توصلت الهندوباكستان، القوتان النوويتان المتنافستان في جنوب آسيا، إلى اتفاق وقف إطلاق النار بعد 4 أيام من تبادل الضربات الجوية والصواريخ والطائرات المسيرة. وقد نال هذا الاتفاق ترحيباً دولياً واسعاً، حيث أشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ب"الحس السليم والذكاء الكبير" الذي أبداه الطرفان، بينما وصف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الهدنة بأنها "مرحب بها بشدة". وفي السياق ذاته، رحب وزير الخارجية بدر عبد العاطي بإعلان الهندوباكستان وقف إطلاق النار، مؤكداً دعم مصر الكامل لهذه الخطوة الهامة وإعلاء لغة الحوار، مشيداً بهذا القرار الحكيم من الجانبين والذي يسهم في خفض التصعيد وتحقيق التهدئة، ويدعم الأمن والاستقرار في منطقة جنوب آسيا. اقرأ أيضًا | وزيرا خارجية الهندوباكستان: نقدر موقف مصر الداعم لتحقيق الأمن والاستقرار مخاوف من هشاشة الهدنة رغم الإعلان الرسمي عن الهدنة، كشفت صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية عن وجود بوادر قلق في الساعات الأولى التي أعقبت سريان وقف إطلاق النار، إذ وردت تقارير مقلقة عن وقوع انفجارات في سريناجار وجامو في الجزء الهندي من كشمير، تبعها انقطاع للتيار الكهربائي في المدينتين، دون معرفة سبب هذه الانفجارات على وجه التحديد. كما استمر القصف عبر خط السيطرة المتنازع عليه، ورُصدت طائرة مسيرة فوق مدينة بيشاورالباكستانية الشمالية الغربية مساء يوم السبت، مما دفع السلطات إلى تفعيل نظام الدفاع الجوي، بحسب شهادات السكان المحليين. استراتيجية الأطراف على الرغم من هذه التطورات، كانت اللغة التي استخدمها الطرفان للإعلان عن الهدنة واضحة بشأن الرغبة الحقيقية في وقف الأعمال العدائية، وقبل الإعلان، استخدم كلا البلدين لغة تصالحية للإشارة إلى محاولتهما تجنب التصعيد وإظهار أن فترة المواجهات استوفت أغراضها لإرضاء الكبرياء الوطني. أوضحت "ذا تليجراف"، أن البلدين يتمتعان بخبرة واسعة في إدارة المواجهات عالية المخاطر، حيث كان كل منهما يبحث عن فرصة لوقف الصراع مع الحفاظ على هيبته، إذ صرحت باكستان يوم السبت بأنها قدمت "رداً مناسباً" على الهند، وأبدت استعدادها للتراجع إذا بادلتها الهند نفس الموقف. من جانبها، أكدت القوات المسلحة الهندية أنها حيّدت هجمات باكستان وأنها ملتزمة ب"عدم التصعيد" في حال تبادلت باكستان نفس الالتزام. يقول مانوج جوشي، الباحث في مؤسسة أوبزرفر فاونديشن، كما نقلت عنه الصحيفة البريطانية: "سيدعي كلا الجانبين الانتصار الآن أمام جمهورهما، وسيكون من الصعب معرفة الحقيقة." آفاق المستقبل أوضح بول ستانيلاند، خبير جنوب آسيا وأستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو، لوكالة أسوشييتد برس أن وقف إطلاق النار يمثل "إشارة واضحة للتهدئة ونأمل أن ينهي القتال المباشر في المستقبل القريب". وأضاف أنه "من الناحية المثالية، سيؤدي هذا إلى فترة جديدة من الاستقرار والهدوء النسبي في المنطقة"، مشيراً إلى أن "وقف إطلاق النار قد يصمد لأن البلدين دخلا في منطقة محفوفة بالمخاطر ومكلفة لن يكونا على الأرجح في عجلة من أمرهما لزيارتها مرة أخرى بسرعة." اقرأ أيضًا | باكستان - الهند.. حرب مفتوحة على كل السيناريوهات جذر الأزمة والتهديد الأكبر للهدنة تظل التوترات والنزاعات التي أوصلت البلدين إلى حافة الهاوية قائمة، ومن المرجح أن يكون أكبر تهديد لوقف إطلاق النار هو قضية كشمير نفسها، التي تسببت في المواجهة الأخيرة، إذ شنت الهند ضربات جوية في السابع من مايو، بعد اتهام باكستان بهجوم أودى بحياة 26 سائحاً في الجزء الهندي من كشمير. وتلوم دلهي باكستان على تأجيج الازمات في الإقليم المتنازع عليه، بينما تنفي إسلام آباد أي تورط في الهجوم وتصر على أن التمرد محلي المنشأ. ليست ضربات الأسبوع الماضي هي المرة الأولى التي ترد فيها الهند بعد إلقاء اللوم على باكستان في هجمات، وإذا وقع هجوم آخر، ستتعرض الهند لضغوط محلية شديدة لمعاقبة جارتها مرة أخرى، وحتى مع وضع اللمسات الأخيرة على الهدنة، أوضح مسؤولون هنود لصحيفة "تايمز أوف إنديا" أن هجوماً آخر سيكون بمثابة خط أحمر وسيعتبر "فعل حرب" و"سيتم الرد عليه وفقاً لذلك".