بسبب الحصار الإسرائيلى لقطاع غزة منذ أكثر من شهرين يعانى القطاع حاليًا واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية فى العصر الحديث، حيث تجاوزت مأساة الجوع فى القطاع حدود التحمل ونتيجة لها الوضع الكارثى يموت أطفال غزة جوعًا وتواجه الغالبية من سكان القطاع نقصًا حادًا فى الغذاء والماء فى ظل إغلاق كامل وتعمد اسرائيلى واضح لتجويع السكان لدفعهم إلى الهجرة. فمنذ أن خرقت إسرائيل وقف إطلاق النار فى 18 مارس الماضى وأحكمت حصارها، ومنعت دخول المواد الغذائية والمساعدات الأساسية عن 2.1 مليون فلسطينى فى غزة، ومع إعلان برنامج الأغذية العالمى ووكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» مؤخرًا عن نفاد مخزونهما من الدقيق والمواد الغذائية، يزداد خطر المجاعة على نطاق واسع. فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة فى حدوث كارثة حقيقية للزراعة والثروة الحيوانية والسمكية فى غزة. كما تضررت أيضًا البنية التحتية للمياه والرى، ولم يكتفِ الاحتلال بذلك، بل قام باستهداف 37 مركزًا لتوزيع المساعدات الغذائية و26 تكية لتوزيع وجبات الطعام والعديد من شاحنات المساعدات المحملة بالمواد الغذائية، ونتيجة لحالة المجاعة وسوء التغذية، وثّق القطاع الصحى 57 حالة وفاة «منها 53 طفلًا» مرتبطة بحالة التجويع وعدم إدخال حليب الأطفال، ومستويات مرتفعة من سوء التغذية لدى الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات وكبار السن وذوى الإعاقة. جميع الأعراف الدولية تصف تجويع السكان بجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وقد أكدت المحكمة الجنائية الدولية فى لائحة اتهاماتها أن تجويع المدنيين يعاقب عليه ضمن جرائم الحرب. رغم ذلك يمعن الاحتلال فى استخدام الجوع كسلاح لتهجير المدنيين الفلسطينيين وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.. ومع توجه جيش الاحتلال لتوسيع العمليات العسكرية واحتلال مزيد من أراضى غزة تتزايد المخاوف من تجدد وتفاقم معاناة النازحين بسبب الوضع الإنسانى المعقد الذى خلّفه الحصار الشديد على القطاع الذى يواجه كارثة مجاعة كاملة قد تتجاوز مجاعات الصومال واليمن وجنوب السودان، حيث يخلو القطاع من أى مناطق آمنة غذائيا، ومن المتوقع أن يتم إعلان قطاع غزة فى أى لحظة فى حالة كارثة مجاعة، وهو ما جعل فيليب لازارينى مفوض الأونروا يقول إن «الإنسانية فى غزة تمر بأحلك ساعاتها»، فالوقت ليس فى صالح ضحايا هذه الكارثة، والعالم مطالب بالتحرك الآن قبل فوات الأوان.