدادًا طبيعيًا لرؤية الأزهر الشريف في الجمع بين علوم الدين وعلوم الحياة، في إطار رسالة متجددة تُراعي احتياجات المجتمع وتواكب تطورات العصر. فالأزهر، باعتباره مؤسسة تعليمية عالمية الجذور والامتداد، لم يكتفِ بتدريس العلوم الشرعية فقط، بل سعى إلى تقديم نموذج علمي متكامل، فأنشأ كليات مثل الطب، والهندسة، والإعلام، والزراعة، والتجارة، وغيرها، ليمنح طلابه وطالباته فرصًا أوسع للإسهام في بناء الوطن، دون أن يُفرّط في طابعه الأصيل أو في منظومته القيمية التي تشكل جوهر هويته.
ويُعد هذا التوجه ترجمة عملية لرؤية الأزهر في الانفتاح الواعي على متطلبات العصر، انطلاقًا من إيمانه بأن خدمة المجتمع لا تنحصر في الجانب الديني وحده، بل تمتد لتشمل مختلف المجالات الحيوية التي تُسهم في بناء الإنسان والنهوض بالأمة.
ما موقف الأزهر من قضايا التراث في مناهج التعليم الجامعي؟ وهل شهدت هذه المناهج عمليات تطوير حقيقية؟
يتعامل الأزهر مع التراث بوصفه مكونًا حيًّا من مكونات الفكر الإسلامي، لا كمجرد إرث تاريخي ساكن، بل كمرجعية علمية وثقافية تشكّل أساسًا للهوية الإسلامية ومرتكزًا للفهم الرشيد للدين. ولهذا، يحرص الأزهر على تدريس التراث بمنهج علمي يجمع بين التحليل والنقد، بهدف استخلاص القيم والأحكام التي لا تزال صالحة لواقعنا المعاصر. وفيما يتعلق بتحديث المناهج، شهدت مناهج الأزهر تطورًا مستمرًا، سواء على مستوى التعليم الجامعي أو ما قبله، حيث أُعيدت صياغة العديد من المقررات، وأُدخلت موضوعات حديثة تراعي تطورات الفكر الإنساني وتحديات العصر، دون المساس بأصالة المنهج الأزهري.
ويُعد هذا التحديث جزءًا من مشروع متكامل يسعى الأزهر من خلاله إلى تجديد الخطاب الديني من الداخل، عبر تأهيل الطلاب لفهم التراث في سياقه التاريخي والديني، وتمثيل الإسلام الوسطي المعتدل في مختلف المحافل العلمية والدعوية.
ادعاءات باطلة
بماذا يردّ الأزهر على من يدّعي أن مناهجه تتسم بالجمود ولا تتماشى مع روح العصر؟
بالطبع، نرفض هذا الادعاءات جملةً وتفصيلًا، إذ لا تعكس هذه الادعاءات الواقع الحقيقي لحركة التطوير والتحديث المتواصلة داخل المؤسسة على كل المستويات، فالقول بجمود المناهج لا يستند إلى أي دليل موضوعي، ويتناقض أيضًا مع ما يشهده الأزهر من حراك علمي وفكري دائم، فالأزهر لا يقف عند حدود التقليد أو التكرار، بل يعمل باستمرار على تطوير مناهجه لتواكب المستجدات المعرفية والتحديات الفكرية، مع الحفاظ على ثوابت الأمة وقيمها الأصيلة. ومن يروّجون لمثل هذه الادعاءات يتجاهلون الجهود الحثيثة التي تبذلها المؤسسة في تحديث المحتوى التعليمي وتطوير أساليب التدريس، والتي شملت إدخال مفاهيم ومقررات حديثة، وتدريب أعضاء هيئة التدريس على مناهج التفكير النقدي والتحليلي. وهو ما يُفنّد بوضوح الادعاءات التي تحاول النيل من مكانة هذه المؤسسة العريقة ودورها الحضاري المتجدد.
تعددية فكرية
كثيرون يعتقدون أن منهج الأزهر يقوم على التلقين فقط، ولا يتيح مساحة للحوار أو اختلاف الرؤى.. ما تعليقكم على ذلك؟
هذا التصور لا يعكس الواقع الحقيقي لطبيعة التعليم الأزهري، ولا يُنصف المنهج الذي تتبناه المؤسسة، فالأزهر، منذ نشأته، قام على التعددية الفكرية والانفتاح على مختلف المذاهب والمدارس الإسلامية، ويُدرّس الفقه المقارن، ويُدرَّب طلابه على مناقشة الآراء ومقارنتها، والرجوع إلى الأدلة في ترجيح ما يثبت أمام المنهج العلمي. ولا يقتصر التعليم الأزهري على التلقين أو الحفظ، بل يجمع بين النقل والعقل، ويشجع الطلاب على التفكير والتحليل. والطالب الأزهري يُربّى على التفاعل الواعي مع التعدد والاختلاف، ويُدرَّب على احترام الرأي الآخر، والتعامل مع الخلاف الفقهي والفكري بوصفه ظاهرة طبيعية في الفكر الإسلامي. وهذا التكوين العلمي لا يقتصر على المعلومات، بل يشمل بناء شخصية قادرة على التفكير النقدي، والتمييز بين الأقوال، والموازنة بين الحجج، مع تعزيز الانفتاح والحوار.
دور تاريخى
ما أهم القضايا التي يستهدفها الرواق الأزهري، والإنجازات التي حققها منذ انطلاقته الأولى؟
يمثّل «الرواق الأزهري» أحد أبرز مشروعات الأزهر الشريف في العقد الأخير، وجاء إطلاقه بتوجيه من د. أحمد الطيب شيخ الأزهر، بهدف إحياء الدور التاريخي للأروقة داخل الجامع الأزهر، وتفعيل رسالته في نشر العلم الشرعي الوسطي ومواجهة الانحرافات الفكرية. ويستهدف «الرواق الأزهري» بشكل مباشر عددًا من القضايا المحورية.
وقد حقق «الرواق الأزهري» منذ انطلاقته إنجازات ملموسة، تمثلت في تنظيم مئات الدورات العلمية التي استفاد منها الآلاف من الطلاب والباحثين، مصريين ووافدين، إلى جانب إقامة برامج متخصصة للرد على الشبهات، وإعداد الكوادر العلمية المؤهلة لخدمة الدعوة داخل مصر وخارجها.
ما مدى اهتمام الأزهر بحفظة القرآن الكريم وجهوده في ذلك الشأن؟
يحظى حفظة القرآن الكريم بعناية خاصة واهتمام كبير من الأزهر الشريف، وتنفيذاً لتوجيهات أ.د أحمد الطيب، حرص الأزهر على الارتقاء بمنظومة تحفيظ القرآن الكريم، خاصة عبر القطاعات المعنية بهذا الشأن، من خلال إطلاق مسابقات سنوية مثل «مسابقة الإمام الأكبر للقرآن الكريم»، التي شهدت إقبالًا واسعًا من الطلاب داخل مصر وخارجها، مما يعكس نجاح جهود الأزهر في غرس حب كتاب الله في نفوس النشء.
وقد أثمرت هذه الجهود المتواصلة في تحفيظ القرآن الكريم ورعاية حفّاظه عن بروز نماذج متميزة من طلاب الأزهر، من أبرزها القارئ محمد أحمد حسن، الطالب بمعهد أبي قير الثانوي الأزهري، وأحد أصحاب البصيرة، الذي تقدَّم لإمامة المصلين في صلاة التراويح بالجامع الأزهر خلال شهر رمضان الماضي، في مشهد يجسّد صورة مشرّفة لما تُنتجه منظومة التعليم الأزهري من نماذج قرآنية وعلمية راسخة.
تجديد الخطاب
قطع الأزهر الشريف، بمؤسساته وعلمائه ومناهجه، شوطًا كبيرًا في تجديد الخطاب الديني.. كيف تقيّمون هذه الجهود؟
بالفعل، يقطع الأزهر الشريف بجميع قطاعاته شوطًا مهمًّا في تجديد الخطاب الديني، انطلاقًا من إيمانه العميق بضرورة التجديد كوسيلة للحفاظ على حيوية الدين وصلاحيته لكل زمان ومكان. وقد اتخذ الأزهر في ذلك مسارًا علميًّا منضبطًا يوازن بين صون الثوابت الشرعية والتراث الأصيل، وبين الانفتاح على متغيرات الواقع ومستجدات العصر. فالتجديد في رؤية الأزهر لا يعني المساس بالنصوص القطعية أو الأحكام الثابتة، وإنما يقوم على تطوير آليات الفهم والتفسير، وتقديم النصوص في إطار مقاصدي يراعي الظروف الاجتماعية والثقافية المعاصرة. ومن ثم، فإن ما قام به الأزهر خلال السنوات الماضية يُعد نموذجًا رائدًا لتجديد واعٍ يحترم الأصول ويستجيب للحاضر دون تفريط أو إفراط. وهو ما جعل من الأزهر مرجعيةً رئيسة في قضايا التجديد، ومصدرًا للثقة في الداخل والخارج.
تأثيرات سلبية
أثارت بعض المسلسلات الدرامية الأخيرة جدلًا واسعًا بسبب ما تضمنته من مشاهد غير لائقة، وهو ما دفع الرئيس السيسي إلى توجيه الدعوة للحد من هذه الظاهرة.. بماذا تنصح المنتجين وصُنّاع الدراما في هذا السياق؟
كانت توجيهات الرئيس السيسي بشأن إعادة صياغة محتوى الدراما المصرية توجيهات بالغة الحكمة، تعكس وعي الدولة المصرية بخطورة التأثيرات السلبية التي قد تتركها بعض الأعمال الفنية على القيم المجتمعية. وهذا يُثبت أن الأزهر الشريف ليس وحده في مواجهة هذا الطوفان الثقافي الدخيل على هويتنا وأخلاقنا، بل إن صانع القرار يراقب ويتفاعل مع هذه الظواهر.
وفي هذا السياق، يجب على المؤسسات المعنية بالثقافة والإعلام والتربية أن تتكاتف لبناء جبهة ثقافية موحدة، تواجه محاولات الغزو الفكري الذي يسعى لتطبيع السلوكيات المشوهة تحت ستار «الحرية»، وذلك من خلال تبني إستراتيجية وطنية شاملة تراعي الخصوصية الأخلاقية والاجتماعية للمجتمع المصري والعربي. كما أن العودة إلى روح الدراما المصرية الأصيلة التي كانت تزرع القيم وتنير العقول وتخاطب وعي المشاهد باحترام، هي السبيل إلى استعادة الفن لدوره الريادي والتربوي. وليتذكر صُنّاع الدراما دائمًا أن ما يُقدَّم اليوم من محتوى سيترك أثره العميق في وجدان أجيال الغد، فإما أن يكون لبنة بناء، أو أداة هدم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.